يمثل موضوع الطاقات المتجددة أحد أهم المصادر الرئيسية للطاقة العالمية، بخلاف الطاقة التقليدية باعتبارها طاقة نظيفة وغير ملوثة للبيئة، مما يكسبها أهمية بالغة في تحقيق التنمية المستدامة. ويمثل الاستثمار في الطاقة المتجدّدة فرصة استثمارية هائلة من منظور الأثر والمخاطر والعائد على المدى الطويل.وتزويد الاقتصادات العربية بحلول للطاقة المستدامة يدعم النمو الاقتصادي والاجتماعي مع حماية المناخ والحفاظ على سلامة الكوكب والبيئة لأجيال المستقبل، وهو أولوية حاسمة وصعبة بالنسبة للمنطقة، ويتعين على جميع دول العالم استثمار ما لا يقل عن 4 تريليونات دولار سنوي حتى عام 2030 في الطاقة المتجددة، شاملةً الاستثمارات في التقنية والبنية الأساسية.

وقد عزّزت دولةُ الإمارات العربية المتحدة مكانتَها الرائدة عالمياً في قطاع الطاقة الشمسية، عبر إنجازات بارزة في تطوير مشاريع الطاقة المتجددة، والتي تهدف إلى دعم استراتيجيات الاستدامة والحياد المناخي، حيث تشغّل ثلاثةً من أكبر محطات الطاقة الشمسية حول العالم، مما يعكس ريادتَها العالميةَ في مجال الطاقة النظيفة ودعمَها للتحول المستدام.

وتتبنى دولةُ الإمارات مشروعات الطاقة النظيفة والمتجددة كمنهجية لمكافحة التغيرات المناخية، حيث توجهت في مراحل مبكرة نحو استخدام هذا النوع من الطاقة، وعلى رأسها الطاقة الشمسية، لتوفير معظم احتياجاتها، في خطوة استراتيجية لتحقيق التنمية المستدامة والحفاظ على البيئة. وتَبرز ريادةُ دولة الإمارات في تطوير بنية تحتية متقدمة لنقل وتوزيع الطاقة، بما يدعم التكامل الإقليمي والعالمي ويعزّز أمن الطاقة، لتصبح نموذجاً عالمياً في التحول نحو مستقبل أكثر استدامة. وتؤكد هذه المشروعات التزامَ دولة الإمارات بالاستثمار في البنية التحتية للطاقة المتجددة، وتحقيق الحياد المناخي. كما تعمل من خلال مشاريعها المحلية والدولية على تطوير التقنيات المستدامة ونشرها على نطاق واسع، للمساهمة في دفع عجلة التنمية المستدامة.

وتحظى دولة الإمارات بمكانة رائدة في الاستثمار العالمي في مجالات الطاقة المتجدّدة والنظيفة، حيث تصدّرت إقليمياً وحلّت في مرتبة متقدمة ضمن أكبر دول العالم استثماراً في مشاريع الطاقة النظيفة، إذ استثمرت أكثر من 50 مليار دولار في مشاريع الطاقة النظيفة في 70 دولة، وتعهّدت باستثمار 50 مليار دولار أخرى في مشاريع الطاقة النظيفة في الداخل والخارج على مدى العقد المقبل. كما قدمت الدولة أكثر من 1.5 مليار دولار مساعدات وقروضاً ميسّرةً لمشاريع الطاقة المتجدّدة على مستوى العالم.

إن توجه الدول العربية المنتجة للنفط، نحو الاستثمار في الطاقات المتجددة، من شأنه تحقيق التنويع الاقتصادي المستدام من جهة، ومن جهة أخرى الانتقال إلى الاقتصاد الأخضر، الذي سوف يعطي وزناً متساوياً للتنمية الاقتصادية والعدالة الاجتماعية والاستدامة البيئية، والذي بدوره يساهم في مواجهة كافة التحديات، التي تواجهها هذه الدول في جميع المجالات، سواء أكانت اجتماعية أم اقتصادية، لأن الاقتصاد الأخضر اقتصاد له دور محوري في المحافظة على رصيد الموارد النفطية، والحد من استنزافها واستخدامها استخداماً مستداماً من شأنه الرفع من مستويات التنمية الاقتصادية والاجتماعية والبيئية. فالاقتصاد الأخضر يمثل المسارَ نحو تحقيق التنمية المستدامة، وليس بديلاً لها.

الاستثمار في الطاقة المتجدّدة يعزّز التنوعَ في مصادر الطاقة، ويقلّل من الاعتماد على الموارد الطبيعية المحدودة، حيث يمكن للتحول نحو مصادر متجددة أن يقوِّي الاقتصاد، ويحد من التأثيرات السلبية لتقلبات أسعار الطاقة العالمية، وكذلك يشجع الاستثمار في الطاقة المتجدّدة على التطوير التكنولوجي والابتكار في قطاع الطاقة.

ويمكن أن يؤدي هذا إلى إنشاء فرص عمل جديدة في صناعات الطاقة المتجدّدة ويعزز الاقتصاد بشكل عام. ويجب على القطاع الخاص زيادة استثماراته المتعلّقة بالمناخ بشكل كبير، خصوصاً في البلدان النامية، حتى يصل العالم إلى صافي الكربون الصفري بحلول عام 2050.

*خبير في الطاقة المتجددة