تعكس مشاركة دولة الإمارات العربية المتحدة في قمة مجموعة العشرين، التي عقدت يومي 18 و19 نوفمبر 2024 في مدينة ريو دي جانيرو بالبرازيل، المكانة العالمية البارزة للإمارات ودورها الريادي في تعزيز التعاون الدولي لتحقيق التنمية المستدامة وبناء مستقبل أفضل للبشرية. وقد جاءت هذه المشاركة تحت شعار «بناء عالم عادل وكوكب مستدام»، بما يجسّد رؤية الإمارات لدعم الجهود العالمية في مواجهة التحديات الملحة، وعلى رأسها التغير المناخي، والأمن الغذائي، وتحقيق التوازن بين النمو الاقتصادي والحفاظ على الموارد البيئية.
والحاصل أنه، ومنذ تولي البرازيل رئاسة مجموعة العشرين في ديسمبر 2023، حرصت دولة الإمارات على دعم أجندتها الطموحة، التي ركزت على تعزيز الحوكمة العالمية، ومكافحة الفقر والجوع، ودفع التحول نحو اقتصاد مستدام. وخلال الاجتماعات التحضيرية للقمة، أكدت دولة الإمارات التزامها بالتعاون مع الدول الأعضاء لتحقيق هذه الأهداف، بما يعكس تطلعها لتحقيق التكامل بين أجندة مجموعة العشرين وأجندة «COP28»، الذي استضافته بنجاح عام 2023.
وهنا لا بد من التذكير بأن دولة الإمارات قد نجحت خلال «COP28» في إطلاق «اتفاق الإمارات التاريخي»، الذي جمع تمويلات مناخية تجاوزت 85 مليار دولار، إلى جانب إطلاق 11 تعهداً عالمياً لدعم الاقتصاد الأخضر. وقد حظيت هذه المبادرات بتقدير واسع، خاصة من البرازيل التي انضمت لاحقاً إلى الإعلان عن إطار عالمي للتمويل المناخي.
وتمثل مجموعة العشرين شريكاً استراتيجياً لدولة الإمارات على مستوى العلاقات الاقتصادية والتنموية. وتشير الإحصاءات في هذا السياق إلى أن التجارة غير النفطية بين الإمارات ودول المجموعة قد بلغت 393.2 مليار دولار في عام 2023، بزيادة 15.3% مقارنة بالعام السابق، مما يبرز أهمية هذه الشراكات. كما استحوذت دول المجموعة على 51.6% من إجمالي التجارة الخارجية غير النفطية للإمارات خلال النصف الأول من عام 2024، وفي مجال الاستثمار، عززت دولة الإمارات تعاونها مع دول المجموعة، لتصبح مستثمراً رئيسياً في مجالات البنية التحتية، والطاقة، والتكنولوجيا المتقدمة.
وتمثل الشراكة الإماراتية البرازيلية نموذجا مثالياً للتعاون المشترك، حيث تعد البرازيل الشريك التجاري الأكبر للإمارات في أميركا اللاتينية، إذ بلغ حجم التجارة الثنائية 13.28 مليار درهم خلال الأشهر الثمانية الأولى من عام 2024. كما استثمرت الإمارات أكثر من 5 مليارات دولار في البرازيل، عبر شركات كبرى مثل «مبادلة»، و«موانئ دبي العالمية»، و«طيران الإمارات»، لذا فقد شهدت مشاركة الدولة في القمة تبادل عدد من الاتفاقيات ومذكرات التفاهم والشراكات الاستراتيجية بين مؤسسات وشركات إماراتية وبرازيلية في مختلف المجالات الحيوية.
وعلى صعيد التعاون الحكومي، أطلقت الإمارات والبرازيل شراكة استراتيجية في مجالات تحديث الحكومة، وتعزيز التنافسية الاقتصادية، وتطوير الكوادر البشرية، مما يعكس التزامهما المشترك بتحقيق التنمية المستدامة.
كما جسدت مشاركة الإمارات في قمة مجموعة العشرين نهجها القائم على بناء جسور التعاون الدولي وتعزيز الحوار لتحقيق الاستقرار والازدهار العالميين. وإلى جانب دورها كشريك اقتصادي قوي، تلعب دولة الإمارات دوراً محورياً في دعم الحلول السلمية للنزاعات الإقليمية، بما يتماشى مع رؤيتها لبناء مستقبل مستدام وآمن.
ويعكس الحضورُ الفاعلُ لدولة الإمارات في المحافل الدولية الكبرى، مثل مجموعة العشرين، رؤيتَها الوطنية القائمة على الانفتاح والاستثمار في الشراكات العالمية لتحقيق الرخاء والرفاهية للجميع. ومع تطور علاقاتها مع الدول الأعضاء في المجموعة، لاسيَّما مع البرازيل، تواصل دولة الإمارات تأكيد مكانتها كشريك موثوق ورائد في بناء عالم أكثر استدامة وعدالة، مما ينعكس إيجابياً على شعوب المنطقة والعالم.
وتحرص دولة الإمارات بقوة على دعم الأطر والجهود العالمية الرامية للحفاظ على الاستقرار السياسي والاقتصادي والطاقي، ومساندة الأطر المؤسسية التي تمكنها من إنفاذ أجندتها المتعلقة بتحفيز العمل الدولي لتحقيق التنمية المستدامة، ما يخدم الأهداف العالمية، ويدعم الأمن الإنساني الجماعي، ويجنِّب العالَم أية أزمات طارئة تهدد الاستقرار، ويكرس الدور المحوري للدولة في إنفاذ أجندة مجموعة العشرين، ويؤكد في الوقت نفسه محورية رؤية الإمارات للقضايا الإقليمية والدولية الرئيسة في الوقت الراهن.
*صادرة عن مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية