عُقد في بكين مؤخراً المنتدى الأول لمراكز الفكر الإماراتية-الصينية، برعاية من سفارة دولة الإمارات العربية المتحدة لدى الصين. وكان لمركز تريندز للبحوث والاستشارات شرف التواجد الفاعل في هذا المنتدى المهم، الذي عكس الإيمان العميق بالأهمية الكبيرة التي باتت تلعبها مراكز الفكر في عالمنا المعاصر، وفي تطوير العلاقات الخليجية-الصينية عامة، والعلاقات الإماراتية-الصينية بشكل خاص.
ويعدّ المنتدى، الذي جاء بمبادرة ودعم قوي من معالي حسين إبراهيم الحمادي، سفير دولة الإمارات لدى جمهورية الصين الشعبية، حلقة وصل فكرية قوية تربط دولتين لهما ثقل دولي وحضور عالمي مؤثر في حاضر العالم ومستقبله. فدولة الصين هي صاحبة الاقتصاد الثاني على مستوى العالم، فيما أصبحت دولة الإمارات ضمن الدول العشر الأعلى في القوة الناعمة عالميّاً، وتمتلك نموذجاً تنمويّاً رائداً يسعى كثيرون في العالم للاستفادة منه وتطبيقه. ويشترك البلدان في تاريخ يمتد قروناً، ويتميز بالتجارة والتبادل الثقافي والاحترام المتبادل. فضلاً عن ذلك، تزدهر الشراكة الاستراتيجية الإماراتية-الصينية يوماً تلو الآخر، في مجالات التكنولوجيا والثورة الصناعية الجديدة، ومجالات التجارة والخدمات اللوجستية والتعافي الاقتصادي، وفي المجال الثقافي والعلمي والفكري المشترك أيضاً.
وفي هذا السياق، يمكننا القول، إن دور المراكز البحثية ومؤسسات الفكر بالغ الأهمية كرافد لتوطيد العلاقات الجيواستراتيجية بين الدول والشعوب المختلفة، من خلال دورها في تقريب وجهات النظر حول السياسات المرغوب فيها بين البلدان المختلفة، وتوفير المنتديات الفكرية المستقلة التي تمثل أُطراً لطرح الأفكار والرؤى المتبادلة لاكتشاف القطاعات التي يمكن للدول من خلالها تعظيم التعاون الحالي والمستقبلي بما يعظّم منافعهم المشتركة. كما تعمل المراكز البحثية على تطوير وتعزيز ما يعرف باسم «الدبلوماسية الثقافية»، وذلك من خلال تبادل الإنتاج الثقافي والمعرفي المشترك، واكتشاف الجوانب الثقافية الإنسانية الحضارية في الثقافات المختلفة، بل وتطوير وتعزيز المشترك الإنساني.
وفي هذا السياق، وإيماناً من مركز تريندز للبحوث والاستشارات بأهمية التعاون وبناء الجسور بين مراكز الفكر على مستوى العالم، وبين الإمارات والصين بشكل خاص، جاءت مشاركة المركز الفاعلة في هذا المنتدى، والذي شهدت جلساته تبادل العديد من الأفكار القيّمة التي استهدفت تحقيق أهدافه، كما مثّل مجالاً لتريندز لتعزيز شراكاته البحثية والأكاديمية مع المؤسسات الفكرية الصينية، علماً بأن تريندز، وفي إطار توجهاته العالمية، كان بالفعل قد بدأ في تعزيز علاقات الشراكة مع المؤسسات الأكاديمية والبحثية والإعلامية الصينية قبل هذا المنتدى، حيث عَقد المركز العديد من الشراكات مع الجامعات ومراكز الفكر في بكين، ونظّم العديد من الندوات والمؤتمرات والفعاليات العلمية التي بحثت في سبل تعزيز التعاون بين الصين ومنطقة الخليج العربي، وفي القلب منها دولة الإمارات، ومن ذلك الندوة التي نظّمها المركز في بكين، في يونيو الماضي، بالتعاون مع المجموعة الصينية للإعلام الدولي، وكانت ضمن فعاليات مشاركة تريندز الحافلة في «معرض بكين الدولي للكتاب 2024».
كما دشّن تريندز كذلك، كأول مركز بحثي خليجي وعربي، مكتبَه في بكين، الذي يمثّل حلقة وصل مهمة مع مجتمع البحث العلمي في الصين، ويجسّد التزام المركز بالتعاون والتنسيق مع مراكز الفكر في العالم كله. إن التعاون والشراكة بين الصين ودولة الإمارات ليست بالأمر الجديد، فهناك شراكة استراتيجية قائمة بين البلدين، وتنامٍ ملحوظ في علاقات بعضهما بعضاً، ضمن معادلة «رابح-رابح».
وما من شكّ أن تعزيز التعاون بين المؤسسات الفكرية والأكاديمية بين الجانبين سيضيف رافداً جديداً ومهمّاً لتطوير وتعزيز هذه العلاقات الاستراتيجية المهمة، ويجعلها أكثر قوة وعمقاً في المستقبل.
ومن هنا، تأتي أهمية مبادرة معالي حسين إبراهيم الحمادي سفير دولة الإمارات لدى جمهورية الصين الشعبية، لتنظيم ورعاية المنتدى الأول لمراكز الفكر الإماراتية- الصينية بالتعاون مع تريندز وغيره من المؤسسات الفكرية، وهو نهج يتوافق تماماً مع سعي المركز واستراتيجيته لبناء شراكات بحثية فاعلة في جميع دول ومناطق العالم.
*الرئيس التنفيذي- تريندز للبحوث والاستشارات.