يعتبر من الأعمال الأقل شيوعاً ولكنه ظاهرة تستحق النظر فيها، ألا وهو هوس تخريب اللوحات الفنية الذي يمثل نوعاً من السلوك غير المعتاد الذي يمكن أن يظهر في سياقات مختلفة، وغالباً ما يرتبط بمشكلات نفسية تشمل اضطرابات مثل الاضطرابات السلوكية أو الهوس. الأشخاص الذين يعانون من هذا الهوس قد يشعرون برغبة شديدة في تخريب الأعمال الفنية، وقد تكون هذه التصرفات ناتجة عن عدة عوامل نفسية واجتماعية وثقافية.
يمكن أن يكون هذا السلوك نتيجة للإحباط، أو الحب المفرط للفن والتمرّد عليه، أو حتى الرغبة في التعبير عن انتقادات اجتماعية أو سياسية. وفي بعض الحالات، قد يكون هناك دافع داخلي لا يمكن تفسيره بسهولة، فليس كل الأشخاص الذين يشاركون في تخريب الأعمال الفنية يُعتبرون مرضى نفسيين. إن السلوك التخريبي يمكن أن يكون نتيجة لعدة عوامل، وقد لا يكون جميع الأفراد المعنيين مصابين باضطرابات نفسية، وهناك عدد من النقاط التي يجب الإطلاع عليهم وفهم نفسية المصابين بالرغبة في تدمير الفنون التشكيلية، على سبيل المثال الدوافع المتنوعة، حيث تأتي دوافع تخريب الأعمال الفنية من مجموعة متنوعة من العوامل، بما في ذلك الإحباط، والاحتجاج السياسي أو الاجتماعي، والتعبير عن الغضب، أو حتى الرغبة في التحدي.
وبينما يمكن أن يُظهر بعض الأفراد الذين يمارسون هذا السلوك سماتٍ مرتبطةً باضطرابات نفسية، فهناك بعض الأشخاص قد يكونون مدفوعين بجنون الفن، أو الإبداع، أو الرغبة في التعبير عن مشاعر قوية تجاه المجتمع أو الثقافة، دون أن يكونوا مرضى نفسيين. وفي بعض الثقافات، ينظر إلى التخريب الفني كنوع من الفن في حد ذاته، وهذا يختلف من مجتمع إلى آخر.
وهناك العديد من الأمثلة على الاحتجاجات الفنية التي حدثت عبر التاريخ، حيث استخدم الفنانون الفن كوسيلة للتعبير عن اعتراضهم على الظلم الاجتماعي، وعلى الحرب، وغير ذلك من أوجه الاعتراض والرفض. وعلى سبيل المثال لا الحصر، هناك لوحة «Guernica» للرسام الشهير بابلو بيكاسو (1881 -1973)، فهذه اللوحة الشهيرة تعبّر عن فظائع الحرب الأهلية الإسبانية، وخاصة الهجوم على مدينة غويرنيكا، وهي تجسد المعاناة والدمار الناجم عن الحرب، وقد أصبحت رمزاً للاحتجاج ضد العنف والحرب.
وكذلك «The Dinner Party»، للفنانة النسوية الأميركية جودي شيكاغو (1939)، فهذا العمل الفني هو عبارة عن نصب تذكاري صُمم لإعادة تسليط الضوء على إنجازات النساء، وهو يعد نوعاً من الاحتجاج على التهميش التاريخي للنساء في الفنون والثقافة.
وقد تعرضت لوحة ميخائيل أنجلو (1475 -1564)، وعنوانها «The Last Judgment»، للتخريب والتحطيم، رغم أنها كانت محفوظة في كنيسة سيستين، لكنها تعرضت لذلك المصير بسبب ما تضمنته من تلميحات سياسية ودينية مثيرة للجدل. 
وقد استخدم فنانون، مثل بانكسي، فن الشارع كوسيلة للتعبير عن النقد الاجتماعي والسياسي، لذا جاءت لوحاته مليئة بالرسائل القوية التي مثلت أسلوباً للاحتجاج ضد الحرب والفقر والتهميش والظلم الاجتماعي.
وشهدت سنوات العقود الأخيرة عدة مظاهرات من قبل فناني الأداء، وقد تركزت احتجاجاتهم على المطالبة بالإصلاح الاجتماعي. كما تم استخدام الفن والإعلانات الثقافية للاحتجاج على التمييز العرقي، وذلك باستخدام الأقنعة والتمويه لفضح الفساد في القضايا المتعلقة بالثقافة والعرق.
هذه الأمثلة تظهر كيف تم توظيف الفن والأساليب الفنية عبر العصور كوسيلة للتعبير عن الاحتجاج ومعالجة القضايا الاجتماعية والسياسية، مما يسهل التفاعل والفهم بين الفنان والجمهور.
لذا، من المهم أن نفهم أن هذا السلوك التخريبي هو ظاهرة معقدة ومتعددة الأبعاد، وقد يوجد أشخاص يعانون مشاكل نفسية، لكن ليس كل من يقوم بتخريب الأعمال الفنية يُعتبر مريضاً نفسياً. ومن المهم معالجة الأسباب الجذرية لهذا السلوك، من خلال التشخيص النفسي والدعم المناسب. والفهم الجيد للأزمات النفسية والسلوكية يعد خطوةً أساسية نحو المساعدة في تعديل السلوكيات الضارة واستبدالها بأخرى إيجابية.
وهناك حالات أكثر خطورة، حيث يقوم شخص بتخريب لوحات فنية في متاحف ومراكز فنية تحت تأثير مشاكل صحية نفسية. لكن تختلف أسباب هذه الأفعال من شخص لآخر، حيث يمكن أن تتراوح الدوافع بين الهوس الفني والأزمات النفسية.

*كاتبة سعودية