حققت دولة الإمارات العربية المتحدة إنجازاً كبيراً باحتفاظها بالمركز العاشر عالمياً في «مؤشر القوة الناعمة العالمي 2025»، الذي تُصدره شركة «براند فاينانس»، وتم الإعلان عنه في لندن خلال مؤتمر القوة الناعمة السنوي، لتشكل بذلك حالة استثنائية بالنسبة لدول المنطقة التي تراجع زخم قوتها الناعمة. ويعكس هذا الإنجاز مدى قدرة الدولة على التأثير في تفضيلات وسلوكيات مختلف الجهات الفاعلة في الساحة الدولية، بما في ذلك الدول والشركات والمجتمعات والجمهور، من خلال الجذب والإقناع بدلاً من الإكراه.
وارتفعت قيمة الهوية الإعلامية الوطنية للإمارات من تريليون دولار إلى أكثر من تريليون ومئتين وثلاثة وعشرين مليار دولار بحلول عام 2025، كما حققت الإمارات المرتبة الأولى عالمياً في أداء الهوية الإعلامية الوطنية، والسادسة في قوة هذه الهوية، ما يعكس مكانتها المتقدمة على الساحة الدولية. وتوزعت إنجازات الإمارات في مؤشر القوة الناعمة على عدة مجالات، حيث جاءت في المركز الرابع عالمياً في فرص النمو المستقبلي، والكرم والعطاء، والسابع في قوة الاقتصاد واستقراره، والثامن في التأثير الدولي، كما حلت في المركز التاسع في مجالات العلاقات الدولية، والتأثير في الدوائر الدبلوماسية، والتكنولوجيا والابتكار، واحتلت المركز العاشر في استكشاف الفضاء، والمتابعة العالمية لشؤونها.
ويدل هذا التموضع الإماراتي العالمي على ثمار السياسات التي تنتهجها القيادة الرشيدة، ودورها في بناء الدولة سياسياً واقتصادياً وثقافياً وعلمياً، لتصبح شريكاً عالمياً موثوقاً في نشر التنمية والاستقرار، بما يعزز مؤشراتها القوية من ناحية السمعة العالمية والتأثير الإيجابي متعدد القطاعات، استكمالاً للأسس التي أرساها المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه.
حققت الإمارات المرتبة الثانية عالمياً في سهولة ممارسة الأعمال، مما يعكس بيئة اقتصادية متطورة، مدعومة بتشريعات مرنة وسياسات حكومية داعمة للاستثمار، كما أثبتت الإمارات قدرتها على استشراف المستقبل، إذ احتلت المركز الرابع في فرص النمو المستقبلي، ما يعكس استراتيجياتها الناجحة في الاستثمار في القطاعات الواعدة مثل الطاقة المتجددة، والذكاء الاصطناعي، والصناعات المتقدمة، بما يحجز لها مكاناً في المستقبل الذي ترسم ملامحه فواعل متشابكة ودينامية ما بين العلم والاقتصاد والتكنولوجيا. وإلى جانب ذلك، حافظت الإمارات على المركز السابع عالمياً في قوة الاقتصاد واستقراره، وهو ما يعكس مرونة اقتصادها الوطني وقدرته على مواجهة التحديات العالمية، ودور سياسة التنويع الاقتصادي التي تتبعها الإمارات، التي تقوم على تقليل الاعتماد على النفط وتعزيز الاستثمارات في القطاعات غير النفطية، في تعزيز مكانتها كمركز اقتصادي عالمي مستقر. تعتبر الإمارات أيضاً قوة مؤثرة على الساحة الدولية، حيث حلَّت في المركز الثامن في المؤشر العام للتأثير الدولي.
ويعود هذا التأثير إلى استراتيجياتها التي تبني شراكات دولية فعالة، بالإضافة إلى دورها المتنامي في المبادرات التنموية والإنسانية، واستضافتها للفعاليات الدولية الكبرى. كما جاءت في المرتبة التاسعة في مجال العلاقات الدولية والتأثير في الدوائر الدبلوماسية، ما يعكس سياستها الخارجية المتوازنة ونجاحها في بناء جسور التعاون مع الدول الأخرى. في مجال التكنولوجيا والابتكار، حققت الإمارات المرتبة التاسعة عالمياً، مما يؤكد نجاحها في تعزيز ريادتها في التحول الرقمي. وقد استثمرت الدولة بشكل كبير في البنية التحتية الذكية، ودعمت الشركات الناشئة، وزادت من شراكاتها مع المؤسسات التكنولوجية العالمية.
كما تواصل الإمارات تقدمها في استكشاف الفضاء، حيث حلّت في المركز العاشر عالمياً في هذا المجال، ما يعكس نجاحها في مشاريع طموحة مثل «مسبار الأمل» لاستكشاف المريخ. على صعيد الإعلام والعلاقات العامة، جاءت الإمارات في المرتبة العاشرة في متابعة الجمهور العالمي لشؤونها، مما يبرز الاهتمام العالمي بإنجازاتها، ودور استضافة الفعاليات العالمية، مثل إكسبو 2020، في تعزيز حضورها الإعلامي العالمي وإبراز نجاحاتها في مختلف القطاعات. وفي إطار المسار التصاعدي لإنجازات دولة الإمارات المتوالية، يتوقع أن تواصل دولة الإمارات تعزيز مكانتها في مجال القوة الناعمة، في ظل وجود مجموعة شاملة ومنسقة من الاستراتيجيات الطموحة التي تركز على الابتكار والتنمية المستدامة.
*صادرة عن مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية.