في هذه المرحلة التي يمر بها السودان وشعبه الشقيق العزيز على نفوسنا في دولة الإمارات قيادة وشعباً، تعتبر الكتابة حول علاقة الإمارات بشعب السودان من قبل مواطن من دولة الإمارات محب للسودان وشعبه، وخَبِر السودان وعرف شعبه الطيب الودود، وعاش فيه وخبر كل ما فيه، وجابه متجهاً إلى ربوعه منذ سبعينيات القرن العشرين، ليست ترفاً ذهنياً أو شغفاً فكرياً تسطر كلماتها في فراغ، إنما هي كتابة تنطلق من شعور عميق بالمسؤولية الوطنية ومن واجب أخلاقي ممزوج بالمودة والمعزة تجاه شعب السودان الودود.

علاقات الإمارات بالشعب السوداني ليست عابرة أو سطحية، إنما هي ذات معانٍ سامية تقوم على دعم وإعانة الشعب السوداني، وعلى ركيزتين أساسيتين هما الدعم الاقتصادي والمالي والتنموي المباشر، وعلى جالية سودانية ضخمة تعمل وتعيش على أرض الدولة، وتلقى الرعاية والترحاب والعون من قيادة الإمارات الرشيدة وشعبها المضياف، وتعامل معاملة متميزة منذ أن بدأ الأشقاء السودانيون يصلون إلى الإمارات في بداية ستينيات القرن العشرين وتدفقها والترحاب بها وتسهيل أمورها. على الصعيد الاقتصادي والدعم المالي والتنموي قدمت الإمارات إلى السودان دعماً واسعاً في شكل هبات ومعونات مجزية، يفوق حجمها ما قدمته الكثير من دول العالم.

وأتت تلك المعونات في أشكال متعددة، أجزاء منها من الحكومة الاتحادية مباشرة، وأخرى من الحكومات المحلية، وثانية من جهات استثمارية رسمية أو أهلية يملكها مواطنون، وثالثة عبر مؤسسات تمويل إما عالمية أو إقليمية دولة الإمارات عضو فيها، أو لديها قوة ناعمة في إدارتها وتوجيهها، وتلك المنظمات تشمل صندوق النقد الدولي، والبنك الدولي، والصندوق العربي للتنمية الاقتصادية والاجتماعية، وجهاز أبوظبي للاستثمار، والشركة العربية للاستثمار الزراعي في السودان.

لكن الأهم في كل ذلك هو ما قدمته دولة الإمارات للسودان على المستوى الثنائي المتمثل في المساعدات كمنح مباشرة لا ترد، أو قروض ميسرة بدون فوائد أو بفوائد رمزية. أما على صعيد الجالية السودانية الضخمة في الإمارات، فلن أضيف شيئاً وسأترك الأمر لما كان يوجد من علاقات أخوة صادقة بين المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، وأسكنه فسيح جناته، والرئيس الراحل جعفر محمد النميري رحمه الله، الذي قال: «كان الشيخ زايد أخاً سباقاً بأياديه البيضاء على السودان وشعبه. كان كريماً وشهماً وسأظل أنا شخصياً وكل أهل السودان له من الشاكرين، ولا ينكر أفضاله وسجاياه إلا الجاحدون. وحضر إلى الخرطوم واستقبله عموم أهل السودان كما لم يستقبلوا زعيماً قبله. كان له في قلوبهم مكانة خاصة، فقد أحبهم وأحبوه، فذهب الكثيرون منهم إلى بلده وأقاموا فيها. كان يميزهم ويشملهم بعطفه وحنانه، ويزيل كل المشكلات المتعلقة بهم». هكذا هي مواقف دولة الإمارات تجاه السودان وشعبه، وهكذا ستبقى حاضراً ومستقبلاً. في دولة الإمارات ستبقى الأيادي ممدودة بالخير والعطاء تجاه الأشقاء السودانيين بإذن الله، فهم يقعون منا كشعب شقيق في سويداء القلب، وسيبقى ذلك الحب إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها، شاء من شاء وأبى من أبى. وإلى مستقبل مشرق إلى علاقات طيبة بين الشعبين الشقيقين.

*كاتب إماراتي