كانت ثمة لحظة محورية في نسخة هذا العام من المنتدى الاقتصادي العالمي في «دافوس» السويسرية. في السنوات الأخيرة، وبينما كانت النخب العالمية من مجالات السياسة والمال والأعمال تلتئم –إلى جانب طبقة المانحين السياسيين– في اجتماعها السنوي، كانت تجد صعوبة على نحو متزايد في الاحتفال بانتصار السياسة النيوليبرالية وتوسيع الترابط العالمي. وفي الوقت نفسه، كانت تبدي حيرة وانزعاجاً من الحلول السياسية التي يقترحها بعض الأشخاص من خارج فقاعة «دافوس» من أجل التصدي لتفاقم التفاوت الاجتماعي.
اللحظة التي أحيلُ عليها حدثت عندما سخر مدير عملاق الكمبيوتر «مايكل ديل»، الذي يمتلك ثروة تبلغ 28 مليار دولار، من دعوة النائبة البرلمانية ألكسندريا أوكازيو كورتيز (الديمقراطية عن نيويورك)، إلى إقرار 70? كمعدل ضريبة حدي بالنسبة للدخل الذي يفوق 10 ملايين دولار، وتحدى الجمهور أن يدله على «بلد واحد حيث نجح هذا الأمر من قبل».
عالم الاقتصاد إيريك برينجولفسون كان أيضاً من بين الحضور، ومما يحسب له أنه قبل بسرعة تحدي ديل فأشار إلى بلد بارز: إنه الولايات المتحدة. فبعد سنة 1913، أصبح متوسط معدل الضريبة الأعلى يناهز 60?، وبين عقدي الثلاثينيات والثمانينيات، تراوح معدل الضريبة الأعلى بين 60 و90?، وحالياً يصل 37?. مثل هذه المعدلات المرتفعة «كانت ناجحة»، إذ لم تعق النمو، والذي كان في تلك السنوات أقوى من السنوات التالية، عندما كانت معدلات الضريبة أدنى، وهذا نسقٌ نجده في عدد من البلدان الأخرى أيضاً. والأكيد أن هذه علاقة مترابطة، وليست علاقة سببية، ولكن وجهة نظر ديل كانت في غير محلها.
اللهم إلا إذا كان يقصد أن معدلات الضريبة هذه «لم تكن ناجحة» بالنسبة له وأثرياء آخرين على شاكلته. وإذا كان الأمر كذلك، فإن وجهة نظره دالة ومعبرة جداً. فثروة ديل تضعه بالقرب من الـ0?001? الأعلى. واللافت أنه خلال السنوات الأخيرة ازداد القلق على نحو ملحوظ في دافوس بشأن الشعبوية والترامبية وبريكسيت وتأثير تركز الثروة الذي بات يرمز له المنتدى الاقتصادي العالم، غير أن الشيء الذي كان غائباً هو حلول للسياسات من أجل إصلاح أي مما سبق ذكره. هذا ليس كشفاً عظيماً، فالمستفيدون من الوضع الراهن، وبريكسيت، وانتخابات نوفمبر النصفية الأميركية.. إلخ، نادراً ما يكونون هم الأشخاص الذين يتحدونه ويطعنون فيه. فهذه مهمة أشخاص مثل أوكازيو كورتيز، وأولئك الذين لطالما روجوا لفكرة «الاقتصاد المزور»، مثل السيناتورة إيليزابيث وارن، الديمقراطية عن ولاية ماساتشوسيتس التي تقدمت مؤخراً بمقترح ضريبة على الثروة بحق مَن يملكون أكثر من 50 مليون دولار. وهناك آخرون، مثل السيناتورة الديمقراطية كمالا هاريس، والسيناتور الديمقراطي شيرود براون، والنائب الديمقراطي رو كانا.. اقترحوا كذلك أفكاراً تقدمية مهمة بخصوص الضرائب، من خلال زيادة كبيرة في الائتمان الضريبي بالنسبة للأسر العاملة ذات الدخل المنخفض.
ومع كل هذه المستجدات، ربما يُعذَر الأشخاصُ من جيلي لترديدهم أغنية بوب ديلان «الأوقات التي يغيرون».. ولكن هل يتغيرون؟ وإذا كان الأمر كذلك، فلماذا؟ وفي أي اتجاه؟
الواقع أن هذا سؤال أكثر تعقيداً من أن يتم تناوله في مقال واحد، فلنضيّق الموضوع ونركز على المقاربة التقدمية لموضوع الضرائب. أجل، أعتقد أنهم يتغيرون. ولا شك أن مسألة ما إن كان الكونجرس سيشرّع نسخة ما من أي من هذه المخططات هي بالطبع واحدة من النتائج السياسية التي لا يستطيع أحد التنبؤ بها، غير أنه إذا بسط الديمقراطيون سيطرتهم على المشهد السياسي الفدرالي، يمكنني أن أرى تغير قانون الضرائب في اتجاه تقدمي.
ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس»
اللحظة التي أحيلُ عليها حدثت عندما سخر مدير عملاق الكمبيوتر «مايكل ديل»، الذي يمتلك ثروة تبلغ 28 مليار دولار، من دعوة النائبة البرلمانية ألكسندريا أوكازيو كورتيز (الديمقراطية عن نيويورك)، إلى إقرار 70? كمعدل ضريبة حدي بالنسبة للدخل الذي يفوق 10 ملايين دولار، وتحدى الجمهور أن يدله على «بلد واحد حيث نجح هذا الأمر من قبل».
عالم الاقتصاد إيريك برينجولفسون كان أيضاً من بين الحضور، ومما يحسب له أنه قبل بسرعة تحدي ديل فأشار إلى بلد بارز: إنه الولايات المتحدة. فبعد سنة 1913، أصبح متوسط معدل الضريبة الأعلى يناهز 60?، وبين عقدي الثلاثينيات والثمانينيات، تراوح معدل الضريبة الأعلى بين 60 و90?، وحالياً يصل 37?. مثل هذه المعدلات المرتفعة «كانت ناجحة»، إذ لم تعق النمو، والذي كان في تلك السنوات أقوى من السنوات التالية، عندما كانت معدلات الضريبة أدنى، وهذا نسقٌ نجده في عدد من البلدان الأخرى أيضاً. والأكيد أن هذه علاقة مترابطة، وليست علاقة سببية، ولكن وجهة نظر ديل كانت في غير محلها.
اللهم إلا إذا كان يقصد أن معدلات الضريبة هذه «لم تكن ناجحة» بالنسبة له وأثرياء آخرين على شاكلته. وإذا كان الأمر كذلك، فإن وجهة نظره دالة ومعبرة جداً. فثروة ديل تضعه بالقرب من الـ0?001? الأعلى. واللافت أنه خلال السنوات الأخيرة ازداد القلق على نحو ملحوظ في دافوس بشأن الشعبوية والترامبية وبريكسيت وتأثير تركز الثروة الذي بات يرمز له المنتدى الاقتصادي العالم، غير أن الشيء الذي كان غائباً هو حلول للسياسات من أجل إصلاح أي مما سبق ذكره. هذا ليس كشفاً عظيماً، فالمستفيدون من الوضع الراهن، وبريكسيت، وانتخابات نوفمبر النصفية الأميركية.. إلخ، نادراً ما يكونون هم الأشخاص الذين يتحدونه ويطعنون فيه. فهذه مهمة أشخاص مثل أوكازيو كورتيز، وأولئك الذين لطالما روجوا لفكرة «الاقتصاد المزور»، مثل السيناتورة إيليزابيث وارن، الديمقراطية عن ولاية ماساتشوسيتس التي تقدمت مؤخراً بمقترح ضريبة على الثروة بحق مَن يملكون أكثر من 50 مليون دولار. وهناك آخرون، مثل السيناتورة الديمقراطية كمالا هاريس، والسيناتور الديمقراطي شيرود براون، والنائب الديمقراطي رو كانا.. اقترحوا كذلك أفكاراً تقدمية مهمة بخصوص الضرائب، من خلال زيادة كبيرة في الائتمان الضريبي بالنسبة للأسر العاملة ذات الدخل المنخفض.
ومع كل هذه المستجدات، ربما يُعذَر الأشخاصُ من جيلي لترديدهم أغنية بوب ديلان «الأوقات التي يغيرون».. ولكن هل يتغيرون؟ وإذا كان الأمر كذلك، فلماذا؟ وفي أي اتجاه؟
الواقع أن هذا سؤال أكثر تعقيداً من أن يتم تناوله في مقال واحد، فلنضيّق الموضوع ونركز على المقاربة التقدمية لموضوع الضرائب. أجل، أعتقد أنهم يتغيرون. ولا شك أن مسألة ما إن كان الكونجرس سيشرّع نسخة ما من أي من هذه المخططات هي بالطبع واحدة من النتائج السياسية التي لا يستطيع أحد التنبؤ بها، غير أنه إذا بسط الديمقراطيون سيطرتهم على المشهد السياسي الفدرالي، يمكنني أن أرى تغير قانون الضرائب في اتجاه تقدمي.
ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس»