أعلن صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان رئيس الدولة، حفظه الله، 2025 «عام المجتمع»، وذلك تحت شعار «يداً بيد».. مبادرة تأتي لترسيخ قوة المجتمع وتعزيز مكتسباته، بما يحقق المزيد من التنمية الشاملة لخدمة المواطنين والمقيمين على أرض الوطن الغالي، وتأتي المبادرة لتؤكد دور الأفراد في تفعيل المسؤولية المجتمعية في المجالات كافة. واهتمام القيادة الرشيدة بهذه الخطوة يأتي ضمن جهودها المخلصة من أجل الارتقاء بمجتمع الإمارات إلى مصاف المجتمعات الأكثر تميزاً، بما يحقق الريادة لدولة الإمارات في المحافل الدولية والإقليمية.
وهذا التركيز ينم عن إدراكٍ واعٍ لمتطلبات التنمية المستدامة ومؤشرات التنمية البشرية، للوصول بالدولة إلى مئويتها في المستقبل الواعد بمنجزات وطنية لا يمكن تحقيقها إلا بمشاركة فعالة من المجتمع ذاته. ولتنفيذ هذه الاستراتيجية بعيدة المدى، استحدثت الحكومة الاتحادية وزارة مستقلة اختصاصها الاهتمام «بالأسرة» بكل أفرادها وعلى رأسها «الأم» التي تعتبر منبع الأمان والاستقرار الاجتماعي لجميع مكوناتها. تقول الحكمة عنها: «الأم هي الإنسانة الوحيدة التي قد تنسى أن تدعو لنفسها في صلاتها لأنها تكون مشغولة بالدعاء لأبنائها..».
المجتمع في حد ذاته قيمة كبيرة لدعم أسس الدولة الحديثة والوطنية، لأنه بتكامل أدوار (الدولة والمجتمع) تزداد قدرات الدولة، وتتعزز مكانتها في كل المجالات الاجتماعية والاقتصادية والثقافية والتعليمية. هذا العام يضع التحديات والطموحات أمام جميع أفراد المجتمع لتذليل العقبات أمام الجميع لعبور الطريق الصحيح إلى آفاق أوسع وأرحب من التنمية والازدهار. «عام المجتمع» فكرة رائدة لخلق «الحسّ المجتمعي»، بمعنى الميزان الداخلي لكل فرد لضمان تفاعله، وهذا لا يأتي إلا بالمشاركة والتفاعل والتعاون بين الجميع.
المجتمع هو الجزء الدافئ في كيان الدولة التي إذا استندت إليه شعرت بأمانٍ داخلي، واستقرارٍ اجتماعي وطمأنينة نفسية، تريحها عند الشروع في اتخاذ قرارات تخص المجتمع في تفاصيله. هذا القرار يؤكد الحرص الدائم على تلبية احتياجات المجتمع وتعزيز مسارات التنمية عبر مبادرات وسياسات تجدّد حيويته.
ومن المهم خلال هذا العام الالتفات إلى مؤسساتنا التعليمية وخاصة الجامعية، لأنها قادرة على المساهمة في تفعيل الحس المجتمعي لدى أجيال المستقبل، عبر المساقات العلمية، التي تركز على علم الإجتماع الأسري وعلم النفس الاجتماعي وتعليم الأجيال كيفية تحمل المسؤولية المجتمعية، وصولاً إلى المشاركة في صناعة القرار الاجتماعي بالدولة عبر سلسلة توصيات ومقترحات تساعد الدولة على اتخاذ القرارات المناسبة لكل مناحي الحياة الاجتماعية، وتتعامل مع أمور مهمة تمس مفاصل المجتمع. الإمارات منذ التأسيس دولة صنعت بصمتها الوطنية الخاصة بهدوء، في مختلف المجالات، في السياسة لديها نهج السلام والتسامح والتعايش، نهج واضح لدى كل بصير، وفي قضايا البيئة فهي صديقة للاخضرار والاستدامة.. وفي الفضاء لها موضع قدم مع العالم المتقدم، وفي الفضاء الافتراضي السيبراني لها قصب السبق.
وفي «عام المجتمع» لدى الإمارات فرصة ذهبية لترسيخ بصمتها الاجتماعية بتقوية عُرى التواصل بين مختلف شرائح المجتمع، في وطن يعيش على أرضه سكان متعددو الثقافات والحضارات والأعراق والأديان، فلنعتبر هذا العام بمثابة دورة تدريبية يشارك فيها جميع أفراد المجتمع في رسم لوحة فنية متكاملة قلبها الإنسان وأجنحتها عناصر المجتمع المدني الواعي لمتطلبات المرحلة الراهنة للدولة، التي تعتبر المجتمع بأكمله روحها الوطنية الخلاقة التي تعزز مسارات التنمية والتطور والازدهار من خلال توجيهات القيادة الحكيمة وتوجهاتها المستقبلية الرشيدة.
*كاتب إماراتي