إعلان صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان رئيس الدولة، حفظه الله، تخصيص عام 2025 ليكون «عام المجتمع» في دولة الإمارات تحت شعار «يداً بيد»، يؤكد مدى الإنجازات والعمل والتخطيط في الشؤون الاجتماعية، ويجعلنا أكثر إدراكاً وتفاعلاً بأن أهمية دور المجتمع تتزايد وتتقاطع في المجالات التنموية والمعرفية والأمنية، فهذه التسمية «عام المجتمع» لعامنا الحالي 2025، تُعد حكمة مُلهمة من قائد دولتنا ودافعة نحو مزيد من التماسك والتكامل الاجتماعي والتقدم والرخاء.

تُعد المجتمعات البشرية فلكاً تدور حوله كل التعاملات والعلاقات مع مكونات الطبيعة الحية والصناعية، كما أن المجتمعات والبيئة التي تحيا فيها هي أساس التنمية كهدف تطمح إليه، وتجني نتائجه وآثاره.

وفي التنمية والقدرات البشرية يعد مستوى التعليم والمهارات والقدرات الكمية والنوعية مصدراً مهماً من موارد الحكومات والدول في التطور والتقدم. دائماً هناك فئات من المجتمع تحتاج إلى برامج وخدمات خاصة، فالإنسان في طفولتهِ وشيخوختهِ وعجزهِ البدني يبحث عن المساندة والخدمات المخصصة له، لذا نجد اليوم في الإمارات وحول العالم بأسره اهتماماً بالغاً بشؤون الطفل وأصحاب الهمم وكبار السن، على سبيل المثال تمضي سياسات وخطط الحكومات على طريق اتفاقية عام 2006 لحقوق الأشخاص ذوي الإعاقة القائمة على الاندماج والتفاعل في المجتمع مع توفر الخدمات، وفي حالات الضعف البدني يأتي مرض الخرف مثالاً، حيث تؤكد منظمة الصحة العالمية بأن حالات الخرف-الزهايمر تتزايد بمعدل 10 ملايين مصاب سنوياً، لذا دائماً ما تخطط الحكومات لهذه الفئة في حاضرها ومستقبلها، ففي ألمانيا وحدها بلغ المصابون مليوناً وثمانمئة ألف.

وفي عصرنا، حملت الطفرة التكنولوجية والرقمية الكثير من الفوائد والمميزات في مختلف شؤون الحياة ومسارات الصناعات والخدمات والتواصل والتعاون، مع وجود سلبيات على المجتمعات تحتاج معالجات عبر برامج توعوية وسياسات وتشريعات. على سبيل المثال، قاد الإسراف في مجالات التكنولوجيا الرقمية إلى اتساع ظاهرة الانعزالية والانفصال عن الواقع بعيداً عن البيئة الاجتماعية الفيزيائية، وهنا تأتي أهمية وجود محفزات نحو التواصل الاجتماعي الفيزيائي مع العائلة والمجتمع، علاوة على أهمية التوعية، وتوفر التشريعات الحمائية والعادلة في الجرائم الإلكترونية.

ومن القضايا المهمة لضمان تعزيز الصحة النفسية للمجتمعات ممارسة الرياضة والنشاط البدني، والذي يعد وسيلة للتواصل الاجتماعي وتحسن الحالة النفسية والبدنية، فقد أصبحت المساحات العامة كالحدائق والمسارات الرياضية من بين محددات تحقيق الرضا لدى المجتمعات.

ففي القيمة المضافة الاجتماعية، أضحى العمل التطوعي في مختلف المجتمعات يحتل قيمة مبذولة مهمة، سواء بالدول المتقدمة أو الفقيرة، حيث يأتي لتلبية حاجات بيئية واجتماعية وإنسانية وتوعوية، وفي فترات الرخاء كما تتزيد أهميتهُ في الأزمات. وعند حديثنا عن المستقبل تتضح أهمية المعرفة والحفاظ على الهوية، وإدراك المتغيرات، والتواصل مع الشعوب والمجتمعات، بالإضافة أهمية غرس القيم، كالإيثار والتطوع والتسامح وتماسك الأسرة لدى اليافعين-الذين اقتربوا من سن المراهقة، ومعرفة تطلعاتهم المستقبلية أيضاً.

*كاتب ومحلل سياسي