ضمان الحياة الكريمة للمواطن كان وما زال محور اهتمام قيادة دولة الإمارات العربية المتحدة ومركز رؤيتها منذ عهد المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه. ومما لا ريب فيه أن الحياة الكريمة للمواطن الإماراتي تنعكس على استقراره وتتجلى في تميز سلوكه وتفانيه في عمله، وفي رعايته لأفراد أسرته، الأمر الذي يؤدي إلى تكامل وتماسك وتلاحم المجتمع بصفة عامة. وهذا كله تُبرهن عليه المبادرات الست لبرنامج نمو الأسر الإماراتية «نمو»، الذي أعلنت عنه مؤخراً دائرة تنمية المجتمع بإمارة أبوظبي في إطار «استراتيجية أبوظبي لجودة حياة الأسرة». وتعمل هذه المبادرات على دعم وتكوين واستقرار الأسرة الإماراتية الناجحة والمستقرة مادياً ونفسياً، إلى جانب تحقيق الرفاه والتنمية الاجتماعية بغية ضمان ازدهار البلاد واستدامة نموها. ولا شك في أن جميع الجهود في سائر قطاعات الدولة تعمل على تحقيق هذا الهدف؛ وذلك لضمان تكوين واستقرار الأسرة الإماراتية ونجاحها.
ومن المعلوم أن الخطوة الأولى نحو بناء تلك الأسرة هي قرار الزواج نفسه، ثم تعاون الزوجين لتحقيق الاستقرار والأمان لهما ولأبنائهما، وبالتالي تعزيز جودة حياتهم. وبعض هذه الخطوات والمراحل قد يُحجِم عنها العديدُ من الشباب بسبب ارتفاع النفقات المالية لكل مرحلة، الأمر الذي يؤدي إلى نتائج سلبية. ولذا جاءت تلك المبادرات لكي تقدم دعماً شاملاً للشباب المقبلين على الزواج، مما يخفف الأعباءَ المالية والاجتماعية، ويساعدهم على تجاوز أي تحديات اقتصادية قد تعرقل مسيرتَهم، وذلك استناداً إلى قيم المجتمع الإماراتي.
وتتضمن تلك المبادرات «سلفة الزواج الميسر»، التي يتم بموجبها دعم الشباب المقبلين على الزواج بمبلغ مالي، وبالإمكان الاستفادة من خصم من إجمالي تلك السلفة بعد إنجاب طفلين واستمرار الزواج لمدة خمسة أعوام بصورة مستقرة.
كما تشمل المبادرات تقديم مساعدة إيجارية سنوية للمتزوجين حديثاً لمدة سنتين قابلة للتجديد حتى أربع سنوات، للمساعدة على استئجار منزل وفق شروط محدَّدة. إضافةً إلى مبادرة الخصومات من قيمة القرض السكني الذي يتم منحه للمواطن، وذلك عند إنجاب الأبناء من الرابع إلى السادس، لتخفيف التكاليف على الأسر. وتهدف مبادرة تمديد فترة سداد القرض السكني إلى إتاحة الفرصة للأزواج لتخفيف عبء سداد القروض السكنية عند إنجاب الأطفال الرابع والخامس والسادس لمدة تصل إلى تسع سنوات، مما يساهم في تخفيف الأعباء المالية عليهم بشكل عام.
ولم تغفل دائرة تنمية المجتمع في أبوظبي عن الجوانب الاجتماعية في مبادراتها، إذ طرحت مبادرتين في غاية الأهمية. فهناك مبادرة تمديد إجازة الأمومة للأمهات العاملات في القطاع الخاص، والتي تتيح للمواطنات العاملات في القطاع الخاص فرصةَ الحصول على إجازة أمومة ممتدة مساوية لإجازة الأمومة في القطاع الحكومي، مما يساعد الأمهات الجديدات على نيل فترة راحة كافية لرعاية أطفالهن.
كما تهدف مبادرة تنفيذ الزيارات المنزلية للأمهات والآباء الجدد إلى تقديم الدعم والإرشاد للأمهات والآباء الجدد خلال فترة ما بعد الولادة، مما يساعدهم على التعامل مع التحديات الجديدة بسهولة ويُسر.
والأمر المثير للإعجاب هنا هو أن مبادرات «نمو»، بجانب مثيلاتها على المستويين الاتحادي والمحلي، تضع نصبَ عينيها هدفاً استراتيجياً مهماً ألا وهو تحقيق الاستقرار الأسري ونمو الأسرة الإماراتية، بدءاً بدعم قرار الزواج، مروراً بأطوار تكوين الأسرة، وليس انتهاءً بمساعدة الزوجين على تربية الأبناء، وضمان تنشئتهم بصورة سليمة. وهكذا فالمغزى الرئيس هنا هو ترجمة توجيهات القيادة التي تحرص كلَّ الحرص على ضمان رفاهية واستقرار المواطن، باعتبار أن ذلك يمثل شرطاً ضرورياً لنمو وازدهار الوطن. والمحصلة النهائية هي وطن متلاحم مستقر أساسُه الأسرة المواطِنة المتماسكة.