الاقتصاد الأخضر نوع من الاقتصاد الذي يقلل من المخاطر، ومبدأه الأساسي تشجيع التنمية المستدامة دون الإضرار بالبيئة.

 اقتصاد يُوجَّه فيه النمو في الدخل والعمالة بوساطة استثمارات بالقطاعين العام والخاص من شأنها أن تؤدي إلى تعزيز كفاءة استخدام الموارد وتخفيض انبعاثات الكربون والنفايات والتلوّث. يعتمد الاقتصاد الأخضر على مبادئ منها الرفاهية، حيث يجب أن يخلق الاقتصاد الأخضر رفاهية حقيقية ومستدامة ومشتركة وتتجاوز الثروة النقدية المجردة لإعطاء الأولوية للتنمية البشرية والصحة والسعادة والتعليم والمجتمع. 

ويركز الاقتصاد الأخضر على استخدام الموارد بكفاءة وبطريقة دائرية، وذلك من أجل تقليل النفايات إلى الحد الأدنى كما يسعى إلى إعادة التوازن إلى نموذج يقوده المستهلك نحو نموذج أكثر استدامة من حيث استخدام الموارد الطبيعية. يساهم الاقتصاد الأخضر في الحفاظ على الموارد الطبيعية المحدودة من خلال استخدامها بشكل مستدام وفاعل وتحقيق الكفاءة في استخدام الموارد الطبيعية، كذلك يعمل الاقتصاد الأخضر والتنمية المستدامة على تقليل التلوث والانبعاثات الضارة، مما يسهم في الحفاظ على جودة الهواء والماء والتربة، ويحمي البيئة وصحة الأفراد.

هناك تحديات كثيرة تواجه تطور ونمو الاقتصاد الأخضر، ولعل التحدي الأول هو النموذج الاقتصادي التقليدي، وهناك بعض التحديات الأخرى لكن الاقتصاد الأخضر الشامل هو بديل للنموذج الاقتصادي السائد اليوم، والذي يولد مخاطر بيئية وصحية واسعة النطاق ويشجع على الاستهلاك والإنتاج المسرف، ويؤدي إلى ندرة بيئية وندرة في الموارد، ويؤدي إلى عدم المساواة. الاقتصاد الأخضر الشامل فرصة لتعزيز الاستدامة والعدالة الاجتماعية كوظائف لنظام مالي مستقر ومزدهر، ضمن محيط كوكب محدود وهش، وهو طريق نحو تحقيق أجندة 2030 للتنمية المستدامة والقضاء على الفقر مع حماية الأسس البيئية، التي تدعم صحة الإنسان ورفاهته وتنميته.

الاقتصاد الأخضر الشامل أصبح منخفض الكربون وفعالاً ونظيفاً، سواء في الإنتاج وأيضاً شامل في الاستهلاك. اقتصاد يستند إلى المشاركة والتعاون والتضامن والمرونة والفرصة والترابط المتبادل، ويركز على توسيع الخيارات والبدائل للاقتصادات الوطنية باستخدام سياسات الحماية المالية والاجتماعية المستهدفة والمناسبة وبدعم من المؤسسات القوية التي تهدف بشكل خاص إلى حماية الأرضيات الاجتماعية والبيئية. ومن أهم القطاعات التي يرتكز عليها الاقتصاد الأخضر- للتحول في الوقت الراهن- الطاقة المتجددة والأبنية الخضراء والنقل المستدام وإدارة المياه وإدارة المخلفات وإدارة الأراضي بما فيها الزراعة المستدامة.

في هذا المجال الحيوي تسعى دولة الإمارات العربية المتحدة لتطبيق مفهوم الاقتصاد الأخضر. وقد تبنت دولة الإمارات العربية المتحدة هذا النهج في عام 2012 من خلال استراتيجية الإمارات للتنمية الخضراء التي تستهدف تحويل الاقتصاد الوطني إلى اقتصاد أخضر منخفض الكربون يعتمد بصورة أساسية على التقنيات الحديثة والمعرفة والابتكار من خلال مبادرات استراتيجية مثل مبادرة الزراعة عن طريق استخدام التكنولوجيا الحديثة وإعادة استخدام النفايات الناتجة عن البناء والهدم التي تم إعادة تدويرها في المشاريع الخاصة بالطرق والبنية التحتية ومبادرة تحويل نفايات الزيت إلى وقود ديزل حيوي.

وضمن هذا الإطار تم إطلاق استراتيجية دبي للطاقة النظيفة 2050 التي تهدف لجعل دبي مركزاً عالمياً للطاقة النظيفة والاقتصاد الأخضر وغيرها من المشاريع والمبادرات التي تضمن بناء مستقبل مستدام للأجيال الحاضرة والمستقبلية. وفي قطاعي النفط والغاز تمثلّت الجهود والمبادرات في مشاريع مهمة مثل السعي إلى الحد من حرق الغاز الطبيعي وتعزيز استخدام الوقود النظيف للمركبات، وكذلك إنشاء محطات الخدمة الخضراء.والهدف من كل المشاريع الخضراء هو تحقيق التنمية المستدامة وجعل الإمارات أفضل دولة في العالم بحلول الذكرى المئوية لتأسيسها. وبذلك رسخت دولة الإمارات العربية المتحدة مكانتها العالمية كعلامة بارزةً في تطوير الأنظمة والاستراتيجيات المتعلقة بالاقتصاد الأخضر وباتت محوراً دولياً في دعم الجهود المبذولة للتصدي للتغيرات المناخية وتطوير نماذج واقعية للحد من آثارها الاقتصادية.

*باحث في الطاقة المتجددة