يحتفي العالم في الحادي والثلاثين من أكتوبر كل عام باليوم العالمي للمدن، والذي يأتي هذا العام تحت شعار: «الشباب صنّاع التغيير في مجال المناخ: تحفيز التحرّك المحلي من أجل الاستدامة الحضرية»، وهي فرصة لإلقاء الضوء على أهمية تعزيز الاستثمار في تشييد مدن ومناطق حضرية مرنة تواكب متطلبات المستقبل، من خلال الاستفادة من إمكانات التكنولوجيا الحديثة لتحقيق التنمية المستدامة، وتشجيع لا مركزية الإدارة لتعزيز الاستجابة للاحتياجات الخاصة للمدن.
وتقدّم دولة الإمارات نموذجاً يُحتذى به على المستويين الإقليمي والدولي في تشييد المدن المستدامة، وتحسين جودة الهواء، والحفاظ على الموارد المائية، وزيادة الاعتماد على الطاقة النظيفة، وتطبيق التنمية الخضراء، وذلك بما يتوافق مع تحقيق الهدف 11 من أهداف التنمية المستدامة المتمثل في جعل المدن والمستوطنات البشرية شاملة للجميع وآمنة، وقادرةً على الصمود وذكية ومستدامة.
وتُعدّ المدينة المستدامة في دبي أحد النماذج الملهمة التي تعزز ريادة الإمارات في تحقيق الحياد المناخي، إذ تُعد المدينة أول مجتمع متكامل وصديق للبيئة في الشرق الأوسط، بما توفره من مزايا بيئية مثالية تراعي جوانبَ الاستدامة الاجتماعية والاقتصادية والبيئية، لتقدم لقاطنيها حياةً صحيةً مستدامةً منخفضةَ الانبعاثات الكربونية.
تقع المدينة المستدامة في دبي لاند، وتمتد على مساحة 5 ملايين قدم مربع، وتوفر مجموعة متكاملة من الخدمات والمرافق السكنية الخضراء من دون إحداث أي تأثير سلبي على البيئة، نظراً لاعتمادها مفهوماً فريداً يجسّد ملامح العيش المستدام، حيث تستخدم جميع المساكن في المدينة الطاقة النظيفة، والتي تُنتَج من ألواح شمسية تم تركيبها على واجهات وأسطح الفلل والمباني ومواقف السيارات، والتي نجحت بشكل كامل في توليد الطاقة حسب احتياجات القاطنين فيها.
وتحتضن دولة الإمارات مجموعةً مِن مشروعات المدن المستدامة التي تعتمد على تسخير مخرجات وأدوات الذكاء الاصطناعي، ومبادرات التنقل الذكي، ومجموعة واسعة من الخدمات الذكية التي تغطي جميع مناحي الحياة اليومية للسكان.
وفي الوقت الذي تبلغ فيه الإيرادات العالمية من المدن الرقمية 1.83 تريليون دولار، وهي زيادة هائلة قدرها 21% مقارنةً بالعام الماضي، وفقاً لدراسة مختصة، فإن دولة الإمارات تقود مستقبل المدن من خلال المبادرات الخلّاقة التي تستفيد من قوة الذكاء الاصطناعي وإنترنت الأشياء، والنظم القائمة على البيانات، لتعزيز البيئات المستدامة فائقة الترابط.
وبفضل استثماراتها الضخمة في التحوّل الرقمي، تتمتع الإمارات بمكانة عالمية متقدمة في مجال تطوير المدن الرقمية، حيث حلَّت دبي وأبوظبي ضمن قائمة أول 12 مدينة عالمية على مؤشر المدن الذكية للعام 2024، وفقاً لتقرير أعده المعهد الدولي للتنمية الإدارية في سويسرا، وهي شهادة على التطور السريع في التقنيات الحضرية.
وتقود هيئة تنظيم الاتصالات والحكومة الرقمية هذه التطورات الملموسة، إذ تتولى مسؤولية الإشراف على التحول الرقمي على المستوى الاتحادي بالتركيز على هدفين استراتيجيين، هما تعزيز أنماط الحياة الذكية، وتقوية البنية التحتية التكنولوجية.
وجدير بالذكر أن هيئة دبي الرقمية تقود التحوّلَ الرقمي، انطلاقاً من رؤية القيادة الحكيمة لإمارة دبي، كما تشرف دبي الرقمية على تسريع التحول الرقمي للمدينة، من خلال الشراكات الاستراتيجية، وتعزيز مساهمة الإمارة في الاقتصاد الرقمي، وبناء وتطوير الكفاءات الرقمية للمواهب الوطنية، والحفاظ على الثروة الرقمية لدبي وتنميتها.
وتتميز دبي الرقمية بمبادراتها المبتكرة، على غرار مبادرة «حكومة لا ورقية»، والتي جعلت دبي أول حكومة لا ورقية في العالم، وكذلك المنصات الرقمية الموحدة مثل تطبيق «دبي الآن» الذي يوفر أكثر من 280 خدمة رقمية، والتجارب الرقمية المتميزة مثل، «باقة العمل»، وباقة «إماراتي»، والتي تمثل القوى الدافعة وراء التحول الرقمي للمدينة.
كما تقود مدينة مصدر، المبادرة الرائدة في أبوظبي، جهود التنمية المستدامة، حيث تؤدي دوراً أساسياً في مسيرة الإمارات نحو الحياد المناخي، من خلال ريادة المجتمع الحضري المستدام، وتغيير أسلوب حياة وعمل الناس وطرق التعلّم والترفيه، عبر دمج ممارسات الاستدامة في النسيج الحضري للمدن.

*صادرة عن مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية