انطلاقاً من سعيها المتواصل لإرساء الاستقرار والأمن والسلام على الصعيدين الإقليمي والدولي، تبنت دولة الإمارات العربية المتحدة استراتيجية ارتكزت دعائمها على مكافحة انتشار الأسلحة النووية، والعمل على إقامة عالم خال من الأسلحة غير التقليدية، كما طالبت دولة الإمارات عبر مختلف المحافل الدولية، وفي كل المناسبات ذات الصلة بضرورة الالتزام بالاتفاقيات المتعلقة بنزع السلاح، ومنع انتشاره.
وفي هذا الإطار انطلقت في 18 نوفمبر 2024 فعاليات منتدى حظر الانتشار النووي، والذي تنظمه الهيئة الاتحادية للرقابة النووية، ويجمع على مدار ثلاثة أيام أكثر من 80 خبيراً وطنياً ودولياً، لبحث الوضع الحالي لمنظومة حظر الانتشار النووي.
يناقش المنتدى، الذي يعقد تحت شعار «تسخير الابتكار في حظر الانتشار النووي»، الضوابط المفروضة على الاستيراد والتصدير للمواد النووية، إلى جانب مجموعة متنوعة من الموضوعات مثل سياسات حظر الانتشار النووي العالمية، وضوابط الرقابة على الاستيراد.
وبهذه المناسبة، أكد كريستر فيكتورسون، مدير عام الهيئة الاتحادية للرقابة النووية، أن البرنامج النووي لدولة الإمارات يعتمد على السياسة النووية للدولة التي تدعو إلى حظر الانتشار النووي، والالتزام بالاتفاقيات الدولية ذات الصلة، مؤكداً التزام دولة الإمارات بتطوير وتفعيل أنظمة للضمانات التي حظيت بإشادة المجتمع الدولي.
ويُعد البرنامج النووي لدولة الإمارات نموذجاً يُحتذى به عالمياً بين الدول الجديدة التي ترغب في بناء مفاعلات نووية، وتعد دولة الإمارات أول دولة على مستوى العالم، منذ ثلاثة عقود، تبني أربعة مفاعلات في محطة براكة للطاقة النووية في وقت واحد.
وأصبحت دولة الإمارات أول دولة عربية تشغل محطة للطاقة النووية ويعتمد برنامجها النووي على المبادئ الستة المنصوص عليها في سياستها النووية، بما في ذلك الشفافية التشغيلية، وأعلى معايير حظر الانتشار، وأعلى معايير السلامة والأمن والاستدامة. وبهذا الإنجاز أصبحت دولة الإمارات الأولى في العالم العربي، وضمن مجموعة محدودة من الدول حول العالم، التي نجحت في تطوير محطات للطاقة النووية لإنتاج الكهرباء على نحو آمن وموثوق وصديق للبيئة.
وتعزز سياسات دولة الإمارات العربية المتحدة ونهجها الجهود الدولية الرامية لحظر انتشار الأسلحة، وذلك عبر انضمام الدولة عام 2003 لـ«اتفاقية الضمانات الشاملة» مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية، وتوقيعها عام 2009 على البروتوكول الإضافي للاتفاقية، والذي يُعدُّ آلية موثوقة لضمان استخدام المواد والمرافق النووية للأغراض السلمية. كما وقّعت في عام 2023 على الترتيبات الإدارية مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية، وأطلقت برنامج دعم الضمانات الخاص بها، والذي توفر من خلاله المعرفة والخبرات التي من شأنها تعزيز فعالية وكفاءة أنشطة حظر الانتشار دولياً.
وفي ظل ارتفاع وتيرة النزاعات والتهديدات التي يشكلها استمرار وجود الأسلحة النووية والمساعي المتواصلة لامتلاكها وتطويرها، بما في ذلك التهديد باستخدامها، تلتزم دولة الإمارات العربية المتحدة بصون وتعزيز السلم والأمن الدوليين عبر إقامة عالم خال من الأسلحة النووية، وتُولي اهتماماً خاصاً لمعاهدة عدم انتشار الأسلحة النووية بوصفها حجر الزاوية في منظومة نزع السلاح النووي، وعدم الانتشار، وتجنيب البشرية الشرورَ المترتبة على هذا الانتشار.
ويأتي اهتمام دولة الإمارات بنشر السلام والاستقرار والأمن، انطلاقاً من نهج قيادتها الرشيدة، وتوجيهات صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، حفظه الله، وإرثها الإنساني ورسالتها الحضارية القائمة على إعلاء قيم المحبة والتسامح والتعايش والأخوة الإنسانية، ونبذ التعصب والكراهية، ومكافحة التطرف والإرهاب.
وقد أخذت دولة الإمارات على عاتقها، منذ تأسيس الاتحاد عام 1971 على يد المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، نشر السلام والأمن والاستقرار على المستويين الإقليمي والدولي، ورسخت على مدى أكثر من 5 عقود، مكانتها داعماً رئيساً لجهود تعزيز الأمن والاستقرار حول العالم، من خلال دعم كل الجهود الإقليمية والدولية ذات الصلة، واستثمار مكانتها العالمية في احتواء الكثير من الصراعات والمواجهات حول العالم، وإتاحة الفرصة للحوار والحلول السلمية من أجل حل المشكلات، وتقديم المبادرات التي تستهدف نشر قيم الخير والسلام والتنمية.

*صادرة عن مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية