تحتفي دولة الإمارات العربية المتحدة بشهر الابتكار في فبراير من كل عام، وهي مناسبة تعكس الجهود الحثيثة التي تبذلها الدولة لتعزيز ثقافة الابتكار والإبداع في شتى القطاعات، وتعدّ هذه المبادرة جزءاً أساسياً من استراتيجية الإمارات الشاملة للتحوّل نحو اقتصاد المعرفة وترسيخ مكانتها مركزاً عالمياً للابتكار.
ويأتي انطلاق فعاليات «الإمارات تبتكر 2025» في نسختها العاشرة ليسلّط الضوء على عقد كامل من الإنجازات التي حققتها دولة الإمارات في مجالات الإبداع والابتكار والتطوير، ويشهد هذا الحدث الوطني الاستثنائي مئات الأنشطة والفعاليات على مستوى الدولة طوال شهر فبراير، ما يعكس التزام القيادة الرشيدة بجعل الابتكار محوراً أساسياً في عملية التنمية الشاملة. وتجري فعاليات هذا العام تحت شعار «قوة الابتكار»، الذي يجسّد نهج حكومة الإمارات في استدامة الابتكار وتعزيزه في مختلف مجالات العمل، وتشمل هذه الفعاليات عرضاً للمشروعات الابتكارية من مختلف الجهات الحكومية، مثل مشروع السفر الذكي ومشروع خدمات الربط المؤسسي من الهيئة الاتحادية للهوية والجنسية والجمارك وأمن المنافذ.
والحاصل أن دولة الإمارات قد تبنّت استراتيجية وطنية طموحة للابتكار تهدف إلى جعلها ضمن الدول الأكثر ابتكاراً على مستوى العالم، وأسفرت الجهود المبذولة في هذا المجال عن تحقيق نتائج ملموسة، حيث تبوّأت الدولة المرتبة 31 عالمياً في مؤشر الابتكار العالمي لعام 2024، متقدمة بذلك 3 مراكز عن العام السابق.
وتدرك دولة الإمارات أهمية الاستثمار في البحث والتطوير بوصفه ركيزةً أساسيةً للابتكار، وقد تجلّى ذلك في زيادة الإنفاق على البحث والتطوير، حيث بلغت نسبته 1.5% من الناتج المحلي الإجمالي في عام 2024، مقارنة بـ0.7% في عام 2015. وهذه الزيادة الكبيرة تعكس التزام الدولة بتوفير الموارد اللازمة لدفع عجلة الابتكار والتقدم العلمي.
وتعدّ مدينة «مصدر» في أبوظبي نموذجاً رائداً للمدن المستدامة والذكية، وهي تضم مركزاً للابتكار يعمل على تطوير تقنيات الطاقة النظيفة والاستدامة، وقد نجحت المدينة في جذب أكثر من 900 شركة متخصصة في مجالات التكنولوجيا النظيفة والطاقة المتجددة.
وتدرك دولة الإمارات أهمية التعليم ودوره في تعزيز ثقافة الابتكار، حيث أطلقت مبادرات على غرار «مدارس المستقبل» التي تركز على تطوير مهارات التفكير النقدي لدى الطلاب، كما أنشأت جامعات متخصصة، مثل جامعة محمد بن زايد للذكاء الاصطناعي التي تعدّ الأولى من نوعها في العالم. والإمارات دولة رائدة في مجال الابتكار في الخدمات الحكومية، فقد أطلقت استراتيجية الإمارات للخدمات الحكومية التي تهدف إلى تقديم 100% من الخدمات الحكومية عبر الهواتف الذكية بحلول عام 2025، وقد نجحت في تحقيق نسبة رضا للمتعاملين عن الخدمات الحكومية الرقمية بلغت 94% في عام 2024.كما تستخدم دولة الإمارات الابتكار أداةً لمواجهة التحديات العالمية، فعلى سبيل المثال ففي مجال الأمن الغذائي، أطلقت الدولة مبادرة «الزراعة الذكية» التي تستخدم التكنولوجيا المتقدمة لزيادة الإنتاج الزراعي في البيئات الصحراوية، وقد نجحت هذه المبادرة في زيادة الإنتاج الزراعي المحلي بنسبة 30% خلال السنوات الثلاث الماضية.
وتبدو الرؤية المستقبلية لدولة الإمارات في مجال الابتكار واعدة، فالدولة تستهدف الوصول إلى المراكز العشرة الأولى عالمياً في مؤشر الابتكار العالمي بحلول عام 2030، كما تستهدف زيادة نسبة الإنفاق على البحث والتطوير إلى 2% من الناتج المحلي الإجمالي بحلول العام نفسه.
ويشكّل التزام دولة الإمارات بتعزيز الابتكار حجر الزاوية في تعزيز نموذجها التنموي، فمن خلال الاستثمار في البحث والتطوير ودعم ريادة الأعمال وتبنّي التكنولوجيا المتقدمة في شتى القطاعات، تسعى الدولة إلى بناء اقتصاد معرفي مستدام قادر على مواجهة تحديات المستقبل.
وفي ظل دعم القيادة الرشيدة، تواصل دولة الإمارات مسيرتها نحو الريادة العالمية في مجال الابتكار، مؤكدة أن الاستثمار في العقول والأفكار هو السبيل الأمثل لبناء مستقبل مزدهر، وفي شهر الابتكار، تقف دولة الإمارات نموذجاً ملهماً للدول الساعية إلى تحقيق التنمية الشاملة والمستدامة من خلال الابتكار والإبداع.
*صادرة عن مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية.