لا تتعلق الانتخابات الأميركية، التي أجريت الثلاثاء وانتهت بخسارة كامالا هاريس أمام دونالد ترامب الذي فاز مجدداً برئاسة البيت الأبيض، بامرأة بعينها، أي لم تكن تدور حول الإعجاب بهاريس ولا حول كسر نمط متكرر من الرجال على الخط الزمني الرئاسي. كما لم يكن موضوعها الرئيسي وجود امرأة ذات بشرة سمراء، أو شخص من جنوب آسيا أو ابن من أبناء المهاجرين، في المكتب البيضاوي. لقد كانت معركة جادة من أجل جميع النساء الأميركيات.
وخلال الحملة الانتخابية تحول الحديث من تعيين النساء في المناصب إلى دعم مرشح رئاسي لا يشكل خطراً على النساء. وكان هذا واضحاً بشكل جلي خلال عطلة نهاية الأسبوع، عندما تدفق الآلاف من الرجال والنساء إلى واشنطن قبل ثلاثة أيام من الاقتراع، وساروا دعماً لحقوق المرأة. لقد حضرتُ شخصياً معظم مسيرات النساء في واشنطن خلال الأعوام الأخيرة، بما فيها المسيرة النسائية الناجحة عام 2017، لكن مسيرة الأسبوع الماضي كانت مختلفة. كانت تعبيراً عن المزاج العام لحملة هاريس - والتز، بمزيج قوي ومشوب بالجدية بين الأجيال، أملاه التراجع في حقوق النساء الأميركيات وما يعنيه ذلك للمستقبل. «إنها تتعلق بالمفاهيم التي شكلت أمتنا»، بحسب ما قالت جيل سيفرز (69 عاماً)، وهي محامية متقاعدة جاءت للمشاركة في مسيرة النساء مع شقيقتها، وكان هذا هو أول حضور لهما في الحدث.
عندما صنعت هيلاري كلينتون التاريخ في بطاقة الحزب الديمقراطي، عام 2016، كانت لحظة من البهجة والتفاؤل. لكن الأمل تحطم بسبب الموقف من النساء.
وفي هذه المرة، فقد كان لدعم مرشحة أنثى دافع أكثر إلحاحاً من مجرد البحث عن مكان في كُتب التاريخ. والأمر لا يتعلق بالتمثيل في المكتب البيضاوي، بل يتعلق بالتراجع الذي عانى منه 51٪ من سكان الولايات المتحدة عندما كان «الجمهوريون» في البيت الأبيض. الأمر يتعلق بحقوق الإنسان، وبالطريقة التي لا يزال بها 51% من سكان أمتنا يحصلون على أجر أقل، وفرص أقل في الحصول على الرعاية الصحية، وأمان أقل.. في بلد منقسم بشدة.
كانت حملة نائبة الرئيس كامالا هاريس استراتيجية للغاية في توصيل رسالة لا تميل إلى جنسها. قالت في مقابلة مع «إن بي سي نيوز» الشهر الماضي: «لن أفترض أبداً أن أي شخص في بلدنا يجب أن ينتخب زعيما بناءً على جنسه أو عرقه».
في الأسبوع الماضي، وخلال تجمع حاشد في «ناشيونال مول»، تم الإعلان عنه باعتباره التجمع الختامي لهاريس، هتف المؤيدون: «لن نعود!»، وهو أيضاً شعار شاهدناه كثيراً على الملصقات في مسيرة السبت الماضي.
قالت بوني براونلي (71 عاماً)، وهي أخت «سيفرز» التي سافرت معها إلى المسيرة، وتعمل مستشارة رعاية صحية: «أتذكر عندما اضطرت صديقتي إلى الذهاب إلى المكسيك لإجراء عملية إجهاض. والآن عدنا إلى هذا.. لذا فإن مَن ننتخبه يهم حقاً».
عندما بدأت براونلي وسيفرز حياتَهما المهنيةَ، لم يكن مسموحاً لهما بالتقدم للحصول على بطاقة ائتمان أو قرض دون توقيع زوج أو أحد الأقارب الذكور. وفي الأسبوع الماضي، مرت الذكرى السنوية الخمسين لقانون تكافؤ الفرص الائتمانية لعام 1974، والذي سمح للنساء أخيراً بمزيد من الاستقلال الاقتصادي. في الوقت الذي تم فيه عرض برنامج «عرض ماري تايلر مور»، وهو برنامج تلفزيوني رائد عن امرأة تنجح في تحقيق ذاتها كمنتجة أخبار تلفزيونية، كان على النساء العازبات مثلها أن يطلبن من آبائهن أو إخوانهن الأصغر سناً التوقيعَ على بطاقة ائتمان!
وقد صدر ذلك القانون بعد عام واحد من حكم «رو ضد وايد» الذي منح النساء مزيداً من الحرية.. وكلنا نعرف كيف حدث ذلك.
وفي شهر سبتمبر الماضي، احتفلنا بالذكرى الثلاثين لقانون العنف ضد النساء لعام 1994، الذي أجبر أجهزة إنفاذ القانون على التعامل بجدية مع قضايا العنف المنزلي، والاعتداء الجنسي، والمطاردة، ولم يعد يمكن اعتبارها مسألة خاصة.
لذا فليس من غير المعقول أن نخشى أن تتعرض الحقوق التي اكتسبناها للخطر حالياً.
والرئيس ترامب نفسه تعهد الأسبوع الماضي بحماية النساء، وقال في تجمع حاشد في ويسكونسن: «حسناً، سأفعل ذلك. سواء أعجبت النساء بذلك أم لا، سأحميهن».
 
ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست لايسنج آند سينديكيشن»