تشهد دولة الإمارات العربية المتحدة تنوعاً وعمقاً في علاقاتها مع دول الخليج العربي، وقد لوحظ مؤخراً مدى التعاضد الأخوي فيما بين هذه الدول الشقيقة على كافة الأصعدة، الاقتصادية والأمنية والدبلوماسية وغيرها.

والزيارات الرسمية التي شهدتها الدولة في الآونة الأخيرة جعلتها وجهةً استراتيجيةً لتعزيز أواصر المحبة والعمل المستقبلي الذي يحقق رؤى دول الخليج بما فيها الرؤى الاستراتيجية والاستشرافية المشتركة. تُثمّن الإمارات دورَ منظومة مجلس التعاون الخليجي في التعاون الأمني والعسكري منذ تأسيس قوات درع الجزيرة عام 1982، وذلك حين أقرّ المجلس الأعلى لمجلس التعاون لدول الخليج العربية المنعقد في المنامة آنذاك تأسيس هذه القوّة، والتي أصبح اسمها «قوات درع الجزيرة المُشتركة» في عام 2005، باقتراح من الملك عبد الله بن عبد العزيز آل سعود. ولدولة الإمارات مساهمة جليّة في تمكين هذه القوة ودعمها بالموارد اللوجستية والعناصر البشرية.

وإلى يومنا الحالي يُعتبر هذا التحالف منبراً فذاً لحماية المنطقة الخليجية والتصدي للتهديدات الخارجية وعواقبها من التحديات الإقليمية. وفي هذا السياق، قدّمت قوات درع الجزيرة في عام 2024 مجموعةَ تمارين عسكرية مشتركة بهدف تعزيز استعدادية القوات الخليجية لمواجهة التحديات الأمنية الراهنة، وكان أبرزها «تمرين تكامل 1» الذي جرى فعلياً في الكويت الشقيقة، وقد شاركت فيه مجموعة عناصر مختلفة من كافة القوات البرية الخليجية. مع العِلم بأنّ نوعية هذه التمارين ترفع من قيمة الاستعداد الأمني في المنطقة. وعلى صعيد التنمية الاقتصادية، فإنّ الازدهار الاقتصادي له أبعاده الحافلة بالنجاحات في «التجارة البينية غير النفطية» لدول مجلس التعاون الخليجي، وقد تمكنّت هذه التجارة البينية من تحفيز التبادل التجاري، وبشكل عكسي استطاعت التقليل من الاعتماد والاتكالية على الصادرات النفطية بشكلٍ ملحوظ، لذا نجد في عام 2023 أن دولة الإمارات حققت نجاحاً اقتصادياً حين وصلت في تجارتها غير النفطية إلى ما يعد رقماً قياسياً بامتياز إذ سجلت 3.5 تريليون درهم. ولا شك في أن هذا النجاح يوائم الاتجاه الاستراتيجي الجيد في التنويع الاقتصادي للمنطقة، مما أدّى ذلك إلى إنماء التجارة بين دولة الإمارات وبقية دول مجلس التعاون الخليجي بصورة جليّةٍ وصريحة.

وقد امتد نشاط التجارة البينية الخليجية (غير النفطية) ونما خلال السنوات الأخيرة دون الاعتماد على المصادر النفطية، خصوصاً فيما يتعلق بتنمية قطاعات الزراعة والطاقة والمياه والصناعات التحويلية. وتترتب على ذلك نتائج إيجابية وصحية لجميع الدول الخليجية، حيث إنّ النشاطات المشتركة بين هذه الدول الشقيقة تعمل جغرافياً على تعزيز آلية التبادل التجاري البيني مما يسهم في تخفيض الرسوم الجمركية الخليجية.

والخُلاصة أن علاقة دولة الإمارات العربية المتحدة بالدول الخليجية تمثل نموذجاً فريداً يُضرب به المَثَل في الوحدة والتكاتف الإقليمي، وهي علاقة نوعية ترتكز على المصير الواحد والقيم المتجذرة في الهوية الخليجية المشتركة، مما يعكس روح الأخوّة والمحبة التي تجمع شعوب منطقة الخليج وتوحد أهدافها وتطلعاتها نحو مستقبل مشرق ومزدهر.

*كاتبة إماراتية