بعد قرابة ثماني سنوات من محاولة إسقاط نظام الرئيس السوري بشار الأسد، تسارعت الدول العربية إلى احتضان دمشق من جديد. فبعد الحرب الأهلية التي تحولت لحرب بالوكالة، والتي أسفرت عن مقتل أكثر من 500 ألف شخص ونزوح الملايين، أخذوا يعيدون فتح السفارات، وإقامة العلاقات التجارية، ويعبّدون الطريق لعودة سوريا إلى المنظمات الإقليمية.
الأمر يتعلق على المدى القصير بجهود إقليمية لاحتواء إيران، وعلى المدى الطويل بإعادة تأهيل سوريا دولياً. وقد شهدت الأسابيع القليلة الماضية تحركات كثيرة تؤشر على عودة سوريا إلى حظيرتها العربية. ووراء محاولات إعادة الدفء السريعة إلى العلاقات هناك التحولُ في ميزان القوى في سوريا، وإعادة توجيه للسياسة الخارجية العربية. ويقول مراقبون ومسؤولون إنها خطوة سياسية مدروسة بعناية خطاها الجانبان من أجل احتواء النفوذ الإيراني وتعظيم المكاسب الاقتصادية للسلام. ولكن ثمة نقطة عالقة مهمة بخصوص التقارب، ألا وهي قدرة كل من الأنظمة العربية وسوريا على تغيير رأي شعوبها في الآخر. ومع بسط الأسد سيطرته على أكثر من 70 في المئة من التراب السوري، تأقلمت الحكوماتُ العربية مع حقيقة أنه، بعد سبع سنوات من اشتعال الحرب الأهلية، «فاز» الأسد في الحرب الأهلية تقريباً. ذلك أنه ما زال صامداً، والأكثر من ذلك أن إيران أصبحت مترسخة في سوريا أكثر من أي وقت مضى. ويقول محللون ومسؤولون إن الدول العربية تجرّب الآن طريقاً مختلفاً، ألا وهو: إعادة بناء العلاقات مع دمشق حول مصالح مشتركة.
وفي هذا الصدد، يقول رياض قهوجي، وهو محلل سياسي ومدير «مركز الشرق الأدنى والخليج للتحليل العسكري»: «علينا أن ننظر إلى هذه التطورات من زاوية السياسة الواقعية، فهذه الخطوة تأتي في إطار المعادلة الحالية لميزان القوة والحرب الباردة المتواصلة مع إيران»، مضيفاً«هذا جزء من جهد أكبر من قبل بلدان الخليج لاحتواء النفوذ الإيراني». ورغم أن الأسد يدين بالفضل في بقائه إلى إيران، إلى جانب روسيا، إلا أن بعض الدول العربية ترى أن نهاية الحرب تمثّل فرصةً للتنافس مع طهران على النفوذ وإقامة وجود داخل سوريا قبل أن تستطيع إيران جني ثمار استثمارها.
ويبدو أن الدول العربية تتحاور مع تيار قوي داخل نظام الأسد مستاء من هيمنة إيران المتزايدة على الشؤون السورية. ويأمل مسؤولون عرب استغلال الرغبة داخل نظام الأسد لتبوء سوريا مكانة باعتبارها لاعباً في العالم العربي، بدلاً من مجرد جزء من محور إيراني شيعي. وفي إطار هذا التقارب الإقليمي، تعرض دول الخليج العربي والأردن ومصر على سوريا إعادة إدماجها في المنظمات العربية، بما يمنح دمشق شرعية إقليمية بعد قرابة ثماني سنوات كدولة منبوذة، ويعبّد الطريق نحو الاعتراف الدولي والتطبيع الذي تتطلع إليه.
وهناك تعرض الدولُ العربية الوساطةَ والضغط نيابة عن دمشق في واشنطن وبروكسل، باستخدام شبكة علاقاتها وتحالفاتها الغربية لتسهيل إعادة إدماج سوريا في النظام الدولي والاقتصاد العالمي. وتفيد بعض التقارير بأن جهود الضغط السياسي والدبلوماسي قد بدأت بالفعل بين المسؤولين العرب ونظرائهم الأوروبيين وإدارة ترامب.
وبالمقابل، يتوقع العرب من سوريا إعادة توجيه نفسها والميل أكثر نحو العالم العربي، والسماح للدول العربية بالمشاركة في الفرص الاقتصادية التي تتيحها إعادة الإعمار.
فـ«على المستوى السياسي، يدرك النظام السوري أن لا إيران ولا روسيا تستطيعان لعب دور يساهم في تحسين علاقاته على المستوى الدولي – ولهذا، يحتاج للاعبين جدد يتمتعون بالشرعية والمصداقية لإعادة تأهيل صورة سوريا»، يقول المحلل الجيوسياسي الأردني عامر سبايلة، الذي يضيف «وهنا يأتي دور الخليج».
التهديدات والتخوفات المشتركة تعمل أيضاً على إعادة توحيد دمشق والخليج.
فالنظام السوري والخليج ومصر تعارض جميعها تنظيم «الإخوان» ونفوذ تركيا، التي دعمت «الإخوان» وحركات إسلامية معارضة أخرى عبر العالم العربي. وتقول مصادر إن بلدان الخليج، إضافة إلى دمشق، ملتزمة بمنع تركيا من اكتساب موطئ قدم لها في العالم العربي، وهو ما يخشون أن يكون بداية مشروع توسعي إقليمي من قبل أنقرة.
وإضافة إلى ذلك، فإن ما يجمع الأعداء السابقين هي التهديدات المشتركة لتنظيم «داعش»، وإمكانية ظهور التنظيم من جديد في أي فراغ ممكن للسلطة.
ومع الدمار الذي لحق بالاقتصاد السوري ومواجهة دمشق لفاتورة إعادة إعمار تقدر بـ400 مليار دولار، ومع تعرض الشركات الإيرانية لعقوبات جديدة ومحدوديةِ موارد روسيا الاقتصادية، تظل الدولُ العربية أحدَ الحلول البارزة لعملية إعادة إعمار ناجحة في سوريا – حل يقال إن موسكو وواشنطن تدفعان به حالياً.
غير أنه إذا كانت الحكومات العربية ودمشق قد بدأت وضع خلافاتهما جانباً، فإن السؤال يظل هو ما إن كانت المصالحة ستترجم إلى مصالحة بين الشعوب.
الأمر يتعلق على المدى القصير بجهود إقليمية لاحتواء إيران، وعلى المدى الطويل بإعادة تأهيل سوريا دولياً. وقد شهدت الأسابيع القليلة الماضية تحركات كثيرة تؤشر على عودة سوريا إلى حظيرتها العربية. ووراء محاولات إعادة الدفء السريعة إلى العلاقات هناك التحولُ في ميزان القوى في سوريا، وإعادة توجيه للسياسة الخارجية العربية. ويقول مراقبون ومسؤولون إنها خطوة سياسية مدروسة بعناية خطاها الجانبان من أجل احتواء النفوذ الإيراني وتعظيم المكاسب الاقتصادية للسلام. ولكن ثمة نقطة عالقة مهمة بخصوص التقارب، ألا وهي قدرة كل من الأنظمة العربية وسوريا على تغيير رأي شعوبها في الآخر. ومع بسط الأسد سيطرته على أكثر من 70 في المئة من التراب السوري، تأقلمت الحكوماتُ العربية مع حقيقة أنه، بعد سبع سنوات من اشتعال الحرب الأهلية، «فاز» الأسد في الحرب الأهلية تقريباً. ذلك أنه ما زال صامداً، والأكثر من ذلك أن إيران أصبحت مترسخة في سوريا أكثر من أي وقت مضى. ويقول محللون ومسؤولون إن الدول العربية تجرّب الآن طريقاً مختلفاً، ألا وهو: إعادة بناء العلاقات مع دمشق حول مصالح مشتركة.
وفي هذا الصدد، يقول رياض قهوجي، وهو محلل سياسي ومدير «مركز الشرق الأدنى والخليج للتحليل العسكري»: «علينا أن ننظر إلى هذه التطورات من زاوية السياسة الواقعية، فهذه الخطوة تأتي في إطار المعادلة الحالية لميزان القوة والحرب الباردة المتواصلة مع إيران»، مضيفاً«هذا جزء من جهد أكبر من قبل بلدان الخليج لاحتواء النفوذ الإيراني». ورغم أن الأسد يدين بالفضل في بقائه إلى إيران، إلى جانب روسيا، إلا أن بعض الدول العربية ترى أن نهاية الحرب تمثّل فرصةً للتنافس مع طهران على النفوذ وإقامة وجود داخل سوريا قبل أن تستطيع إيران جني ثمار استثمارها.
ويبدو أن الدول العربية تتحاور مع تيار قوي داخل نظام الأسد مستاء من هيمنة إيران المتزايدة على الشؤون السورية. ويأمل مسؤولون عرب استغلال الرغبة داخل نظام الأسد لتبوء سوريا مكانة باعتبارها لاعباً في العالم العربي، بدلاً من مجرد جزء من محور إيراني شيعي. وفي إطار هذا التقارب الإقليمي، تعرض دول الخليج العربي والأردن ومصر على سوريا إعادة إدماجها في المنظمات العربية، بما يمنح دمشق شرعية إقليمية بعد قرابة ثماني سنوات كدولة منبوذة، ويعبّد الطريق نحو الاعتراف الدولي والتطبيع الذي تتطلع إليه.
وهناك تعرض الدولُ العربية الوساطةَ والضغط نيابة عن دمشق في واشنطن وبروكسل، باستخدام شبكة علاقاتها وتحالفاتها الغربية لتسهيل إعادة إدماج سوريا في النظام الدولي والاقتصاد العالمي. وتفيد بعض التقارير بأن جهود الضغط السياسي والدبلوماسي قد بدأت بالفعل بين المسؤولين العرب ونظرائهم الأوروبيين وإدارة ترامب.
وبالمقابل، يتوقع العرب من سوريا إعادة توجيه نفسها والميل أكثر نحو العالم العربي، والسماح للدول العربية بالمشاركة في الفرص الاقتصادية التي تتيحها إعادة الإعمار.
فـ«على المستوى السياسي، يدرك النظام السوري أن لا إيران ولا روسيا تستطيعان لعب دور يساهم في تحسين علاقاته على المستوى الدولي – ولهذا، يحتاج للاعبين جدد يتمتعون بالشرعية والمصداقية لإعادة تأهيل صورة سوريا»، يقول المحلل الجيوسياسي الأردني عامر سبايلة، الذي يضيف «وهنا يأتي دور الخليج».
التهديدات والتخوفات المشتركة تعمل أيضاً على إعادة توحيد دمشق والخليج.
فالنظام السوري والخليج ومصر تعارض جميعها تنظيم «الإخوان» ونفوذ تركيا، التي دعمت «الإخوان» وحركات إسلامية معارضة أخرى عبر العالم العربي. وتقول مصادر إن بلدان الخليج، إضافة إلى دمشق، ملتزمة بمنع تركيا من اكتساب موطئ قدم لها في العالم العربي، وهو ما يخشون أن يكون بداية مشروع توسعي إقليمي من قبل أنقرة.
وإضافة إلى ذلك، فإن ما يجمع الأعداء السابقين هي التهديدات المشتركة لتنظيم «داعش»، وإمكانية ظهور التنظيم من جديد في أي فراغ ممكن للسلطة.
ومع الدمار الذي لحق بالاقتصاد السوري ومواجهة دمشق لفاتورة إعادة إعمار تقدر بـ400 مليار دولار، ومع تعرض الشركات الإيرانية لعقوبات جديدة ومحدوديةِ موارد روسيا الاقتصادية، تظل الدولُ العربية أحدَ الحلول البارزة لعملية إعادة إعمار ناجحة في سوريا – حل يقال إن موسكو وواشنطن تدفعان به حالياً.
غير أنه إذا كانت الحكومات العربية ودمشق قد بدأت وضع خلافاتهما جانباً، فإن السؤال يظل هو ما إن كانت المصالحة ستترجم إلى مصالحة بين الشعوب.
تايلور لاك
كاتب أميركي
ينشر بترتيب خاص مع خدمة «كريستيان ساينس مونيتور»
كاتب أميركي
ينشر بترتيب خاص مع خدمة «كريستيان ساينس مونيتور»