تُعدُّ دولة الإمارات العربية المتحدة من الدول الرائدة على مستوى منطقة الشرق الأوسط في جذب الاستثمار الأجنبي المباشر؛ وذلك بفضل القيادة الرشيدة التي وضعت رؤية واضحة لتحويل الدولة مركزاً عالميّاً للابتكار والبحث والتطوير؛ فقد أولت الحكومة أهمية كبرى لتهيئة بيئة اقتصادية وتشريعية محفِّزة، تسمح بجذب رؤوس الأموال الأجنبية، ليس في القطاعات التقليدية فقط، بل في القطاعات المعرفية والعلمية المتقدمة أيضاً، وعلى رأسها البحث العلمي.
وقد نجحت دولة الإمارات في بناء منظومة بحث علمي متقدمة ومتكاملة، تشمل الأبعاد التشريعية والإدارية والعملية؛ فعلى المستوى التشريعي سَنَّت الدولة قوانين داعمة للاستثمار الأجنبي تسمح بملكية كاملة للمستثمرين في قطاعات محدَّدة، منها التعليم العالي والبحث العلمي.
أمَّا على المستوى الإداري؛ فقد أُنشئت هيئات ومجالس متخصصة تشرف على تنظيم السياسات البحثية ومتابعتها؛ وتضمن جودة الأداء، في حين يشهد الجانب العملي تطوراً مستمرّاً عن طريق دعم المختبرات الوطنية، وإنشاء مجمعات علمية، وتحفيز الشراكات بين القطاعين العام والخاص.
وفي هذا السياق تلعب الجامعات والمراكز البحثية المتخصصة دوراً محوريّاً في تحفيز الاستثمار الأجنبي المباشر في قطاع البحث العلمي ودعمه؛ فهذه المؤسسات لا تقتصر أدوارها على التعليم فقط، بل تمثل منصات حيوية لتطوير المعرفة ونقل التكنولوجيا أيضاً.
وعن طريق إبرام الشراكات مع جامعات وشركات عالمية؛ تسهم هذه المراكز في ربط البحث العلمي باحتياجات السوق، وتوفير بيئة خصبة للابتكار وريادة الأعمال العلمية؛ ما يُعزز مكانة الدولة بصفتها مركزاً عالميّاً للاقتصاد المعرفي.
ومن أهم فوائد الاستثمار الأجنبي في البحث العلمي ما يترتب عليه من تطوير في حوكمة منظومة البحث؛ إذ تُسهم الخبرات الدولية في إدخال أفضل الممارسات في إدارة البحث والتطوير، وضمان الجودة، وقياس الأثر العلمي. كما يؤدي هذا الاستثمار إلى جلب خبرات وكفاءات عالمية تتيح للباحثين المحليين فرصاً للتعلم والتطور؛ ما يُسهم في تأهيل المواهب الوطنية لتكون قادرة على الإبداع والمنافسة في الساحة العالمية.
وهذا التوجُّه يدعم جهود كل من وزارة التعليم العالي والبحث العلمي ووزارة الصناعة والتكنولوجيا المتقدمة؛ إذ يشكل الاستثمار الأجنبي في البحث العلمي دافعاً رئيساً لتعزيز التعاون بين هذه الجهات؛ بهدف تحويل مخرجات البحث العلمي من المختبرات إلى منتجات اقتصادية وتجارية قابلة للتطبيق في أسواق عالمية؛ فالرؤية الإماراتية لا ترى البحث العلمي مجرد نشاط أكاديمي، بل أداة استراتيجية لبناء مستقبل اقتصادي قوي ومستدام.
وفي النهاية يُمكن القول إن دولة الإمارات - بسياساتها الذكية، وبنيتها التحتية البحثية المتقدمة- تُمهد الطريق لتحول حقيقي نحو اقتصاد قائم على المعرفة، يكون فيه الاستثمار الأجنبي المباشر في البحث العلمي حجر الأساس في صناعة مستقبل أكثر ازدهاراً.
* أمين سر جمعية الباحثين