تسعى استراتيجية الأمن المائي لدولة الإمارات العربية المتحدة 2036 إلى ضمان استدامة المياه وتوافرها من دون انقطاع في كلٍّ من الحالات اليومية والطارئة. وتعتمد الدولة كثيراً على تحلية المياه حراريّاً لتلبية احتياجاتها من المياه، نظراً إلى ندرة الموارد المائية الطبيعية. وتوفر محطات التحلية في دولة الإمارات جزءاً كبيراً من إمدادات المياه، ولا سيَّما مياه الشرب التي يأتي معظمها (42 في المئة من إجمالي الاحتياجات المائية) من نحو 70 محطة تحلية رئيسية، تنتج ما يقارب 14 في المئة من المياه المحلاة في العالم.
وانطلاقاً من أن عملية تحلية المياه تستهلك كثيراً من الطاقة، وفي ضوء تزايد المخاوف البيئية، يبرز توجُّه قوي إلى دمج تقنيات تحلية المياه مع مصادر الطاقة المتجددة لتحقيق مستقبل أكثر استدامة. وعلى الرغم من ذلك، فإن مثل هذه الجهود تواجه تحديات، ولا سيما بالنظر إلى متطلبات الطاقة الكبيرة لعمليات التحلية مثل نظام التناضح العكسي. 
وأحد التحديات الرئيسية، هو عدم اليقين المرتبط بمصادر الطاقة المتجددة، مثل الطاقة الشمسية ذات الطبيعة المتقلبة، ما يستلزم استراتيجيات مرنة لإدارة الطاقة، لضمان إجراء عمليات تحلية موثوق بها. ولعل ما يجعل الأمور أكثر تعقيداً هو حساسية أغشية أنظمة التناضح العكسي للتغيرات في درجات الحرارة، التي من شأنها أن تؤثر في كفاءة إنتاج المياه، وجودتها. 
ما الحلُّ إذن؟
للتغلب على هذه العقبات طوَّر البحث العلمي نظاماً متكاملاً قادراً على حل مثل هذه التحديات، عن طريق التكيف مع التغيرات في درجات الحرارة، وتقلبات الطاقة المتجددة، وجعل الأنظمة أكثر مرونة. إن فَهْم كيفية تصرف أغشية تحلية المياه في ظل ظروف مختلفة أمر بالغ الأهمية لتحسين الكفاءة، وتقليل استهلاك الطاقة، وتقليل التأثير البيئي.
ومن جهة أخرى، واستكمالاً لهذه الجهود، فإن نموذج الاستجابة للطلب يمثل فرصة لتشجيع المستهلكين على تعديل سلوكيات استهلاكهم الكهرباءَ طواعيةً، وخاصة في ساعات الذروة، ما يسهم في تعزيز إدارة الطاقة. وكذلك يسمح التحول من نظام المشتري الواحد إلى سوق الكهرباء بالجملة للمستهلكين بالمشاركة على نطاق واسع في أسواق الكهرباء، ومزاداتها اليومية، إذ يمكنه ربط أسعار الكهرباء بالطلب الفعلي في مواقع محدَّدة بهذه السوق، ما يتيح للعملاء تلقي إشارات الأسعار، وضبط استهلاكهم وفقاً لذلك، وبهذا التفاعل الديناميكي يمكن الإسهام في استقرار أسعار الكهرباء.
ولعل تقديم الحوافز المالية بناءً على تعديلات الأحمال الفعلية مقارنةً بالأحمال الأساسية يشجع العملاء على المشاركة في برامج الاستجابة للطلب، ويحفزهم على تغيير عاداتهم الاستهلاكية، وتوجَد مجموعة متنوعة من خيارات الاستجابة للطلب، مثل استراتيجيات إدارة الأحمال، وتخزين الطاقة (بما في ذلك الهيدروجين)، وتحسين الموارد وأنظمة التناضح العكسي لتحلية المياه. وتتيح هذه الخيارات للعملاء تبني الاستراتيجيات التي تتوافق مع قدراتهم الفنية، وتفضيلاتهم المالية. كما يمكن إخطار العملاء بتعديل سلوكياتهم الاستهلاكية عند قبول عروض الاستجابة للطلب، ما يضمن تعديلات الحمل في الوقت المناسب بفاعلية.
إن دمج تقنيات تحلية المياه مع مصادر الطاقة المتجددة، وتعزيز الاستجابة للطلب، يمكن أن يسهما في خلق سوق كهرباء أكثر كفاءة وديناميكية، ونظام مياه وطاقة موثوق به، وصديق للبيئة، ما يعني التقدم خطوات حاسمة نحو الاستدامة.
*خريجة برنامج خبراء الإمارات 3، قطاع العلوم المتقدمة والأبحاث - النمو الاقتصادي
رئيس مختبر أبحاث العمليات الذكية، وأستاذ جامعي مشارك في جامعة خليفة.