انطلاقاً من رؤية القيادة الرشيدة لدولة الإمارات العربية المتحدة الراسخة بشأن الأهمية القصوى لإرساء السلام والاستقرار في أرجاء العالم كافة، قادت الإمارات العديدَ من الجهود الداعمة لإنهاء الصراعات خلال عام 2024، وذلك في أغلب ساحات الصراع ومناطق الأزمات الإقليمية والعالمية. وبينما يبدأ العالم أول أيام العام 2025، فإن هناك الكثير من الآمال المعلقة على استحقاقات الرؤية الاستراتيجية لدولة الإمارات لدعم الاستقرار وإنهاء الصراعات الإقليمية والعالمية، وذلك في ظل الرهان الدائم لدولة الإمارات الذي مازال مرتكزاً على تحقيق السلم والأمن الدوليين، من خلال تسوية الصراعات الناشبة في أكثر من مكان في العالم، والتي قوضت تطلعات الملايين في إعلاء قيم الإنسانية والتسامح والعيش المشترك خلال الأعوام الماضية. وتتصدر هذه الاستحقاقات، الجهود الإماراتية الداعمة لآمال الشعب السوري في استقرار بلاده وحفظ وحدتها، بعدما عصفت بتطلعاتهم المشروعة تحديات بالغة التعقيد منذ عام 2011. وقد عكست دعوة دولة الإمارات إلى حماية الدولة الوطنية السورية وعدم الانزلاق نحو الفوضى، المساعي الإماراتيةَ الراسخة لتجنيب الأشقاء العرب الانخراط في دورات صراعية أثبتت خبرة العقود الماضية أنها لن تُفضي إلا الإضرار بسلامة الوحدة الوطنية. ومن هذا المنطلق، سارعت الدبلوماسية الإماراتية إلى العديد من التحركات لدعم استقرار سوريا، ومساندة جهود إطلاق مرحلة انتقالية شاملة وجامعة تحقق تطلعات الشعب السوري في الأمن والتنمية والحياة الكريمة. وتشير الرؤية الإماراتية لمعالجة الأزمة السودانية إلى الأولوية التي تمنحها الإمارات للجهود الدبلوماسية الدولية لإنهاء الصراع الداخلي السوداني، ولم تدخر الإمارات أي جهد للتعاون والتنسيق مع القوى السودانية والأطراف الدولية التي تعمل على إيجاد حل شامل للأزمة. ومما لا شك فيه أن الدعم الذي أكدته وزارة الخارجية للجهد الدبلوماسي التركي لحل هذه الأزمة، هو دليل جلي على محورية موقف دولة الإمارات الواضح والراسخ تجاه الأزمة، واستباقية رؤيتها بأهمية وقف الاقتتال الداخلي في أسرع وقت، والتركيز على معالجة الأزمة الإنسانية عبر تقديم الدعم والإغاثة العاجلة للشعب السوداني الشقيق، بالتزامن مع تفعيل مسارات الحوار لتأمين عملية سياسية وإجماع وطني لإحلال السلام. وتُعد جهود الوساطة التي تقودها دولة الإمارات بين روسيا الاتحادية وأوكرانيا نموذجاً إضافياً يؤكد مصداقية وموثوقية الرؤية الإماراتية لإحلال السلام العالمي وإنهاء الصراعات، حيث كانت الوساطة الإماراتية الموثوق بها لدى الطرفين العامل الرئيسي لتعاونهما في إتمام 10 عمليات لتبادل الأسرى خلال عام 2024، وبلغ العدد الإجمالي للأسرى الذين تمّ تبادلهم ضمن وساطات الإمارات نحو 2484 أسيراً. وتأتي عمليات الوساطة سالفة الذكر ضمن المساعي واسعة النطاق التي تبذلها دولة الإمارات لدعم المسار الدبلوماسي لحل لإنهاء الأزمة سلمياً بين الدولتين، ودعم مختلف المبادرات للتخفيف من التداعيات الإنسانية الناجمة عن الأزمة كاللاجئين والأسرى.وكان اعتماد مجلس حقوق الإنسان في دورته الـ (57) بجنيف القرار الذي قدمته دولة الإمارات باسم المجموعة العربية حول «تقديم المساعدات التقنية وبناء القدرات لليمن في مجال حقوق الإنسان»، منتصف أكتوبر الماضي، شاهداً إضافياً على مركزية العمل الإنساني وحماية حقوق الإنسان في سياق رؤية دولة الإمارات لتسوية الصراعات وتمكين الشعوب من تحقيق تطلعاتها في إرساء السلام والاستقرار. كما جاء القرار عاكساً للنهج الإماراتي الشامل في معالجة الأزمة اليمنية، في ظل ما تضمنه من دعم للجهود الدولية الرامية إلى التوصل إلى وقف شامل لإطلاق النار وإنهاء النزاع في اليمن، والسعي إلى حوار سياسي هادف من أجل السلام، مع إزالة العقبات التي تحول دون وصول المساعدات الإغاثية والإنسانية، وتعزيز قدرات اللجنة الوطنية المستقلة للتحقيق في ادعاءات انتهاكات حقوق الإنسان والقانون الدولي الإنساني لتحقيق العدالة وجبر الضرر.

وتعبِّر الجهود الإماراتية لتسوية الأزمات السابقة، وغيرها من الصراعات الإقليمية والدولية التي اندلعت أو استمرت مشتعلة خلال عام 2024، عن جوهر العقيدة الإماراتية النابعة من إرث وطني يرتكز على إرساء السلام والأخوة الإنسانية، ما يجعل لدولة الإمارات دوراً مركزياً ينشده الجميع لترسيخ الاستقرار والأمن الدوليين خلال عام 2025.

* صادرة عن مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية.