بعيداً عن كل أخبار الحروب التقليدية وغير التقليدية منها، فإن الأزمة الحقيقية التي يواجهها العالم - وللأسف لا يعطيها أولويةً - تتمثل في الأمن الغذائي للبشرية على هذا الكوكب.
يشكل الأمن الغذائي تحدياً كبيراً على المستوى العالمي، في ظل عوامل متعددة، مثل: التغيرات المناخية، والزيادة السكانية، والنزاعات السياسية التي تؤثر في إنتاج وتوزيع الغذاء.. إلخ. 
ومن هذا المنطلق، تعمل دولة الإمارات العربية المتحدة على لعب دور ريادي في تحقيق الأمن الغذائي عبر استراتيجيات ومبادرات تهدف إلى ضمان استدامة مصادر الغذاء، محلياً وعالمياً.
وقد أطلقت الإمارات «الاستراتيجية الوطنية للأمن الغذائي» في عام 2018، والتي تهدف إلى تعزيز مرونة النظام الغذائي، وزيادة مساهمتها في الجهود العالمية في هذا المجال الحيوي. تعتمد هذه الاستراتيجية على خمسة محاور رئيسة، من بينها تعزيز الإنتاج الزراعي المستدام، وتطوير الشراكات الدولية، وتشجيع الابتكار في مجال التكنولوجيا الزراعية. وتؤدي التقنية دوراً محورياً في هذا التوجه، حيث تعتمد الإمارات بشكل كبير على تشجيع الابتكارات في المجال الزراعي، بما في ذلك الزراعة العمودية، بغية تجاوز التحديات الجغرافية والبيئية التي تعيق الزراعة التقليدية.
إحدى المبادرات الرائدة التي تمثل توجه الإمارات نحو الابتكار هي «أغذية المستقبل»، والتي تركّز على التقنيات الزراعية المتقدمة مثل الزراعة العمودية والمنتجات المستدامة. هذه التقنيات ليست فقط حلولاً محلية لتوفير الغذاء، بل تعد كذلك إسهاماً ملموساً في مواجهة التحديات الغذائية العالمية.
وبالإضافة إلى ذلك، تعزز الإمارات شراكاتِها الدولية لضمان توفير الغذاء بشكل مستدام، حيث أسست مجموعات قابضة توظف رأس المال في الاستثمار في مشاريع زراعية في أفريقيا وآسيا، بهدف تأمين إمدادات غذائية مستدامة للإمارات وللدول الأخرى. هذه الشراكات تعتبر جزءاً من الجهود الإماراتية لتحقيق الأمن الغذائي العالمي من خلال التعاون مع دول أخرى تحتاج إلى تحسين إنتاجها الزراعي.
ويمثل موضوع التغير المناخي تحدياً كبيراً للأمن الغذائي، ولهذا السبب تعتمد الإمارات على نهج شامل يتضمّن التقليلَ من التأثير البيئي لعمليات إنتاج الغذاء، من خلال مبادرات مثل «الاستدامة البيئية» و«مصادر المياه المتجددة»، وتسعى الإمارات من خلالها إلى تطوير آليات تحافظ على المياه وتقليل الاستهلاك المفرط في الزراعة التقليدية، وهي خطوة حاسمة في منطقة تعاني ندرة المياه.
لا تقتصر جهودُ الإمارات على تلك المبادرات، فهناك عبقرية إدارية في تعزيز الابتكار من خلال دعم الشركات الناشئة التي تعمل في مجال التكنولوجيا الغذائية، وعبر مبادرات مثل «تحدي الابتكار الغذائي»، وهي مبادراتٌ تشجع روادَ الأعمال على تطوير حلول مبتكرة لمعالجة التحديات الغذائية، ما يعزز إنتاج الغذاء بطرق مستدامة وفعالة.
ومحصلة القول هي أن دولة الإمارات تؤدي دوراً محورياً وحيوياً في تعزيز الأمن الغذائي على المستويين المحلي والدولي، من خلال اعتمادها على التكنولوجيا والشراكات الدولية وتقديم المساعدات الإنسانية. ومع تفاقم التحديات التي تواجه العالم في مجال الأمن الغذائي، تواصل دولة الإمارات الاطلاع بدور حاسم في تعزيز الجهود العالمية لتحقيق مستقبل غذائي أكثر أماناً واستدامة.

*كاتب أردني مقيم في بلجيكا