اعتاد الكثير من العالم على النظر إلى أفريقيا باعتبارها مشهداً هامشياً فقيراً، تمثل فقط جزءا صغيراً من سكان العالم والناتج المحلي الإجمالي - ولكن ماذا لو كان ذلك على وشك التغيير؟ ويجادل خبراء في صندوق النقد الدولي بأننا ندخل حقبة يمكن تسميتها بـ «القرن الأفريقي».

لا أبالغ، لكنهم محقون في الإشارة إلى التحولات الديموغرافية وغيرها من التغيرات العميقة التي تشير إلى أن أفريقيا ستلعب دوراً أكثر أهمية في العالم. وبسبب انخفاض معدلات الخصوبة في أماكن أخرى، ستشكل أفريقيا نسبة متزايدة من سكان العالم. فقد كانت القارة تمثل أقل من 10% من سكان العالم حتى أوائل السبعينيات، لكن توقعاً ديموغرافياً نُشر في مجلة «ذا لانسيت» يشير إلى أنه بحلول عام 2100، سيولد 54% من أطفال العالم في جنوب الصحراء الكبرى بأفريقيا، وإذا أضفنا شمال أفريقيا، فستكون النسبة أعلى. وإذا كانت هذه التوقعات صحيحة (ويجب دائماً التعامل بحذر مع التوقعات الديموغرافية طويلة الأجل)، فبحلول القرن الـ 22، قد يصبح معظم سكان العالم من الأفارقة. وتشير المعطيات الرقمية إلى أنه قبل قرن من الزمان، كان عدد الأفارقة يماثل عدد سكان أميركا الشمالية.

الآن عدد سكان القارة السمراء يبلغ 2.5 ضعف عدد سكان أميركا الشمالية. وبحلول عام 2100، من المتوقع أن يصبح عدد الأفارقة خمسة أضعاف عدد سكان أميركا الشمالية. وبحلول عام 2100، من المتوقع أن يكون أكثر من 80% من سكان العالم من الأفارقة أو الآسيويين. وفي عام 2100، من المتوقع أن تكون الدول الناطقة بالفرنسية الأكثر سكاناً هي الكونغو وساحل العاج.

بالفعل، فإن المدينة التي تضم أكبر عدد من الناطقين بالفرنسية ليست باريس، بل كينشاسا في الكونغو. ويشير أحد التقديرات إلى أنه بحلول عام 2050، قد يعيش 85% من الناطقين بالفرنسية في أفريقيا. وبين عامي 2001 و2010، كانت ستة من بين أسرع عشرة اقتصادات نمواً في العالم تقع في أفريقيا، مما يدل على الإمكانيات المتاحة. وقد تباطأ النمو الأفريقي بعد ذلك، لكن وفقاً لتقديرات البنك الدولي، فإن جنوب الصحراء الكبرى الأفريقية حققت نمواً بنسبة 3.6% في عام 2024، وستنمو بنسبة 4.2% هذا العام - أي بفارق طفيف فقط عن التوقعات الآسيوية البالغة 4.4%.

في عالم يتقدم في السن وربما يصبح أكثر وهناً، ستكون أفريقيا أيضاً قارة الشباب - مما يجعلها أكثر حيوية نسبياً ومصدراً لريادة الأعمال والموسيقى والثقافة الشعبية. وفي إشارة إلى التأثير الثقافي المتزايد، فاز أفارقة في السنوات الأخيرة بجائزة بوكر وجائزة نوبل في الأدب. كما أن الأفارقة يساهمون في تشكيل اللغة الفرنسية، بابتكار مصطلحات.

وأفاد معهد أبحاث السلام في أوسلو في يونيو الماضي أن عدد النزاعات في أفريقيا قد تضاعف تقريباً خلال عقد من الزمن، ليصل إلى 28 نزاعاً. وحزام الساحل الفقير في غرب أفريقيا - دول مثل مالي والنيجر وبوركينا فاسو - يمزقه الإرهاب والصراعات، لدرجة أنه قد يصبح منطقة فوضى شاسعة.

 

في الواقع، الفجوة بين أفريقيا وبقية العالم تتسع. في عام 1990، كانت أفريقيا تمثل 14% من فقراء العالم، لكن وفقاً لحسابات مجلة «الإيكونوميست»، إذا استمرت الاتجاهات الحالية، فستشكل 80% من الفقراء بحلول عام 2030. الاستثمار الأجنبي المباشر في أفريقيا ضئيل جداً: فحتى أميركا الوسطى الصغيرة تجذب تقريباً نفس القدر من رأس المال مثل أفريقيا بأكملها. على مدى العقود، زرت 53 من دولها الـ 54، وأرى اليوم تقدماً هائلاً في التعليم وظهور قادة على استعداد لدفع القارة إلى الأمام.

 في عام 2012، عندما كانت معظم دول أفريقيا تزدهر، وكان صندوق النقد الدولي يتوقع أنه بين عامي 2011 و2015، ستضم أفريقيا سبعة من بين أسرع عشرة اقتصادات نمواً في العالم، كتبتُ مقالاً بعنوان: «أفريقيا في صعود». لكن بالنظر إلى الوراء، بدأت آفاق القارة تتضاءل.

يعتقد الكثيرون أن الوضع الطبيعي هو أن تهيمن أميركا وأوروبا على العالم، لكن من الناحية التاريخية، هذه ظاهرة حديثة نسبياً تعود لبضعة قرون فقط. فمعظم فترات التاريخ، كانت آسيا تتصدر العالم في الناتج المحلي الإجمالي وعدد السكان. وربما تمنح الديموغرافيا أفريقيا الفرصة أخيراً للصعود. من الصعب التعميم حول أفريقيا. لكني أعتقد أن القارة ستصبح أكثر أهمية في حياتنا.

*صحفي أميركي.

ينشر بترتيب خاص مع «نيويورك تايمز»