المدينة الذكية المستدامة هي مدينة مبتكرة تستخدم تكنولوجيا المعلومات والاتصالات، وغيرها من الوسائل، لتحسين نوعية الحياة وكفاءة التشغيل والخدمات الحضرية والقدرة التنافسية، مع ضمان تلبية احتياجات الأجيال الحالية والمستقبلية فيما يتعلق بالجوانب الاقتصادية والاجتماعية والبيئية والثقافية. وهي مدينة صُممت مع مراعاة الأثر البيئي، والتي يقطنها شعب مخصّص لتقليل المدخلات المطلوبة من إنتاج الطاقة والمياه والمواد الغذائية والنفايات، من الحرارة وتلوث الهواء وتلوث المياه.
والمدن المستدامة هي المدن التي تقلّل من البصمة البيئية لأنشطتها وتعزّز أنماط الاستهلاك والإنتاج المستدام بما يتماشى مع خصائصها الجغرافية والاجتماعية والاقتصادية والثقافية ونمط الحياة فيها بكل جوانبه.
وتعتبر مدينة مصدر في إمارة أبوظبي واحدة من هذه المدن المستدامة، التي تهدف إلى أن تكون نموذجاً لمدينة مستدامة على مستوى العالم، وقد تصدّرت أبوظبي ودبي منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في مؤشر المدن الذكية للعام 2021. حيث صدر هذا التصنيف عن المعهد الدولي للتنمية الإدارية بالشراكة مع جامعة سنغافورة للتكنولوجيا والتصميم. وهو تصنيف يُقيّم تصور المقِيمين في كلّ مدينة حول الخدمات الذكية المُتاحة والبُنى التحتية. ويغطي المؤشر خمسة محاور رئيسية، هي الصحة والسلامة والتنقل والأنشطة الفرص والحوكمة. حيث قامت إمارة أبوظبي بوضع خطة تنموية لتحويل اقتصادها من اقتصاد يعتمد على الموارد الطبيعية إلى اقتصاد يستند على المعرفة والابتكار وتصدير التكنولوجيا. وهذا يؤدي إلى تنوع اقتصادها من خلال إيجاد عدد من البدائل الاقتصادية الجديدة. ومن الخطوات الرئيسية في هذه الاستراتيجية تطوير مدينة ذكية. وقد بدأت إمارة أبوظبي في التخطيط لمدينة مصدر منذ عام 2006، حيث الاستغلال الأمثل للطاقة الشمسية من خلال تطوير مكاسب الكفاءة والتوجيه الأمثل لشبكة الطاقة في المدينة، وتكامل أوجه الحياة فيها بطريقة تجعل الحياةَ سهلةً وسعيدةً، مع توفر السكن في مواقع مناسبة بما يؤدي إلى تقليل استخدام وسائل النقل، وإنشاءات ومبانٍ محدودة الارتفاع والحجم، وتوفير وتطوير مرافق عامة لحياة اجتماعية سعيدة، مع الاهتمام بالمشاة، وبوسائل المواصلات المتوازنة، وكذلك توفير حياة ذات جودة عالية ضمن منظومة بيئية ذكية.
وتعتبر مدينة مصدر من أوائل المدن المستدامة في الشرق الأوسط، إذ تبنّت توفير بصمة خضراء يُحتَذى بها في مدن المستقبل، واهتمّت باستيعاب التوسع الحضري السريع، وبخفض استهلاك الطاقة والمياه والحد من التلوث والنفايات. ووفقاً للخطة التطويرية للمدينة، يجب أن تستوفي المشاريعُ الجديدة وغيرها متطلبات تصنيف «3 لآلئ» كحد أدنى بموجب إطار عمل معايير المباني الخضراء المستدامة التي حددها مجلس أبوظبي للتخطيط العمراني، بحيث تتحقق الكفاءة في استخدام الطاقة والمياه بنسبة تزيد على 40 بالمئة مقارنة بالمباني التقليدية.
كذلك تعتبر مدينة دبي المستدامة من المشاريع العقارية الإماراتية، التي تبنّت معايير الاستدامة بعناصرها الرئيسية الثلاثة، الاقتصادية والبيئة والاجتماعية، بوصفها إحدى الركائز المهمة للاقتصاد الأخضر.
وهناك أيضاً مدينة الشارقة المستدامة، والتي تهدف إلى إيجاد مجتمع عالمي المستوى ومُستدام وسعيد في دولة الإمارات، وهي أول مجتمع متكامل في إمارة الشارقة يستهلك الطاقة الأحفورية بنسبة 0٪.ويوضح أحدث مؤشر لاستدامة الوجهات العالمية أن 69 عاملاً من بينها معدّلات إعادة التدوير، ومستويات تلوث الهواء، وكمية مسارات ركوب الدرّاجات، والنسبة المئوية لغرف الفنادق المعتمدة كغرف صديقة للبيئة.. تمثل معايير لاختيار المدن الأكثر استدامة في العالم. وجاءت أفضل 10 مدن على مؤشر استدامة الوجهات العالمية لعام 2023 كما يلي: غوتنبرغ (السويد)، أوسلو (النرويج)، كوبنهاجن (الدنمارك)، هلسنكي (فنلندا)، بيرغن (النرويج)، آرهوس (الدنمارك)، ألبورج (الدنمارك)، غلاسكو (المملكة المتحدة)، بوردو (فرنسا)، وستوكهولم (السويد).
إن الاستدامة هي إحدى الاستراتيجيات الرئيسية، التي يتعين علينا التركيز عليها في السنوات المقبلة، ونحن نعلم أن ظاهرة الاحتباس الحراري موجودة وأن جميع القطاعات الاقتصادية عليها الاهتمام بمستقبلنا ومستقبل كوكبنا ومستقبل الأجيال.