في قمة المناخ «كوب 29» في باكو سلمت دولةُ الإمارات الرايةَ لأذربيجان، بعدما نظمت «كوب 28» الذي يعد الأفضل مقارنةً بقمم المناخ التي سبقته.
العالم كله يبحث عن «البلسم» الخاص بعلاج «صداع» التغير المناخي، لبغية الوصول إلى «صفر كربون». كلفة هذا «البلسم» في أفريقيا على سبيل المثال، كما أعلن عنها رئيس بنك التنمية الأفريقي، هي أن يفتح البنك نافذةً أمام مانحيه لتعبئة مبلغ قدره 13 مليار دولار أميركي لدعم إجراءات التكيف مع تغير المناخ في أفريقيا.
لقد أدركت الإمارات مبكراً، ومنذ قمة «جلاسكو» عام 2021، أن المشاركة الإيجابية في مثل هذه المؤتمرات العالمية هي السبيل الأمثل للوصول إلى نتائج عملية وواعدة في التخفيف من الأضرار البيئية للتغير المناخي. وقد سعت منذ البداية، بالتعاون مع الولايات المتحدة الأميركية، لاستثمار أربعة مليارات دولار إضافية في مبادرة عالمية لتحقيق مرونة الزراعة في مواجهة التغير المناخي، ولتقليل الانبعاثات الضارة، وذلك من أصل تعهدات أطلقت في «كوب 26» للمناخ باستثمار ثمانية مليارات دولار في الفترة بين عامي 2021 و2025 من حكومات وشركاء غير حكوميين.
وبعد النجاح منقطع النظير في «كوب 28»، والذي تمخض عن «اتفاق الإمارات» التاريخي، واصلت الإمارات حضورَها العالمي خلال «كوب 29» في العاصمة الأذربيجانية باكو، على أعلى مستوى، حيث شارك صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، حفظه الله، في جلسات قمة المناخ، وصرّح سموه بأن: «تغير المناخ تحدٍ عالمي خطير لكن يمكن مواجهته والحد منه من خلال العمل الجماعي الدولي، وهذا ما أكدنا عليه اليوم في قمة قادة العالم للعمل المناخي في مؤتمر كوب 29 في باكو».
ودولة الإمارات حريصة على دعم هذا المسار والتعاون مع مختلف الأطراف في العالم، لتعزيز العمل المناخي المشترك، ولتنفيذ مخرجات مؤتمرات المناخ وفي مقدمتها «اتفاق الإمارات» التاريخي في «كوب 28» من أجل مستقبل أفضل للبشرية.
و في ذات السياق غرد معالي الدكتور أنور بن محمد قرقاش، المستشار الدبلوماسي لصاحب السمو رئيس الدولة، بقوله: «استضافت الإمارات مؤتمر المناخ كوب 28، أحد أهم الأحداث الدولية وأكثرها حساسية، وأدارته بكل مهنية وقدرة، وجسّرت المواقف المتباينة عبر (إجماع الإمارات)، واليوم سلمت الملف إلى أذربيجان وكوب 29. فخورون برؤية الشيخ محمد بن زايد وقيادة الإمارات الطموحة، والشكر موصول لفريق العمل الوطني».
ونظراً لأهمية هذه القمة بالنسبة لدولة الإمارات، توضح ذلك معالي الدكتورة آمنة بنت عبدالله الضحاك، وزيرة التغير المناخي والبيئة، بقولها: «الإمارات تشارك في المؤتمر بوفد رفيع المستوى يضم أكثر من 90 جهة اتحادية ومحلية ومن القطاع الخاص والمجتمع المدني، وهي تؤمن دائماً بأن التواجد والمشاركة في هذه المنصات متعددة الأطراف والعمل على التعاون الدولي المشترك هو الحل للكثير من التحديات التي تواجه العالم».
لقد أصبح العالَم بحاجة ماسة للحفاظ على نضارة الأرض واخضرارها، للتمكن من مواجهة احترارها. مهمة العالم الأساسية اليوم، هي العمل معاً للوصول إلى «صفر كربون» وتنقية الهواء منه.
الأجيال القادمة سوف تحكم على نجاح مثل هذه القمم، حتى لا نفاجأ باختفاء مدن عند ارتفاع حرارة الأرض 4 درجات مئوية إضافية. لذا من الضروري بمكان الاستمرار في إنجاز النمو الاقتصادي المستدام من أجل الحفاظ على هذا الكوكب إلى أقصى مدى ممكن. نملك الإرادة وكذلك القدرة للبدء في مكافحة التغير المناخي بالطرق الصحيحة، لا سيما أننا نعيش بدايات عصر الذكاء الاصطناعي الذي يمكن من خلاله تحقيق الأهداف المرجوة وفي مديات زمنية أقل مِن المتوقع.
*كاتب إماراتي