فيما يعكس حرصها على تعزيز الريادة في مجال العمل البيئي، تواصل دولة الإمارات بذل الجهود العلمية للمحافظة على البيئة وحمايتها، وقد عملت هيئة البيئة - أبوظبي، منذ انطلاقها عام 1996 على إطلاق المبادرات البحثية والعلمية في هذا المجال، حتى أصبحت إحدى أهم المؤسسات البيئية المتخصصة في الشرق الأوسط، التي لا يقتصر تركيزها على إمارة أبوظبي، بل يمتد نشاطها البيئي إلى المستويين الإقليمي والدولي.
ومن بين أبرز مبادرات ومشاريع هيئة البيئة - أبوظبي، سفينة الأبحاث البحرية «جيّوَن»، التي طوّرتها الهيئة وأطلقتها مطلع عام 2023، لتصبح أول سفينة من نوعها في الدولة، والأكثر تقدماً وتطوراً على مستوى الشرق الأوسط، إذ تعمل السفينة على دعم الأبحاث الوطنية والعالمية في مجال العلوم البحرية، وتنفيذ عدد من مشاريع مراقبة وحماية التنوع البيولوجي البحري.
وقد حازت «جيّوَن» مؤخراً على جائزة «عالم القوارب»، باعتبارها أفضل سفينة أبحاث كبيرة لعام 2023، من مؤسسة بيرد البحرية في أستراليا. وجاء تقييمها بناءً على مجموعة من المعايير تشمل جودة التصميم والتنفيذ ومهام السفينة.
وتبحر السفينة، التي يُقدر طولها بـ 50 متراً، في المياه الإقليمية لدولة الإمارات، وتقوم هيئة البيئة - أبوظبي، من خلالها، باستكمال دراسة البيئة البحرية والثروة السمكية. وقد أُطلق عليها اسم «جيّوَن»، الذي يرمز إلى أحد أجود وأندر أنواع اللؤلؤ وأثمنها في منطقة الخليج العربي. وتضم طاقماً من 30 فرداً، يتعاملون مع أحدث معدات البحث البحري، التي تشمل 6 مختبرات لدراسة العينات البحرية على السفينة، ومركبة للغوص يتم تشغيلها عن بُعد. وتتمتع السفينة بقدرة على إجراء المسوحات البحرية والسمكية الشاملة، بما في ذلك المسوحات البيئية البحرية الأساسية، ومراقبة الموائل في المياه العميقة لإمارة أبوظبي، ومسوحات تقييم الموارد السمكية، ومسح موائل الشعاب المرجانية والأعشاب البحرية، ودراسة جودة المياه البحرية والرواسب، ومسوحات الأحياء البحرية.
وقال أحمد الهاشمي، المدير التنفيذي لقطاع التنوع البيولوجي البري والبحري في هيئة البيئة - أبوظبي، إن اختيار سفينة «جيوَن» أفضل سفينة أبحاث كبيرة لعام 2023 من قبل مؤسسة بيرد البحرية يعد إنجازاً كبيراً لإمارة أبوظبي وهيئة البيئة ويعكس الدور الرائد الذي تلعبه في مجال حماية البيئة البحرية محلياً وإقليمياً وعالمياً، وتم اختيارها من بين قائمة طويلة من السفن من جميع أنحاء العالم.
وقد سبق للسفينة أن نفذت رحلة استكشافية لأبحاث الغلاف الجوي، من ميناء فيجو في إسبانيا إلى أبوظبي، شملت 25 دولة، وثمانية بحار ومحيطات في أوروبا وأفريقيا وآسيا، في رحلة قطعت خلالها أكثر من 10,000 كيلومتر، قام خلالها فريق الرحلة الاستكشافية لأبحاث الغلاف الجوي بإجراء دراسة شاملة لحركة النقل البحري، وما يتبع ذلك من تحولات لاحقة للهيدروكربونات وأكاسيد النيتروجين، ودراسة سُبُل انتقال التلوث من الخليج العربي إلى مناطق أخرى.
وتشارك سفينة «جيّوَن» في مبادرة «مواجهة التحدي العالمي الذي يمثله التلوث الناجم عن المواد البلاستيكية»، التي أعلنتها هيئة البيئة - أبوظبي، ومجلس أبوظبي للجودة والمطابقة، عبر إجراء مسوحات وجمع عينات للتعرف على مدى تأثير الجسيمات البلاستيكية الدقيقة على البيئة البحرية في إمارة أبوظبي، وتم جمع 100 عينة من مياه البحر خلال مهمة بحثية شملت المحيط الأطلسي، والبحر المتوسط والبحر الأحمر وخليج عدن، والخليج العربي ومياه أبوظبي.
إن رؤية دولة الإمارات ارتكزت منذ نشأتها على نهج صديق للبيئة، استهدف تبني أفضل السبل التي تحافظ على البيئة البحرية على وجه الخصوص، انطلاقاً من رؤى ومبادئ علمية رصينة، ومما لا شك فيه أن تطوير سفينة الأبحاث البحرية «جيّوَن»، يَعكس حرص إمارة أبوظبي على دعم النهج العلمي، من أجل تعزيز جهود حماية البيئة البحرية، والحفاظ على التنوع البيولوجي والموارد البحرية.

*صادرة عن مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية