على المنتقدين المستائين من وزير الخارجية الأميركية مايك بومبيو بسبب قوله إن الله ربما وضع دونالد ترامب في السلطة من أجل حماية إسرائيل من إيران أن يخطوا خطوة إلى الوراء وينظروا إلى الصورة الكبيرة. فبومبيو كان يجيب عن سؤال على «شبكة الإذاعة المسيحية»، وجوابه كان دبلوماسياً جداً في الواقع: «كمسيحي، أؤمن بكل تأكيد بأن ذلك ممكن».
وعندما يتعلق الأمر بأسئلة دينية، تُعد الأجوبة مسألة ذوق وإيمان، فربما وضع الله الرئيس ترامب في السلطة من أجل إنقاذ اليهود أو ربما ترامب فخ لبني إسرائيل، ومضلل للأشخاص الذين سيستدرجون دولة إسرائيل الحديثة إلى مسار خطير لعمل مذنب ومدمر للذات – مثل ضم أجزاء من الضفة الغربية.
وربما سيكون من الأنفع والأجدى من الناحية البراغماتية طرح السؤال حول ما إن كانت ثمة أسباب غير دينية مقنعة للسياسة التي ينتهجها ترامب تجاه إسرائيل. فما الذي ستجنيه الولايات المتحدة من فائدة من إعلان ترامب الخميس أنه يريد من الولايات المتحدة أن تتعامل مع ضم إسرائيل لمرتفعات الجولان كحقيقة موجودة على أرض الواقع، وليس مسألة ستُحل في مفاوضات سلام نهائية في المنطقة؟
لاحظ أن السؤال الأساسي هنا ليس هو ما إن كان اعتراف ترامب بضم إسرائيل للجولان بحكم الفعل أمراً جيداً لإسرائيل. أما بالنسبة للأميركيين، فإن السؤال المناسب ينبغي أن يكون ما إن كانت هذه السياسة جيدة للولايات المتحدة. والواقع أنني أستطيع أن أفكر في سببين محتملين لإعلان ترامب الآن وقد باتت الجولان جزءاً من إسرائيل بشكل دائم. الأول هو أن ترامب يحاول مساعدة رئيس الوزراء الإسرائيلي نتنياهو على إعادة الانتخاب بسرعة. ومبدئياً، قد يكون في مصلحة الولايات المتحدة أحياناً فوزُ سياسي معين في الانتخابات التي تجرى في بلد أجنبي. غير أنه لا يوجد أي سبب للاعتقاد بأن أقوى منافسي نتنياهو، الجنرال المتقاعد الوسطي بيني غانتس، سيكون أقل موالاة لأميركا من نتنياهو، أو أقل رغبة في التعامل مع إدارة ترامب.
جانتس سيكون أكثر رغبة من نتنياهو في التعاون ضمن جهود إدارة ترامب الرامية لإيجاد حل جديد للنزاع الإسرائيلي- الفلسطيني. كما أن هامش تحرك نتنياهو سيكون أقل بسبب شركائه اليمينيين في الائتلاف الحكومي. وبالمقابل، سيكون لدى جانتس، إن كُتب له تشكيل الحكومة، ائتلاف أوسع يمتد إلى اليسار.
ثم إن هناك أيضاً احتمال أن يخسر نتنياهو، أو أن يفوز ثم يضطر للاستقالة في حال لم توجه له تهم فساد فحسب وإنما أُدين بالفعل وأُرسل للسجن. وقتها سيضطر ترامب للتعامل مع غانتس أو سياسي آخر خطا ترامب خطوات من أجل هزمه. وبالتالي، فإن الدفع في اتجاه إعادة انتخاب نتنياهو ليس في مصلحة الولايات المتحدة.
أما السبب المحتمل الآخر لإعلان ترامب بخصوص الجولان، فهو أن إدارته ما زالت تحاول البعث برسالة إلى الفلسطينيين مفادها أنهم إذا لم يأتوا إلى الطاولة من أجل التفاوض، فإنه سيسمح لليمين الإسرائيلي ضمنياً بضم أجزاء من الضفة الغربية ذات الكثافة السكانية العالية.
وحتى إذا كان القصد من الإعلان بشأن الجولان هو إرسال رسالة إلى الفلسطينيين، فإنه لا يوجد سبب للاعتقاد بأن الفلسطينيين سيردون على ذلك بالتفاوض. فبعد نقل السفارة الأميركية من تل أبيب إلى القدس، لم يرد الفلسطينيون على ذلك بالاعتراف بضعفهم واختيار التفاوض.
بل إن الفلسطينيين فعلوا العكس، إذ قطعوا كل اتصالاتهم مع إدارة ترامب. ورغم ضعفهم، بقيت لدى الفلسطينيين ورقة واحدة فقط ليلعبوها: رفض لعب لعبة المفاوضات كلياً. وبالتالي، فإن استراتيجية دفعهم للتفاوض عبر عزلهم يبدو أنها فشلت منذ بعض الوقت.
ثم إنه إذا كان تصريح ترامب لم يخدم مصالح الولايات المتحدة، فإنه يأتي مع كلفة بالفعل. ذلك أن الاعتراف بضم أراض محتلة يتناقض مع السياسات التي تتبعها الولايات المتحدة عبر العالم، ناهيك عن المبادئ الأساسية للقانون الدولي.
تلك الكلفة ليست دينية، بل واقعية وملموسة. وعلى الرؤساء الأميركيين تجنب فرضها على المصالح الأميركية!
ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس»
وعندما يتعلق الأمر بأسئلة دينية، تُعد الأجوبة مسألة ذوق وإيمان، فربما وضع الله الرئيس ترامب في السلطة من أجل إنقاذ اليهود أو ربما ترامب فخ لبني إسرائيل، ومضلل للأشخاص الذين سيستدرجون دولة إسرائيل الحديثة إلى مسار خطير لعمل مذنب ومدمر للذات – مثل ضم أجزاء من الضفة الغربية.
وربما سيكون من الأنفع والأجدى من الناحية البراغماتية طرح السؤال حول ما إن كانت ثمة أسباب غير دينية مقنعة للسياسة التي ينتهجها ترامب تجاه إسرائيل. فما الذي ستجنيه الولايات المتحدة من فائدة من إعلان ترامب الخميس أنه يريد من الولايات المتحدة أن تتعامل مع ضم إسرائيل لمرتفعات الجولان كحقيقة موجودة على أرض الواقع، وليس مسألة ستُحل في مفاوضات سلام نهائية في المنطقة؟
لاحظ أن السؤال الأساسي هنا ليس هو ما إن كان اعتراف ترامب بضم إسرائيل للجولان بحكم الفعل أمراً جيداً لإسرائيل. أما بالنسبة للأميركيين، فإن السؤال المناسب ينبغي أن يكون ما إن كانت هذه السياسة جيدة للولايات المتحدة. والواقع أنني أستطيع أن أفكر في سببين محتملين لإعلان ترامب الآن وقد باتت الجولان جزءاً من إسرائيل بشكل دائم. الأول هو أن ترامب يحاول مساعدة رئيس الوزراء الإسرائيلي نتنياهو على إعادة الانتخاب بسرعة. ومبدئياً، قد يكون في مصلحة الولايات المتحدة أحياناً فوزُ سياسي معين في الانتخابات التي تجرى في بلد أجنبي. غير أنه لا يوجد أي سبب للاعتقاد بأن أقوى منافسي نتنياهو، الجنرال المتقاعد الوسطي بيني غانتس، سيكون أقل موالاة لأميركا من نتنياهو، أو أقل رغبة في التعامل مع إدارة ترامب.
جانتس سيكون أكثر رغبة من نتنياهو في التعاون ضمن جهود إدارة ترامب الرامية لإيجاد حل جديد للنزاع الإسرائيلي- الفلسطيني. كما أن هامش تحرك نتنياهو سيكون أقل بسبب شركائه اليمينيين في الائتلاف الحكومي. وبالمقابل، سيكون لدى جانتس، إن كُتب له تشكيل الحكومة، ائتلاف أوسع يمتد إلى اليسار.
ثم إن هناك أيضاً احتمال أن يخسر نتنياهو، أو أن يفوز ثم يضطر للاستقالة في حال لم توجه له تهم فساد فحسب وإنما أُدين بالفعل وأُرسل للسجن. وقتها سيضطر ترامب للتعامل مع غانتس أو سياسي آخر خطا ترامب خطوات من أجل هزمه. وبالتالي، فإن الدفع في اتجاه إعادة انتخاب نتنياهو ليس في مصلحة الولايات المتحدة.
أما السبب المحتمل الآخر لإعلان ترامب بخصوص الجولان، فهو أن إدارته ما زالت تحاول البعث برسالة إلى الفلسطينيين مفادها أنهم إذا لم يأتوا إلى الطاولة من أجل التفاوض، فإنه سيسمح لليمين الإسرائيلي ضمنياً بضم أجزاء من الضفة الغربية ذات الكثافة السكانية العالية.
وحتى إذا كان القصد من الإعلان بشأن الجولان هو إرسال رسالة إلى الفلسطينيين، فإنه لا يوجد سبب للاعتقاد بأن الفلسطينيين سيردون على ذلك بالتفاوض. فبعد نقل السفارة الأميركية من تل أبيب إلى القدس، لم يرد الفلسطينيون على ذلك بالاعتراف بضعفهم واختيار التفاوض.
بل إن الفلسطينيين فعلوا العكس، إذ قطعوا كل اتصالاتهم مع إدارة ترامب. ورغم ضعفهم، بقيت لدى الفلسطينيين ورقة واحدة فقط ليلعبوها: رفض لعب لعبة المفاوضات كلياً. وبالتالي، فإن استراتيجية دفعهم للتفاوض عبر عزلهم يبدو أنها فشلت منذ بعض الوقت.
ثم إنه إذا كان تصريح ترامب لم يخدم مصالح الولايات المتحدة، فإنه يأتي مع كلفة بالفعل. ذلك أن الاعتراف بضم أراض محتلة يتناقض مع السياسات التي تتبعها الولايات المتحدة عبر العالم، ناهيك عن المبادئ الأساسية للقانون الدولي.
تلك الكلفة ليست دينية، بل واقعية وملموسة. وعلى الرؤساء الأميركيين تجنب فرضها على المصالح الأميركية!
ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس»