فيما يعكس دعم دولة الإمارات العربية المتحدة لوحدة سوريا وسلامة أراضيها، في هذه المرحلة الحساسة، فقد توالت المواقف والإجراءات التي تتخذها الدولة في هذا الصدد، مؤكدةً أهمية البعد العربي في السياسة الخارجية الإماراتية منذ تأسيس الدولة على يد القائد المؤسس المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه. فبعد الأحداث المتسارعة التي أدت إلى انهيار حكم الرئيس السابق بشار الأسد بشكل مفاجئ، سارعت دولة الإمارات إلى تأكيد دعمها لسوريا في قضية الجولان، حيث دانت بقوة وحسم استيلاء القوات الإسرائيلية على المنطقة العازلة في هضبة الجولان، مؤكدةً حرصها على وحدة سوريا واستقلالها وسلامة أراضيها.
وأكدت وزارة الخارجية، في بيان لها، أن هذا الاستيلاء يعد خرقاً وانتهاكاً للقوانين الدولية، ولاسيما اتفاق فض الاشتباك بين سوريا وإسرائيل الموقَّع عام 1974. وشددت الوزارة على رفض دولة الإمارات القاطع لهذه الممارسات، معتبرة أنها تهدد بالمزيد من التصعيد والتوتر في المنطقة، وتعيق جهود تحقيق السلام والاستقرار.
وأجرى سمو الشيخ عبدالله بن زايد آل نهيان، نائب رئيس مجلس الوزراء، وزير الخارجية، سلسلة اتصالات هاتفية مع نظرائه العرب لحشد الجهود العربية والإقليمية والدولية من أجل الحفاظ على وحدة سوريا وسيادتها، شملت وزراء خارجية مصر وسلطنة عمان والكويت والمغرب والأردن والعراق، حيث بحث سموه معهم مجمل الأوضاع في المنطقة، وعلى رأسها التطورات في سوريا، وأهمية حشد جهود الدول العربية، وتعزيز التعاون مع المجتمع الدولي بهدف الحفاظ على وحدة سوريا وسيادتها، وصون أمن واستقرار شعبها، وتلبية تطلعاته إلى الأمن والاستقرار والتنمية والازدهار. كما شملت اتصالات سمو الشيخ عبدالله بن زايد آل نهيان، عدداً من الدول الإقليمية والعالمية، ومن بينها الولايات المتحدة الأميركية، حيث بحث سموه مع أنتوني بلينكن، وزير الخارجية الأميركي، التطورات المتسارعة للأوضاع في سوريا، ومجمل التطورات في المنطقة، مع التأكيد على أهمية تعزيز الجهود الإقليمية والدولية المبذولة لدعم السلام وترسيخ الاستقرار فيها.
ويعكس بيان دولة الإمارات بشأن قضية الجولان موقف الدولة الثابت تجاه الدول العربية الشقيقة، والرفض القاطع لكل ما يهدد سلامتها وسيادتها الوطنية ووحدة أراضيها، وذلك في وقت تجتاز فيه سوريا مرحلة تحول صعبة وحافلة بالتحديات الكبرى، وهو ما يتطلب دعماً عربياً للأشقاء السوريين حتى يتمكنوا من التغلب على هذه التحديات، وبناء سوريا الجديدة على أسس تضمن تحقيق طموحات شعبها إلى الحياة الكريمة.
وفي السياق ذاته، دانت دانت دولة الإمارات بشدة قرار الحكومة الإسرائيلية التوسع بالاستيطان في هضبة الجولان المحتلة، ما يهدد بالمزيد من التصعيد والتوتر في المنطقة. وأكدت وزارة الخارجية، في بيان لها بهذا الشأن، حرص دولة الإمارات على وحدة سوريا واستقلالها وسلامة أراضيها، مشيرة إلى أن قرار التوسع في الاستيطان في هضبة الجولان يعد إمعاناً في تكريس الاحتلال وخرقاً وانتهاكاً للقوانين الدولية. وأعربت الوزارة عن رفض دولة الإمارات القاطع لكل الإجراءات والممارسات التي تستهدف تغيير الوضع القانوني في هضبة الجولان المحتلة، وتهدد أمن وسيادة واستقرار الجمهورية العربية السورية الشقيقة. ومن جانبه، أكد معالي الدكتور أنور بن محمد قرقاش، المستشار الدبلوماسي لصاحب السمو رئيس الدولة، أهمية دعم قدرة السوريين على تجاوز تاريخهم المؤلم والحفاظ على وحدة أراضيهم، وذلك بدعم من العرب يتكامل مع مشروع مدني معتدل يحترم التنوع ويركز على التنمية والعدالة والمصالحة. وإذ تؤكد دولة الإمارات أهمية الحفاظ على وحدة سوريا وسلامة أراضيها، بما في ذلك هضبة الجولان، وتدعو المجتمع الدولي إلى اتخاذ موقف حازم تجاه الانتهاكات الإسرائيلية للقانون الدولي وقرارات الأمم المتحدة ذات الصلة، فإنها تشدد دائماً على ضرورة التوصل إلى حل سياسي شامل للأزمة السورية، يضمن للبلد العربي الشقيق سلامته وأمنه وسيادته على كامل أراضيه، بما فيها الجولان المحتل.
* صادرة عن مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية.