بديمومة، تعمل دولة الإمارات بجهد فاعل وتعاون دولي ممتد لاستهداف وتعطيل الأنشطة الإرهابية، والحد من زيادة الانتشار الجغرافي للجماعات المؤدلجة بالتطرف والعنف بغية سلام واستقرار المنطقة والعالم، والحفاظ على النموذج الإماراتي في الازدهار، ومن أجل هذا قرر مجلس الوزراء، مطلع عام 2025، إدراج 11 فرداً و8 كيانات جديدة في قوائم الإرهاب المحلية، لارتباطهم بتنظيم «الإخوان المسلمين»، وقد تنوعت جنسيات هؤلاء بين الإماراتية والسويدية والليبيرية والتركية ‏واليمنية، فيما سُجلت بالمملكة المتحدة الكيانات المشمولة في قائمة الإرهاب.‏

وترتكز معالجة دولة الإمارات للتطرف والإرهاب على مسارات شاملة، حيث تتكامل مع الجانب الأمني معالجات تنظيمية، عبر سَنّ الأنظمة والقوانين التي تحاصر أنشطة التطرف والإرهاب والتصدي لنشر أفكار المتشددين في المجتمع ومحاربة تمويل أنشطتهم، وكذلك معالجات فكرية، عبر تعزيز التسامح والتعايش وتجديد الخطاب الديني لتقييد مخاطر الأيديولوجيات المتطرفة، ولهذا تعدّ دولة الإمارات من أكثر الدول أماناً في العالم، ومن بين الدول الفعالة في مكافحة الأنشطة المتطرفة والإرهاب.

وقد نقّحت دولة الإمارات المناهج الدراسية بشكل مبكر ووقائي للحد من اعتناق التطرف، ووضعت خططاً استباقية لمحاربة الأفكار المتطرفة من خلال آليات حكومية فعالة وشاملة، ومساعدة الشباب على تبني التفكير الإيجابي، وتطوير أداء المعلمين، وتزويدهم بقدر عالٍ من الوعي بخطورة الأفكار المتطرفة، إذ إن غرس قيم الوسطية والاعتدال والتعايش والتسامح في المجتمع هو حائط الصد في مواجهة العنف والإرهاب.

وتركز دولة الإمارات في الاستراتيجية الوطنية للأعوام 2024-2027 لمواجهة غسل الأموال ومكافحة تمويل الإرهاب وتمويل انتشار التسلح، على التمويل باعتباره المحرك، إضافة إلى الأيديولوجيا، للجماعات المتطرفة لدعم عملياتها، وتتنوع مصادر التمويل بشكلها التقليدي والطرق الحديثة كالعملات المشفرة، ومن هنا، تأتي أهمية الرقابة على حركة انتقال الأموال لتجفيف مصادر التمويل ومكافحة الإرهاب، ولعل تصنيف مدن في دولة الإمارات بمؤشر قائمة المدن الأكثر أماناً على مستوى العالم يعلل الجهد والفعالية المبذولة في نجاح سياسات واستراتيجيات الدولة في مكافحة الإرهاب.

ومع سرعة التطور التكنولوجي وتقنيات الاتصال الحديثة، استغل المتطرفون وسائل التواصل الحديثة للتجنيد العابر للحدود، وقد يتعرض الشباب خلال ممارسة الألعاب الإلكترونية للدعاية ونشر الأيديولوجيات المتطرفة، وهو ما يتطلب وعياً أسريّاً ومجتمعيّاً في رعاية أجيال الشباب الجديدة حتى لا يكونوا فريسة للمتطرفين، وهذا جانب من جوانب رعاية دولة الإمارات للأسرة، كونها عماد المجتمع والراعية لمستقبل الأجيال الجديدة. ولأن الإرهاب ظاهرة دولية معقدة، فإن دولة الإمارات لا تنظر للتطرف على أنه تهديد داخلي فقط، وإنما تهديد لأمن الإقليم والعالم بأَسره، وبُعد الظاهرة جغرافياً لا يعني عدم التأثر بها، وربما بتجاهلها تنتقل إليك غداً مع تشعب أساليب التجنيد، وخطورة الذئاب المنفردة على أمن البلاد، ومن أجل تلاشي التهديدات الآنية والمستقبلية وتحقيق الاستقرار، فإن التعاون الدولي في المواجهة أحد المسالك اللازمة في المكافحة والقضاء على بؤر الإرهاب.

وعلى أرض دولة الإمارات وُقّعت وثيقة «الأخوة الإنسانية والسلام العالمي والعيش المشترك»، في فبراير 2019، بين البابا فرنسيس، بابا الكنيسة الكاثوليكية، وفضيلة الإمام الدكتور أحمد الطيب، شيخ الأزهر الشريف، بدعوة ورعاية صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، حفظه الله، تشجيعاً للحوار بين الأديان والثقافات، وهو ما تكلّل بتبني الجمعية العامة للأمم المتحدة «اليوم الدولي للأخوة الإنسانية» في الرابع من فبراير كل عام، ليجسد الجهود المشتركة في مكافحة خطابات الكراهية، ونشر ثقافة التسامح. كما تُعدّ دولة الإمارات عضواً مؤسساً وفعالاً في «المنتدى العالمي لمكافحة الإرهاب»، وتدعم الدولة المؤسسات الدينية الوسطية في العالمين العربي والإسلامي وفي مقدمتها «الأزهر الشريف»، والمشاركة في إنشاء «مجلس حكماء المسلمين»، لتوحيد الجهود في القضاء على الفتن الطائفية ونشر الوعي ولغة الحوار، إضافة إلى المشاركة في التحالفات الدولية للقضاء على تنظيمات إرهابية في مناطق بعينها. إن خطر الإرهاب يستهدف استقرار الدول، وخطوة دولة الإمارات في إضافة 19 فرداً وكياناً جديداً على قوائم الإرهاب هي استمرار لنهج حظر التنظيمات المتطرفة، ومحاكمة الجماعات الإرهابية، وكشف خلايا التنظيمات الجديدة، إضافة إلى ملاحقة غسل الأموال وتمويل الإرهاب، ومكافحة الإرهاب عبر برامج التنمية الاقتصادية والاجتماعية، ونشر ثقافة التسامح والتعايش السلمي والتفاهم المتبادل بين الأديان والثقافات، لبناء مجتمعات قادرة على المكافحة والصمود.

*باحث رئيسي، مدير إدارة النشر العلمي، مركز تريندز للبحوث والاستشارات.