فكر «داودي نزيلا» لفترة طويلة في الشيء الذي جعل من تنزانيا في شرق أفريقيا وطنه. وقال لنفسه: «عندما تدفن أحباءك في مكان ما، فإنك تشعر أنك تنتمي إلى هذا المكان». وكيف لا وهذا المكان الذي تمشي عليه يضم دمك وتاريخك؟ وهناك أمور أخرى، أيضاً. مثل أشجار المانجو التي تتمايل فوق منزله الخرساني المتين. فقبل 36 عاماً، عندما كان «نزيلا» لاجئاً صغيراً قادماً من بوروندي، قام بزراعة شتلتين صغيرتين هنا. والآن، أصبحت الأشجار تغطي فناء منزله مثل المظلة العملاقة. وهناك أيضاً أطفاله العشرة التنزانيون حتى النخاع. فكلهم عدا واحد فقط ولدوا هنا، وهم يتحدثون اللغة السواحيلية بمنتهى السهولة، وفي المدرسة يرتدون سترات تحمل ألوان العلم التنزاني، ويحفظون التاريخ التنزاني وينشدون النشيد الوطني التنزاني.
بالنسبة لنزيلا، أن تصبح تنزانياً، فهو نتاج للتراكم البطيء للتجارب. لكنه أيضاً حدث مرة واحدة. في عام 2014، مُنِحَ «نزيلا» و162,000 لاجئ بوروندي آخرون الجنسية التنزانية. كان هذا حدثاً بارزاً، فقد كانت هذه هي المرة الأولى والأخيرة التي تحول فيها دولة هذا العدد من الأشخاص من لاجئين إلى مواطنين في وقت واحد. ومع ذلك، فقد كانت العواقب فوضوية، حيث شعر العديد من اللاجئين السابقين بأنهم تم التخلي عنهم من قبل تنزانيا والمجتمع الدولي الذي وعد بمساعدة البلاد خلال عملية المواطنة. ومع ذلك، بالنسبة لأشخاص مثل «نزيلا» والعديد من جيرانه، فقد غير القانون شكل العالم. يقول «ليونارد ابيهودي»، رئيس القرية الرئيسة في «أوليانكولو»، إحدى المستوطنات في غرب تنزانيا حيث استقر اللاجئون البورونديون قبل أربعة عقود: «لست متأكداً إذا كانت هناك دولة أخرى في العالم كانت من الممكن أن تفعل لنا ما فعلته تنزانيا. فليس من السهل أن تأخذ الطعام الذي اشتريته لأطفالك وتعطيه للغرباء. ولكن هذا ما فعله هذا البلد لنا، ونحن مدينون لها باحترام كبير». في جميع أنحاء أميركا الشمالية وأوروبا، تعد مسألة عدد اللاجئين الذين ينبغي قبولهم محل جدل لا نهاية له. ولكن في أماكن مثل تنزانيا، لا توجد رفاهية الاختيار. فالغالبية العظمى من اللاجئين يسافرون إلى الدولة المجاورة. من تركيا إلى أوغندا إلى باكستان، في بلدان مجاورة لمناطق حرب أو كوارث إنسانية، لا يكون السؤال غالباً عن عدد الأشخاص الذين يجب قبولهم، بل ماذا نفعل مع هؤلاء الذين يصلون حتماً. والآن، فإن وجودهم يدفع قادة العالم –الذين اجتمعوا الأسبوع الماضي في المغرب للتوقيع على اتفاق عالمي حول الهجرة –إلى التفكير في مجموعة أخرى من الأسئلة. في الدول التي تستقبل أغلبية اللاجئين – ومعظمها من الدول الفقيرة نفسها – ما المسؤوليات التي تقع على عاتق الحكومات تجاه الأشخاص اليائسين الذين يصلون إلى تلك البلدان؟ وما مسؤولية بقية العالم تجاههم؟
ينشر بترتيب خاص مع خدمة «كريستيان ساينس مونيتور»
بالنسبة لنزيلا، أن تصبح تنزانياً، فهو نتاج للتراكم البطيء للتجارب. لكنه أيضاً حدث مرة واحدة. في عام 2014، مُنِحَ «نزيلا» و162,000 لاجئ بوروندي آخرون الجنسية التنزانية. كان هذا حدثاً بارزاً، فقد كانت هذه هي المرة الأولى والأخيرة التي تحول فيها دولة هذا العدد من الأشخاص من لاجئين إلى مواطنين في وقت واحد. ومع ذلك، فقد كانت العواقب فوضوية، حيث شعر العديد من اللاجئين السابقين بأنهم تم التخلي عنهم من قبل تنزانيا والمجتمع الدولي الذي وعد بمساعدة البلاد خلال عملية المواطنة. ومع ذلك، بالنسبة لأشخاص مثل «نزيلا» والعديد من جيرانه، فقد غير القانون شكل العالم. يقول «ليونارد ابيهودي»، رئيس القرية الرئيسة في «أوليانكولو»، إحدى المستوطنات في غرب تنزانيا حيث استقر اللاجئون البورونديون قبل أربعة عقود: «لست متأكداً إذا كانت هناك دولة أخرى في العالم كانت من الممكن أن تفعل لنا ما فعلته تنزانيا. فليس من السهل أن تأخذ الطعام الذي اشتريته لأطفالك وتعطيه للغرباء. ولكن هذا ما فعله هذا البلد لنا، ونحن مدينون لها باحترام كبير». في جميع أنحاء أميركا الشمالية وأوروبا، تعد مسألة عدد اللاجئين الذين ينبغي قبولهم محل جدل لا نهاية له. ولكن في أماكن مثل تنزانيا، لا توجد رفاهية الاختيار. فالغالبية العظمى من اللاجئين يسافرون إلى الدولة المجاورة. من تركيا إلى أوغندا إلى باكستان، في بلدان مجاورة لمناطق حرب أو كوارث إنسانية، لا يكون السؤال غالباً عن عدد الأشخاص الذين يجب قبولهم، بل ماذا نفعل مع هؤلاء الذين يصلون حتماً. والآن، فإن وجودهم يدفع قادة العالم –الذين اجتمعوا الأسبوع الماضي في المغرب للتوقيع على اتفاق عالمي حول الهجرة –إلى التفكير في مجموعة أخرى من الأسئلة. في الدول التي تستقبل أغلبية اللاجئين – ومعظمها من الدول الفقيرة نفسها – ما المسؤوليات التي تقع على عاتق الحكومات تجاه الأشخاص اليائسين الذين يصلون إلى تلك البلدان؟ وما مسؤولية بقية العالم تجاههم؟
ينشر بترتيب خاص مع خدمة «كريستيان ساينس مونيتور»