في ضوء التصريحات الصادرة عن وزارة الخارجية في دولة الإمارات العربية المتحدة بتاريخ 15 أبريل 2025، بشأن مرور عامين على اندلاع الصراع في السودان، نُعرب عن تأييدنا الكامل لهذا الموقف الإنساني النبيل الذي تحرص الإمارات عليه في سياستها الخارجية، منتصرة من خلاله للبعد الإنساني، بما يضمن مصلحة الشعب السوداني الشقيق. إنها قيم أصيلة مستمدة من المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، الذي صبّ كل اهتمامه في العمل الإنساني النبيل بالمنطقة والعالم كله، وهذا نهج الإمارات وسياستها الثابتة في دعم الشعوب الشقيقة في أوقات المحن والشدائد.
أمس الأول، أكد معالي الدكتور أنور بن محمد قرقاش، المستشار الدبلوماسي لصاحب السمو رئيس الدولة، أن التزام دولة الإمارات تجاه الشعب السوداني راسخ، وتاريخي، ومتجدد، مشيراً إلى خطاب من سفارة السودان في لندن إلى الخارجية البريطانية يعود تاريخه إلى 1 مايو 1973، الخطاب يوثق متابعة توجيهات المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، ببناء مستشفى رئيسي و24 عيادة بعد زيارته للخرطوم.
هذا الخطاب، أو بالأحرى الوثيقة خير دليل لتذكير العالم برسوخ سياسة الإمارات الإنسانية وتجذرها في دبلوماسية الدولة.وبمناسبة مرور عامين على الحرب الأهلية في السودان، جاء البيان الرسمي الصادر عن معالي لانا نسيبة، مساعدة وزير الخارجية للشؤون السياسية، معبّراً بوضوح عن حرص دولة الإمارات على الوقوف بجانب الشعب السوداني الشقيق، وهو موقف إنساني وأخلاقي قبل أن يكون ذا هدف سياسي نبيل أو دبلوماسي يعكس قيم الإمارات وشعبها المعطاء. الإمارات طالبت عبر البيان الرسمي بوقف فوري ودائم وغير مشروط لإطلاق النار، والانخراط في عملية سياسية تُنهي معاناة الملايين من الأبرياء، وتُعيد الأمل إلى السودان الشقيق.
وعلى هذا النحو، نجد أنَّ ما يشهده السودان اليوم من أزمة إنسانية متفاقمة يحتاج فيه أكثر من 30 مليون إنسان إلى مساعدات إغاثية بشكل عاجل وفوري يضع العالم أجمع أمام مسؤولية إنسانية بحتة، ولكن دولة الإمارات العربية المتحدة كعادتها كانت في مقدمة الدول المبادِرة إلى تقديم الدعم الإغاثي الحقيقي، وليس مجرد بيانات تضامن أو مجرد هتافات على ورق، فقد قدّمت الدولة منذ تفجّر الصراع أكثر من 600 مليون دولار من المساعدات الإنسانية، بالتعاون مع وكالات الأمم المتحدة، في نهج حيادي لا يميز بين أبناء السودان، وإنما يُركّز فقط على تلبية الاحتياجات الإنسانية بشكل عاجل وفعّال.
وما يزيد من فداحة الكارثة بحسب البيانات الصادرة في وقتنا الراهن، هو تعرض المدنيين لسلاح التجويع واستهدافهم، بما في ذلك العاملون في المجال الإنساني، في مشاهد تعصف بمفهوم الرحمة أو القيم الإنسانية. ومن هنا، جاء موقف الإمارات واضحاً في إدانة هذه الفظائع، والمطالبة بمحاسبة مرتكبيها، مؤكدةً أنه لا حل عسكرياً لهذا الصراع، وإنما الحل يكمن فقط في عملية سياسية شاملة وقيادة مدنية مستقلة تعكس تطلعات السودان وشعبه.
وإذا كان موقف الإمارات مع السودان اليوم جديراً بالاحترام والتقدير، فإن هذا الموقف ليس بجديد على الدولة، بل هو امتداد طبيعي لإرث المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيّب الله ثراه، الذي غرس في نفوس أبناء الإمارات حب العطاء، ودعم المحتاجين، دون النظر إلى العِرق أو الدين أو الجغرافيا. لقد جعل الشيخ زايد من العمل الإنساني ركناً أساسياً ضمن سياسة الدولة، وهذا يبني القوة الناعمة الحقيقية للإمارات، وهو أيضاً المبدأ الذي استمر عليه قادة الدولة من بعده، ولذلك الإمارات اليوم منارة العطاء والإنسانية والتسامح.
موقف الإمارات تجاه السودان يُجسد أسمى معاني التضامن الإنساني الحقيقي. وفي هذا الزمن الصعب، تبقى دولة الإمارات العربية المتحدة مثالاً يُحتذى به في النُبل، والعطاء، والبصيرة الإنسانية التي تضع الإنسان أولاً، كما أراد زايد الخير، طيّب الله ثراه.
*كاتبة إماراتية.