مع قيام إسرائيل بفرض قيود صارمة على وصول شحنات الغذاء إلى قطاع غزة، حذّرت إدارة الرئيس جو بايدن الجانب الإسرائيلي أخيراً من أن عدم تخفيف هذه القيود سيعني مخاطرةً بتعليق تزويدها ببعض المساعدات العسكرية.
وفي رسالة صدرت يوم الثلاثاء الماضي، منحت الإدارة الأميركية إسرائيلَ 30 يوماً للسماح بدخول المزيد من المساعدات الإنسانية إلى غزة، وإلا فستواجه تداعيات جراء ذلك. وهذا مؤشر مرحب به، على اعتبار أن الرئيس جو بايدن يصر على تنفيذ القانون الأميركي، والذي يحظر المساعدات العسكرية للدول التي تمنع دخول المساعدات الإنسانية.
وكما قال «ماثيو ميلر»، مسؤول وزارة الخارجية: «إنها مجرد قراءة واضحة للقانون الأميركي». والمشكلة هي أن بايدن لم يكن حتى الآن قادراً على قراءة القانون بوضوح.
وفي أبريل الماضي، قررت الوكالة الأميركية للتنمية الدولية ومكتب اللاجئين التابع لوزارة الخارجية أن إسرائيل تعرقل المساعدات. ومع ذلك، خلص بايدن بطريقة أو بأخرى إلى أن إسرائيل لم تنتهك القانون، واستمرت الأسلحة في التدفق عليها بشكل كبير، مما زاد من حجم الدمار في غزة.
وفي الآونة الأخيرة، قلصت إسرائيل تدفق الغذاء إلى غزة بشكل أكثر حدة. وتقول وزارة الخارجية الأميركية إن مستوى المساعدات التي دخلت غزة في سبتمبر كان أقل من أي وقت مضى، أي منذ الهجمات التي شنتها حركة «حماس» ضد إسرائيل في السابع من شهر أكتوبر الماضي. وكان هناك جدل حول ما إذا كانت إسرائيل تسعى إلى تنفيذ استراتيجية المجاعة التي اقترحها أحد الجنرالات المتقاعدين، وخاصة في شمال قطاع غزة.
إنني معجب إلى حد كبير بالسياسة الخارجية التي ينتهجها بايدن، ولكني كنتُ شديدَ الانتقاد لفشل إدارته في استخدام شحنات الأسلحة كوسيلة ضغط لإجبار رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو على الاستماع إلى دعوات واشنطن لضبط النفس ووقف إطلاق النار. وبدون وسيلة ضغط، اكتفى بايدن بالتوسل لنتنياهو، وبالطبع فقد رفضت إسرائيل طلباته بشكل غير لائق. إن ضعف هذا الموقف جعل الولايات المتحدة تبدو للبعض متواطئةً في المأساة الإنسانية الناتجة عن الحرب الإسرائيلية في غزة.
ولذا، فإن التحرك الأخير يعد مؤشراً مرحباً به، وقد يكون علامةً على استعداد بايدن أخيراً لاستخدام النفوذ بدلاً من الاعتماد على العلاقات الشخصية، للتأثير على قرارات نتنياهو. لكن مهلة الثلاثين يوماً، والتي تعني أنه من غير المرجح أن يحدث شيء حتى بعد الانتخابات، تجعل المرء يتساءل عما إذا كان هذا الإجراء استعراضياً أكثر منه جوهرياً، ويهدف بالأساس إلى مساعدة نائبة الرئيس كامالا هاريس في كسب أصوات الأميركيين العرب في ميتشيجان.
آمل أن يكون بايدن جاداً هذه المرة، فقد قُتل أكثر من 3100 طفل في غزة دون سن الخامسة، وفقاً لمنظمة «أنقذوا الأطفال»، كما وَصفت منظمةُ «اليونيسيف» غزةَ بأنها المكان الأكثر خطورةً في العالم بالنسبة للأطفال. لكن بعد عام من الحرب الشرسة، يبدو التشكك معقولاً.
ينشر بترتيب خاص مع خدمة «نيويورك تايمز»