العالم كلُه في انتظار نتيجة الانتخابات الرئاسية الأميركية التي تبدأ مؤشراتُها الأولى في الظهور بعد ظهر اليوم بتوقيت منطقتنا. يوجدُ مَن يفضلُ فوزَ الرئيس السابق دونالد ترامب، ومَن يأملُ في أن تنتقلَ المرشحةُ «الديمقراطية» كامالا هاريس إلى المكتب البيضاوي. فوزُ أيٍ من المرشَّحين يؤثرُ في صراعاتٍ إقليميةٍ ودولية، وفي سياسات بعض الدول أيضاً. لكن هناك أيضاً مَن يتعاملون مع الانتخابات الأميركية مثل غيرها، إما لأنهم ليسوا أطرافاً في صراعاتٍ قد تتأثرُ بفوز أيٍ من المرشحَين، أو لأن لدى دولهم مناعة تجاه مثل هذا المُتغير.
رئيسُ الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو أحدُ أكثر مَن قد يفضلون فوز ترامب، سواء قياساً على سياسة إدارته السابقة، أو استناداً إلى مواقفه الحالية. أهمُ ما قد يحتاجُه نتنياهو في الفترة المقبلة مساندة أميركية للتوسع الاستيطاني. وربما يتطلعُ لأن يكون ضوء أخضر أميركي لهذا التوسع ثمناً كافياً لوزراء متطرفين يمسكون بحكومته من رقبتها في مقابل إنهاء الحرب في قطاع غزة، بدءاً بالتوصل إلى صفقةٍ طال انتظارُها لتبادل الأسرى ووقف إطلاق النار.
ويتوقعُ نتنياهو فيما يبدو أن يكون التوسعُ الاستيطاني على هذا النحو أسهل في وجود ترامب. ولكنه يعرفُ في الوقت نفسه أن فوز هاريس لا يُمثّل مشكلةً لحكومته، بخلاف الرئيس الأوكراني فلوديمير زيلينسكي الذي قد يكونُ هو أكثر مَن يتمنى نجاحَها لضمان استمرار السياسة الأميركية الحالية المسانِدة لكييف، سياسياً وتسليحياً ومالياً. وهذا ما كان واضحاً تماماً في حملة هاريس، بخلاف ما طرحه ترامب بشأن عزمه إنهاء الحرب حال فوزه، بل كرر أنه يستطيع وقفها خلال أسابيع، بل قبل دخوله البيت الأبيض في 20 يناير المقبل. ورغم أنه لم يشرح كيف يُمكنُه ذلك، فثمة مؤشرات على أن سياسته قد تستندُ إلى خطة كيث كيلوغ، وفريد فيلتر في معهد أبحاث «أميركا فيرست» القريب إليه. وتتلخصُ هذه الخطة في الضغط على كييف، وإقناع موسكو بإجراء مفاوضات برعايةٍ أميركية، بهدف الاتفاق على إنشاء منطقةٍ منزوعة السلاح داخل الأراضي الأوكرانية التي تسيطرُ عليها روسيا حالياً، مع تحصينِها بطريقةٍ تضمنُ عدم تعرضها للاجتياح مرةً أخرى، على أساس أن هذا هو السبيل لمساعدة أوكرانيا وإنقاذ شعبها الذي قال ترامب أكثر من مرة، إنه يشعر بأسى كبير للمعاناة التي يتكبدُها. ومن الطبيعي ألَّا تكون مثلُ هذه الخطة مرضيةً لزيلينسكي، وخاصةً أنها تتضمن ممارسةَ ضغوطٍ على كييف، وصولاً إلى وقف تزويدها بالأسلحة ما لم تقبل التفاوض الذي سيُطرحُ عليها.
غير أن ما قد يُقللُ خوفَ زيلينسكي ورفاقه هو أن خطة ترامب هذه ربما لا تمضي دون عوائق، وأن استخدام التسليح أداةً للضغط عليهم يتطلبُ حصولَ «الجمهوريين» على أغلبيةٍ في مجلسي الكونجرس. وهذا احتمالٌ غير مُرجَّح، ما لم تحدث «موجة حمراء» مفاجئة. ومع ذلك فالتغيرُ المتوقعُ في السياسة الأميركية تجاه حرب أوكرانيا قد يجعلُ زيلينسكي الزعيم الأشد قلقاً من احتمال فوز ترامب، والأكثر أملاً في نجاح هاريس. 

*مستشار مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية