تحدثنا على مدى الأعوام الماضية، ومع حلول شهر رمضان المبارك من كل عام، حول الإنتاج الفني التلفزيوني الموجَّه للمشاهدين خلال هذا الشهر الفضيل. لكن تعود تلك الأخطاء من جديد في العام الذي يليه، ومن دون اعتبار للمطالبات حول ضرورة إصلاح ما يتم تقديمه من خلال الشاشة الصغيرة وقنواتها المنتشرة. والمسلسلات التي عُرضت في السابق، بعضها يتضمن تشويهاً للحقائق، وبعضها يثير قضايا لا أهمية لها وبعيدة كل البعد عن حقيقة الواقع الخليجي.

ومن أوجه القصور في هذه الأعمال الفنية التلفزيونية أن بعض المسلسلات الرمضانية، ورغم كونها تتحدث عن الواقع الخليجي، فإن غالبية الممثلين فيها من غير الخليجيين، لذلك نراهم في أدوارهم يتصنعون اللكنة الخليجية، وكثيراً ما يشطون بعيداً عن التقاليد والأعراف التي حافظت عليها المجتمعات الخليجية. كما أن بعض تلك المسلسلات يحرص على إبراز الجوانب السلبية، دون ضرورة لذلك، متناسيةً في المقابل الكثير من الجوانب الإيجابية في حياة المجتمع. بل بالغ بعضها في إظهار المجتمع الخليجي بصورة سيئة، وعلى نحو لا يمت للواقع الحقيقي بصلة. وبالتالي فقد حادت تلك المسلسلات الرمضانية عن الطريق والهدف من عرضها.

ولو استعرضنا جوانب أخرى في هذه المسلسلات، سواء على مستوى الشكل أو المضمون، فسنجد أنها بعيدة جداً عن كينونة المجتمع الخليجي وماهيته، وأنها لا تعبّر عنه كما يجب بحال من الأحوال.. بل نلاحظ أن معظم هدفها هو الربح أولاً وأخيراً، وذلك عبر اللعب على وتر الصبغة الخليجية التي تحاول أن تظهر بها في بعض مَشاهدها التلفزيونية. وإلى ذلك، فإنه يتوجب على الأجهزة المسؤولة عن مراقبة المصنفات الفنية أن تتوخى الحرصَ في التصريح لأي مسلسلات من هذا النوع، خاصة تلك التي تضخم السلبيات أو تروج لها بعيداً عن أي مراعاة لطبيعة المجتمع الخليجي المحافظ، رغم كل التطورات المدنية والتغيرات الحادثة في أسلوب الحياة وشكلها.

ويتعين هنا أن نقول كلمة حق، وهي أنه على الرغم من التغير الذي حملته معها الحياة العصرية، في العالم ومنطقة الشرق الأوسط تحديداً، وبشكل غير مسبوق على أكثر من صعيد، فإن المجتمع الخليجي ظل محافظاً على عاداته وتقاليده، بل واستطاع الحفاظ على بقائها بشكل أساسي في مختلف نواحي الحياة التي يعيشها.. فهل نشهد تحولاً في الأعمال الفنية التلفزيونية خلال شهر رمضان لهذا العام؟

*كاتب كويتي