زار رئيس الوزراء ناريندرا مودي الولايات المتحدة هذا الأسبوع للقاء الرئيس الأميركي دونالد ترامب. ربما لم تسفر زيارته عن أي نتائج كبيرة، لكنها كانت زيارة مهمة من وجهة نظر الهند، حيث سعت إلى فهم الوضع القائم، وما يمكن توقعه خلال الولاية الثانية لترامب. ذلك لأن الولاية الثانية لترامب لم تكن سوى فوضوية، حيث سعى إلى قلب الاقتصاد العالمي، متوعداً بفرض تعريفات جمركية متبادلة. لقد فرض تعريفات جمركية على الصين، التي يعتبرها المنافس المباشر للولايات المتحدة. لذلك، كان من المهم لنيودلهي، التي اقتربت في الآونة الأخيرة من واشنطن، أن تفهم إدارة ترامب وسط التحديات المستقبلية، التي لا مفر منها. ومع ذلك، كان الاجتماع بين الزعيمين ودياً على الرغم من التحديات العديدة.

ومن المعروف بالفعل أن ترامب ومودي لديهما علاقة عمل دافئة. في الماضي، أعرب كلا الزعيمين عن إعجابهما ببعضهما البعض، وخاطبا تجمعات كبيرة معاً في الولايات المتحدة وكذلك في الهند. خلال زيارة رئيس الوزراء مودي إلى الولايات المتحدة في عام 2019، ألقى الزعيمان خطاباً مشتركاً في قمة مجتمع الشتات الهندي في ملعب كبير في هيوستن بولاية تكساس. وبعد عام في 2020، خلال الزيارة الأولى لترامب إلى الهند، تحدث الزعيمان معاً مرة أخرى في تجمع ضخم في أحمد آباد.

ومع ذلك، وعلى الرغم من هذا التاريخ من التآلف، فإن الولاية الثانية لإدارة ترامب تُعد بأن تكون غير متوقعة على الإطلاق. ولا شك في أن زيارة مودي للولايات المتحدة كانت تهدف إلى فهم إدارة ترامب في نسختها الثانية.

وقد ظهر التآلف بينهما عندما تبادل الزعيمان التحية بحرارة، في تناقض صارخ مع الطريقة التي كان ترامب ينتقد بها قادة دول أخرى مثل كندا، وغيرها. وقد وصف دونالد ترامب رئيس الوزراء الهندي بأنه «زعيم عظيم»، وقال إن البلدين «سيبرمان بعض الصفقات التجارية الرائعة بين الهند والولايات المتحدة»، بل إنه قال إن رئيس الوزراء الهندي «مفاوض أكثر صرامة مني، وهو مفاوض أفضل مني بكثير، ولا يوجد وجه حتى للمقارنة». ومع ذلك، تجدر الإشارة إلى أن الاجتماع بين الزعيمين جاء مباشرة بعد إعلان ترامب عن «تعريفات متبادلة» على الشركاء التجاريين، مما فتح الباب أمام حرب تجارية عالمية. ونظراً لأن نيودلهي قدّرت أن ترامب قد يوقّع أمراً تنفيذياً ينص على أن الهند لديها تعريفات جمركية أكثر من أي دولة أخرى، فقد بدأت الدولة في اتخاذ بعض الإجراءات.

وبالتالي، قبل اجتماع مودي وترامب مباشرة، أعلنت الهند عن خفض الرسوم الجمركية على استيراد أحد المنتجات الأميركية بنسبة تصل إلى 66.6%. وقد أخطرت وزارة الإيرادات الهندية بهذا الانخفاض الهائل في الرسوم الجمركية من 150 في المائة إلى 50 في المائة - قبل يوم واحد فقط من اجتماع الزعيمين.

ورغم التوترات المتوقعة في العلاقات، فإن العلاقة بين الهند والولايات المتحدة تُعتبر مهمة لكلا البلدين. وفي بيانهما المشترك الصادر بعد محادثات مودي وترامب، تعهّد البلدان بمضاعفة التجارة الثنائية لأكثر من 500 مليار دولار بحلول عام 2030، وأعلنا عن خطط لاتفاقية تجارية ثنائية تهدف إلى خفض الرسوم الجمركية، وزيادة فرص الوصول إلى الأسواق في كلا البلدين. وهذا يدل بوضوح على أن هناك مفاوضات صعبة قادمة في المجال التجاري. كما أعلن الزعيمان أنهما سيسعيان إلى وضع «إطار عمل» لتعزيز التعاون. وذكر الرئيس ترامب أن الزعيمين اتفقا على إجراء «مفاوضات لمعالجة التفاوتات طويلة الأمد». كما أوضح أن الولايات المتحدة تريد تحقيق مستوى معين من التكافؤ، وهو حق مشروع لها.

وقد دارت مناقشات حول تعميق التعاون في مجالات الطاقة النووية والفضاء. وفي قطاع الدفاع، يتطلع البلدان إلى توسيع مبيعات الدفاع والإنتاج المشترك. وبينما قال الرئيس ترامب إن الهند ستشتري طائرات F-35، أوضحت الهند أن أي عملية شراء رسمية لم تبدأ بعد. كما اتفق البلدان على تعميق التعاون في مجال الذكاء الاصطناعي. وعلى الرغم من التوترات العديدة، فمن غير المتوقع أن يتغير المسار العام للعلاقات الهندية الأميركية. فقد بقيت هذه العلاقات قوية بفضل المصالح المشتركة في جنوب شرق آسيا وبحر الصين الجنوبي.

كما زاد التقارب بين البلدين من خلال تعزيز التعاون العسكري، ووعد بالعمل بشكل وثيق في منطقة آسيا والمحيط الهادئ. وبالنسبة للولايات المتحدة، تُعد الهند سوقاً متنامياً، وتتطلع الشركات الأميركية إلى استغلال الفرص المتزايدة في الهند. ولا شك أن الهند تمتلك أسساً قوية للبناء عليها، وستظل العلاقات بين الهند والولايات المتحدة قائمة رغم أي عراقيل قد تنشأ في علاقاتهما الثنائية.

*رئيس مركز الدراسات الإسلامية- نيودلهي