تأكيداً لالتزام دولة الإمارات بالاستثمار في العنصر البشري، كأفضل استثمار تنموي، وحرصاً على توفير بيئة متكاملة ومتساوية لجميع مواطنيها، ودعماً لريادتها في رعاية وبناء قدرات أصحاب الهمم، أطلق «مصرف الإمارات للتنمية» (25 مارس 2025) مبادرة لإنشاء أول مختبر للذكاء الاصطناعي لأصحاب الهمم في «جمعية الإمارات لمتلازمة داون» بدبي. وتأتي المبادرة ضمن حملة المصرف الرمضانية «إماراتنا تزدهر بالخير»، التي شملت أنشطة مجتمعية أخرى مثل دعم الأسر المتعففة، وتمويل حملة «وقف الأب»، وتعزيز التعاون مع القطاعات الاقتصادية الحيوية بالدولة.
وتعكس المبادرة حرص المصرف على المساهمة في تحسين جودة حياة أصحاب الهمم، والتزامه بدعم القطاعات ذات الأولوية، خاصة الرعاية الصحية والتكنولوجيا، وتعزيز مسيرة التنمية، والانخراط في جهود بناء مستقبل أكثر شمولاً واستدامة، إذ يهدف مختبر الذكاء الاصطناعي، باعتباره مركزاً للتميز، إلى تزويد المصابين بمتلازمة داون، خاصة الأطفال والشباب، بالفرص والأدوات اللازمة للنجاح في عالم يتّسم بالتطور التكنولوجي النوعي والمتسارع، وذلك بالتركيز على مبدأ الشمولية، وخلق بيئة تعليمية مواتية ومبتكرة، تتيح للمشاركين تنمية قيم الابتكار والإبداع، لتصبح أسلوب حياة مستداماً.
كما تتوخى المبادرة تمكين المستفيدين منها من تطوير حلول عملية في مجالي الذكاء الاصطناعي والروبوتات، بما يُمكّنهم من استكشاف قدراتهم ومهاراتهم التعليمية والمهنية، وتعزيز ثقتهم بأنفسهم، والمساهمة الفاعلة في ميادين الابتكار والتكنولوجيا.
ومن الجدير بالذكر في هذا المقام تأكيد انسجام مبادرة «مصرف الإمارات للتنمية» مع سياسة دولة الإمارات المعنية بحماية ودمج أصحاب الهمم وتسهيل حياتهم وإسعادهم، وضمان العيش الكريم لهم على قدم المساواة مع الآخرين. كما تتّسق المبادرة مع مستهدفات «عام المجتمع 2025» في دولة الإمارات، إذ كانت الدولة سباقة دوماً في هذا المجال، وهو ما يعكسه قرار مجلس الوزراء عام 1973 بشأن تمكين أصحاب الهمم، وصدور القانون الاتحادي رقم 29 لسنة 2006 وتعديلاته، وتصديق الإمارات عام 2010 على «اتفاقية حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة»، وهي معاهدة دولية لحقوق الإنسان صادرة عن الأمم المتحدة.
كما أطلقت حكومة دولة الإمارات مجموعة من السياسات لدعم أصحاب الهمم، أبرزها السياسة الوطنية لتمكين أصحاب الهمم عام 2017، وإعداد قاعدة بيانات شاملة خاصة، وإنشاء مجلس استشاري لأصحاب الهمم عام 2017، وإصدار «القاموس الإشاري الإماراتي للصم» عام 2018، وتشكيل «اللجنة العليا لخدمات أصحاب الهمم» عام 2019، وتبني سياسة حماية أصحاب الهمم من الإساءة، والسياسة الوطنية لتمكين ذوي التوحد عام 2021، وكود الإمارات للبيئة المؤهلة (يعزّز وصول أصحاب الهمم للمباني ووسائل النقل)، وبرنامج التدخل المبكر (يستخدم تطبيق «نمو» الذكي للكشف عن حالات التأخر النمائي مبكراً).
وتوفّر حكومة دولة الإمارات قنوات عديدة للتواصل مع أصحاب الهمم، حيث تقدم الهيئة العامة لتنظيم قطاع الاتصالات، ووزارة التغير المناخي والبيئة، ووزارة الموارد البشرية والتوطين، ووزارة تنمية المجتمع خدمات الدعم المباشرة لهم، عبر التواصل مع شخصية كرتونية تتحدث لغة الإشارة. كما يمكن لأصحاب الهمم إرسال استفساراتهم إلى وزارة تنمية المجتمع من خلال تسجيل مقطع فيديو يطرحون فيه أسئلتهم بلغة الإشارة.
وتقدم المؤسسات المعنية في دولة الإمارات خدمات مخصّصة تلبي احتياجات أصحاب الهمم، تشمل توفير بطاقة صحية، وإعادة التأهيل، وتقديم المساعدات الاجتماعية الشهرية، وتوفير الوظائف، وترجمة المستندات إلى لغة الإشارة، وتوفير المواد التعليمية بلغة برايل. كما تقدم «مؤسسة زايد العليا لأصحاب الهمم» خدمة الترجمة بلغة الإشارة، حيث يمكن لأي جهة حكومية أو مؤسسة أو شخص تقديم طلب ترجمة للمؤسسة للحصول على النصوص مترجمة بلغة الإشارة لأصحاب الهمم.
وختاماً، فإن مبادرة «مصرف الإمارات للتنمية» لإنشاء أول مختبر للذكاء الاصطناعي لأصحاب الهمم تمثل نموذجاً يحتذى به لكافة المؤسسات بدولة الإمارات، حيث يمكن البناء عليها لتطوير أفكار خلاقة لتحسين حياة أصحاب الهمم، عبر توظيف تقنيات الذكاء الاصطناعي، ما يدعو للتفاؤل بأن الفترة المقبلة سوف تشهد طرح المزيد من تلك المبادرات الإنسانية النبيلة.
*صادرة عن مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية.