عداء الرئيس دونالد ترامب لأي إجراء يهدف إلى إبطاء تغير المناخ يمتد حتى إلى سياساته الاقتصادية. وقد يكون التأثير غير مقصود، لكن التعريفات الجمركية التي فرضها بمناسبة «يوم التحرير» تهدد بإلحاق الضرر بالطاقة النظيفة، وستكون النتيجة إلحاق الضرر بالاقتصاد نفسه الذي يدّعي ترامب أنه يعيده إلى العظمة.

التأثير الأول لتعريفات ترامب واضح: فالرسوم الجمركية المرتفعة على الواردات من الصين، وفيتنام، وغيرها ستؤدي إلى ارتفاع أسعار الألواح الشمسية، والبطاريات، ومكونات حيوية أخرى في عملية التحول إلى الطاقة النظيفة، مما يجعل شراءها واستخدامها أقل ربحية. ونتيجة لذلك، سيتم بناء عدد أقل من مزارع الرياح، ومحطات شحن السيارات الكهربائية، وما إلى ذلك. وكما قال «أليكس موريسينو»، كبير محللي السياسات في مؤسسة الضرائب، وهي مؤسسة بحثية غير ربحية، لموقع «كلايمت بريف»: «الاقتصاد الأميركي الأقل إنتاجية، الذي يضطر لدفع أسعار أعلى للمدخلات الأساسية، هو اقتصاد لا يستطيع توفير موارد كافية لمعالجة تغير المناخ».

ومع ذلك، لو كانت الولايات المتحدة ملتزمة بتعزيز طاقتها الإنتاجية المحلية لصناعة هذه المنتجات، فربما كانت الأمور ستتحسن مع مرور الوقت – رغم أننا سنواجه سنوات من انبعاثات غازات دفيئة أعلى تؤدي إلى تسخين الكوكب بينما ننتظر تدريب العمال وافتتاح المصانع.وتكمن المشكلة في أن سياسات ترامب تسعى للقضاء على الحوافز التي يوفرها قانون خفض التضخم للطاقة النظيفة.

وتحاول إلغاء القواعد البيئية التي تلزم الشركات بتقليل بصمتها الكربونية، كما جمدت عملية نشر محطات شحن السيارات الكهربائية، وهكذا دواليك.هذا يخلق فرصة ذهبية للصين وأوروبا ودول أخرى لكسب ميزة تنافسية على الولايات المتحدة في هذه التقنيات المتنامية. للحمائية تاريخ في تحويل الصناعات المحلية إلى حيوانات مدللة غير صالحة للبقاء على قيد الحياة في البرية. وفي الآونة الأخيرة، صُمم «قانون جونز» لعام 1920 لحماية صانعي السفن الأميركيين من خلال عزلهم عن العالم.

وبدلاً من ازدهار الصناعة، بحث العالم ببساطة عن أماكن أخرى لصناعة السفن – مرحباً، الصين – ولم تتعافَ الصناعة الأميركية منذ ذلك الحين. وبنفس الطريقة، فإن خطة ترامب لجعل أميركا «مهيمنة في مجال الطاقة» من خلال إعطاء الأولوية للوقود الأحفوري، من المرجح أن تجعلها «خامدة في مجال الطاقة».لكن هذه ليست مشكلة أميركية فحسب. فالحواجز أمام التجارة الحرة ترتفع في جميع أنحاء العالم، وكثير منها يستهدف الألواح الشمسية، والسيارات الكهربائية، وغيرها من واردات التكنولوجيا النظيفة.  ففي العام الماضي وحده، فرض أعضاء مجموعة العشرين 16 رسماً جديداً على سلع التكنولوجيا النظيفة، وفقاً لوكالة «بلومبيرج إن إف إي».في عالمٍ تتبادل فيه الدول التعريفات الجمركية، كما لو كانت أسلحةً في الفصل الأخير من فيلمٍ للمخرج كوينتن تارانتينو، فإن الجميع يتضرر، بما في ذلك التحول إلى الطاقة النظيفة. وقد حذر علماء المناخ في الأمم المتحدة منذ وقت طويل من عالم كهذا، وأطلقوا عليه تسمية – SSP3 (اختصار لـ «المسار الاجتماعي-الاقتصادي المشترك») أو، بشكل أكثر دقة، «التنافس الإقليمي – طريق وعر».هذا العالم الكئيب يتميز بـ «تحديات عالية للتخفيف والتكيف»، ويشهد «عودة القومية، ومخاوف بشأن التنافسية والأمن، وصراعات إقليمية».

وفي هذا العالم، تستثمر الدول أقل في العلوم والتكنولوجيا النظيفة. ويتباطأ النمو الاقتصادي وتزداد التفاوتات. يزداد تلوث الهواء والماء والأرض، وتستمر انبعاثات الكربون في التزايد. يُضيّع هذا العالم فرصته الضائعة أصلاً للحد من الاحتباس الحراري العالمي وكبح زيادة الاحترار إلى 1.5 درجة مئوية فوق متوسطات ما قبل الثورة الصناعية، وهو الهدف المُبالغ فيه الذي نصّت عليه اتفاقيات باريس.أما الآثار القصيرة الأجل للحمائية التجارية الجامحة فقد تكون خطيرة أيضاً على الطاقة النظيفة. فرسوم ترامب الجمركية، وفقا لبعض المقاييس، أكبر من تعريفات «سموت-هاولي» الشهيرة التي ارتبطت بالكساد الكبير. قد يتم التفاوض عليها في نهاية المطاف لتخفيض آثارها الاقتصادية إلى حد أقل كارثية، لكن الركود العالمي لا يزال وارداً للغاية. وقد رجح بنك «جي بي مورجان تشيس» وشركاه الأسبوع الماضي احتمال حدوث ركود عالمي هذا العام بنسبة 60%.والركود العالمي يمكن أن يكون بمثابة سم قاتل للاستثمارات الخضراء.

فالشركات التي تسعى للبقاء أقل ميلاً للمغامرة على تقنيات جديدة. والحكومات التي تحاول إنعاش اقتصاداتها تميل إلى دعم أرخص مصادر الطاقة – والتي قد تكون الأقذر أحياناً. وقد يمنع التضخم الناجم عن الرسوم الجمركية بنك الاحتياطي الفيدرالي من خفض أسعار الفائدة، مما يحرم التكنولوجيا النظيفة من «غبارها السحري النقدي» الذي ساعدها على الازدهار خلال عصر أسعار الفائدة الصفرية (عام 2022)، كما لو كان قبل ألف عام).

وفي الوقت نفسه، قد تخلق فترات الركود فرصاً. إذ يمكن للحكومات تحفيز الاقتصاد من خلال زيادة وظائف وإنتاج التكنولوجيا النظيفة، كما فعل الرئيس السابق جو بايدن والكونجرس مراراً. لكن إدارة ترامب أظهرت عداءً شديداً لمثل هذا الإنفاق. فأفضيلته للوقود الأحفوري تُعرض كوسيلة لإنعاش الاقتصاد. لكن المناخ الذي يزداد فوضى هو عقبة أخرى أمام النمو. وسترتد مخططات ترامب بنتائج عكسية، تماماً كما هو الحال مع تعريفاته التجارية.

مارك جونجلوف*
كاتب متخصص في قضايا تغير المناخ
ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست لايسنج آند سينديكيشن»