ربما يصبح الانسحاب من سوريا أهم قرار في رئاسة دونالد ترامب، لكنه فوضى مضطربة. والإدارة تراوغ بشأن سياستها في سوريا منذ عامين. وراوغت مرة أخرى في الأيام القليلة الماضية حين بدأت نوعاً ما من الانسحاب بعد أيام فحسب من إشارة مسؤول كبير إلى إبقاء الوضع على ما هو عليه. وفي وقت متأخر من الشهر الماضي، أعلن الرئيس ترامب انسحاباً كاملاً للقوات الأميركية من سوريا، مما أدى لاستقالتين بارزتين في إدارته، إحداهما لوزير الدفاع جيم ماتيس.
لكن الإدارة هدّأت إيقاع الحركة قليلاً فيما يبدو منذئذ. واستطال أمد الجدول الزمني ببطء وأضيفت شروط. وتوج كل هذا في نهاية الأسبوع الماضي بإعلان مستشار الأمن القومي جون بولتون بأن الانسحاب مشروط بتحقيق «أهداف» معينة، منها إلحاق الهزيمة التامة بـ«داعش» وموافقة تركيا على عدم مهاجمة أكراد سوريا، حلفاء الولايات المتحدة، بمجرد الانسحاب الأميركي. وأعلن بولتون يوم الأحد في القدس: «سنناقش قرار الرئيس بالانسحاب، لكننا سنفعل هذا في شمال شرق سوريا بطريقة تجعلنا متأكدين أن (داعش) لحقت بها الهزيمة، ونتأكد أن أمن إسرائيل وأصدقائنا الآخرين في المنطقة مضمون تماماً، مع العناية بالذين حاربوا معنا ضد (داعش) والجماعات الإرهابية الأخرى». وأضاف بولتون: «هناك أهداف نريد تحقيقها مشروطٌ بها الانسحاب. والجدول الزمني يسير مع قرارات السياسة التي يتعين علينا تنفيذها». وهذه الشروط لم تلب بعد أو في الواقع لم يتم الاقتراب من تلبيتها. وتركيا، صاحبة الدور الأبرز في إقناع ترامب بالانسحاب، رفضت صراحةً شرط الولايات المتحدة ترك الأكراد (الإرهابيين في نظرها) وشأنهم. ورفض الرئيس التركي أردوغان مجرد الاجتماع مع بولتون أثناء زيارته للمنطقة، ووصف تصريحاته بأنها «خطأ فادح». وقال في كلمة أذاعها التلفزيون مخاطباً حزبه السياسي الأسبوع الماضي: «الرسالة التي أدلى بها بولتون في إسرائيل غير مقبولة. ولا يمكننا أن نستسيغها». ومن غير الواضح أيضاً ما إن كان قد تم بالفعل احتواء «داعش». فقد ذكر تقرير للصحفية «ليز سلاي» الشهر الماضي أن هناك «علامات على أن (داعش) بدأ يعيد جمع صفوفه». والتقارير الصحفية تشير إلى أنه رغم تعليقات بولتون، لم يتلق البنتاجون أي تحديث لخطط الانسحاب منذ الشهر الماضي وأنه يمضي قدماً في تنفيذ خطة ترامب».
وليس من المستحيل اعتبار أن كلام بولتون يشير إلى انسحاب جزئي. وتعليقاته لم تشر إلى أنه لن يكون هناك انسحاب للقوات دون تحقيق الشروط. وربما كان يقول ببساطة إن الولايات المتحدة لن تنسحب تماماً حتى تجري تلبية هذه الشروط. وربما الأمر يدور حول سرعة الانسحاب. وصرح جاريت ماركيز المتحدث باسم مجلس الأمن القومي أن بولتون انضم إلى الجنرال جوزيف دانفورد رئيس هيئة الأركان وجيمس جيفري المبعوث الدبلوماسي الأميركي إلى سوريا في تركيا، لنقل «مبادئ الإدارة الخمسة المتناسقة لتنفيذ دليل الرئيس في الانسحاب». ومن هذه المبادئ أن يجري الانسحاب «بطريقة مدروسة ومنظمة وقوية» وأن «تلحق الولايات المتحدة الهزيمة بما تبقى من (داعش) مع خروجها». وهذا يوحي بأن شروط بولتون ستظل قائمة حتى مع تقدم عملية الانسحاب.
لكن من يضع نفسه مكان تركيا ويرى أن الولايات المتحدة تنسحب بالفعل، فإنه مضطر للطعن في مدى صرامة مطالب بولتون. وسنرى ما إذا كان الانسحاب الكامل مشروطاً حقاً بإذعان تركيا، لأن هذا لن يحدث على الأرجح.
وعلى أي حال، هناك كثير من الارتباك، وهو من صنع الإدارة نفسها. فقد أشارت «واشنطن بوست» في الأيام القليلة الماضية إلى أنه لا يوجد وضوح حقيقي بشأن مدى فعالية أهداف بولتون. وحتى المبادئ الخمسة التي تم تقديمها في تركيا كانت مجرد آمال وليست مطالب. وأشارت الصحيفة إلى أنه بدلاً من التأكيد على ضرورة «الضمان التام» لأمن الأكراد، كما طالب بولتون، «تريد الولايات المتحدة التوصل إلى حل تفاوضي للمخاوف الأمنية التركية. والولايات المتحدة تعارض أي سوء معاملة للمقاتلين الأكراد الذين قاتلوا مع أميركا ضد داعش».
وكان ترامب قد أعرب عن عدم إعجابه بالكشف عن تحركات الجيش، وهو أمر مفهوم من الناحية الاستراتيجية. لكن ترامب كشف هنا عن هذه التحركات سلفاً. وإذا أراد المرء تعليق حدوث شيء ما بشروط معينة، فعليه أن يكون واضحاً للغاية بشأنها. وهذا ليس الحال ببساطة هنا، بل يأتي كل أسبوع تقريباً بمؤشرات مختلفة بشأن هذا الانسحاب. وأكثر الاستنتاجات ترجيحاً، بناءً على ذلك، هو أنه لا توجد خطة محكمة في هذه المرحلة وأن بولتون وآخرين مازالوا يحاولون وضع خطة لانسحاب يجري حالياً بالفعل.
وقلل بولتون يوم الجمعة الماضي من هذه الفكرة مصرحاً لـ«هوغ هويت»، مقدم برنامج في راديو للمحافظين وكاتب في «واشنطن بوست»، قائلاً إن «وسائل الإعلام يروقها العثور على انقسامات في الإدارة، وإنه نوع من الهواية لديها»، ووصف كل ما سبق بأنه «ليس إلا جزءاً من خطة لم تتكشف فصولها». لكن بالنظر إلى الأمر من الخارج، فإنها تبدو طريقة صعبة للغاية للقيام بانسحاب مهم للغاية من قتال ضد إرهابيين.
ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس»
لكن الإدارة هدّأت إيقاع الحركة قليلاً فيما يبدو منذئذ. واستطال أمد الجدول الزمني ببطء وأضيفت شروط. وتوج كل هذا في نهاية الأسبوع الماضي بإعلان مستشار الأمن القومي جون بولتون بأن الانسحاب مشروط بتحقيق «أهداف» معينة، منها إلحاق الهزيمة التامة بـ«داعش» وموافقة تركيا على عدم مهاجمة أكراد سوريا، حلفاء الولايات المتحدة، بمجرد الانسحاب الأميركي. وأعلن بولتون يوم الأحد في القدس: «سنناقش قرار الرئيس بالانسحاب، لكننا سنفعل هذا في شمال شرق سوريا بطريقة تجعلنا متأكدين أن (داعش) لحقت بها الهزيمة، ونتأكد أن أمن إسرائيل وأصدقائنا الآخرين في المنطقة مضمون تماماً، مع العناية بالذين حاربوا معنا ضد (داعش) والجماعات الإرهابية الأخرى». وأضاف بولتون: «هناك أهداف نريد تحقيقها مشروطٌ بها الانسحاب. والجدول الزمني يسير مع قرارات السياسة التي يتعين علينا تنفيذها». وهذه الشروط لم تلب بعد أو في الواقع لم يتم الاقتراب من تلبيتها. وتركيا، صاحبة الدور الأبرز في إقناع ترامب بالانسحاب، رفضت صراحةً شرط الولايات المتحدة ترك الأكراد (الإرهابيين في نظرها) وشأنهم. ورفض الرئيس التركي أردوغان مجرد الاجتماع مع بولتون أثناء زيارته للمنطقة، ووصف تصريحاته بأنها «خطأ فادح». وقال في كلمة أذاعها التلفزيون مخاطباً حزبه السياسي الأسبوع الماضي: «الرسالة التي أدلى بها بولتون في إسرائيل غير مقبولة. ولا يمكننا أن نستسيغها». ومن غير الواضح أيضاً ما إن كان قد تم بالفعل احتواء «داعش». فقد ذكر تقرير للصحفية «ليز سلاي» الشهر الماضي أن هناك «علامات على أن (داعش) بدأ يعيد جمع صفوفه». والتقارير الصحفية تشير إلى أنه رغم تعليقات بولتون، لم يتلق البنتاجون أي تحديث لخطط الانسحاب منذ الشهر الماضي وأنه يمضي قدماً في تنفيذ خطة ترامب».
وليس من المستحيل اعتبار أن كلام بولتون يشير إلى انسحاب جزئي. وتعليقاته لم تشر إلى أنه لن يكون هناك انسحاب للقوات دون تحقيق الشروط. وربما كان يقول ببساطة إن الولايات المتحدة لن تنسحب تماماً حتى تجري تلبية هذه الشروط. وربما الأمر يدور حول سرعة الانسحاب. وصرح جاريت ماركيز المتحدث باسم مجلس الأمن القومي أن بولتون انضم إلى الجنرال جوزيف دانفورد رئيس هيئة الأركان وجيمس جيفري المبعوث الدبلوماسي الأميركي إلى سوريا في تركيا، لنقل «مبادئ الإدارة الخمسة المتناسقة لتنفيذ دليل الرئيس في الانسحاب». ومن هذه المبادئ أن يجري الانسحاب «بطريقة مدروسة ومنظمة وقوية» وأن «تلحق الولايات المتحدة الهزيمة بما تبقى من (داعش) مع خروجها». وهذا يوحي بأن شروط بولتون ستظل قائمة حتى مع تقدم عملية الانسحاب.
لكن من يضع نفسه مكان تركيا ويرى أن الولايات المتحدة تنسحب بالفعل، فإنه مضطر للطعن في مدى صرامة مطالب بولتون. وسنرى ما إذا كان الانسحاب الكامل مشروطاً حقاً بإذعان تركيا، لأن هذا لن يحدث على الأرجح.
وعلى أي حال، هناك كثير من الارتباك، وهو من صنع الإدارة نفسها. فقد أشارت «واشنطن بوست» في الأيام القليلة الماضية إلى أنه لا يوجد وضوح حقيقي بشأن مدى فعالية أهداف بولتون. وحتى المبادئ الخمسة التي تم تقديمها في تركيا كانت مجرد آمال وليست مطالب. وأشارت الصحيفة إلى أنه بدلاً من التأكيد على ضرورة «الضمان التام» لأمن الأكراد، كما طالب بولتون، «تريد الولايات المتحدة التوصل إلى حل تفاوضي للمخاوف الأمنية التركية. والولايات المتحدة تعارض أي سوء معاملة للمقاتلين الأكراد الذين قاتلوا مع أميركا ضد داعش».
وكان ترامب قد أعرب عن عدم إعجابه بالكشف عن تحركات الجيش، وهو أمر مفهوم من الناحية الاستراتيجية. لكن ترامب كشف هنا عن هذه التحركات سلفاً. وإذا أراد المرء تعليق حدوث شيء ما بشروط معينة، فعليه أن يكون واضحاً للغاية بشأنها. وهذا ليس الحال ببساطة هنا، بل يأتي كل أسبوع تقريباً بمؤشرات مختلفة بشأن هذا الانسحاب. وأكثر الاستنتاجات ترجيحاً، بناءً على ذلك، هو أنه لا توجد خطة محكمة في هذه المرحلة وأن بولتون وآخرين مازالوا يحاولون وضع خطة لانسحاب يجري حالياً بالفعل.
وقلل بولتون يوم الجمعة الماضي من هذه الفكرة مصرحاً لـ«هوغ هويت»، مقدم برنامج في راديو للمحافظين وكاتب في «واشنطن بوست»، قائلاً إن «وسائل الإعلام يروقها العثور على انقسامات في الإدارة، وإنه نوع من الهواية لديها»، ووصف كل ما سبق بأنه «ليس إلا جزءاً من خطة لم تتكشف فصولها». لكن بالنظر إلى الأمر من الخارج، فإنها تبدو طريقة صعبة للغاية للقيام بانسحاب مهم للغاية من قتال ضد إرهابيين.
ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس»