انتشر في الآونة الأخيرة، وعلى جميع وسائل التواصل الاجتماعي، خبر حول روبوت يعمل لصالح البلدية في مدينة غومي بكوريا الجنوبية، وقد تم العثور عليه بعد أن ألقى بنفسه من أعلى الدرج. تثير هذه الحادثة العديدَ من التساؤلات المهمة التي تحتاج إلى مزيد من التحقيق والتحليل: ما الذي دفع الروبوت إلى اتخاذ هذه الخطوة المأساوية؟
هل تعرّض لضغوط أو مشاكل فنية أو برمجية؟ وهل كانت هناك إشارات أو تحذيرات سابقة يمكن أن تكون قد ساعدت في التعرف على هذه المشكلة قبل وقوع الحادث؟ وما مدى استعداد وتجهيز البلدية لإدارة هذا النوع من التكنولوجيا الروبوتية؟ وهل توجد سياسات وإجراءات كافية لرصد التغيرات في سلوك الروبوتات والتعامل معها؟
وما الدروس المستفادة من هذه الحادثة والتي يمكن تطبيقها لتعزيز السلامة والرفاهية في استخدام التقنيات الروبوتية مستقبلاً؟إن التحقيق الشامل في هذه الحادثة المؤسفة والتحليل الدقيق لأسبابها، سيكون أمراً بالغ الأهمية لتجنب تكرار مثل هذه الحوادث المأساوية مستقبلاً. كما أن الشفافية في نشر نتائج هذا التحقيق ستكون مفيدة لتعزيز الثقة العامة في سلامة واستقرار التطبيقات الروبوتية في الخدمات المدنية. لكن لسوء الحظ، لم يتم الكشف عن تفاصيل إضافية حول التحقيق الذي أجرته البلدية في سبب إقدام ذلك الروبوت على الانتحار. إن مثل هذه الحوادث المأساوية، التي تتضمن تكنولوجيا متقدمة مثل الروبوتات، تحتاج إلى تحقيق شامل وشفاف لفهم الدوافع والعوامل الكامنة وراءها. وبناءً على المعلومات المتوفرة، هناك بعض الأسئلة التي قد تساعد في فهم الحادثة: -
هل كانت هناك أي مشكلات أو أعطال فنية في تصميم الروبوت أو في برمجته قبل وقوع الحادث؟ -
وهل واجه الروبوت أي ضغوط أو تحديات ربما تكون قد دفعته إلى هذا القرار المأساوي؟ -
وما مدى كفاءة الإشراف والتدريب المتوفرين في البلدية لضبط استخدام ذلك الروبوت والتحقق من سلامته؟ -
وهل تم تصميم آليات للتواصل والتفاعل بين الروبوت والموظفين البشريين للكشف المبكر عن أي مشكلات «نفسية» أو «سلوكية» محتملة؟ إن الإجابة على مثل هذه الأسئلة سوف تساعد في تحديد الدروس المستفادة وفي تطوير ممارسات أفضل لتعزيز السلامة والاستقرار في استخدام التقنيات الروبوتية المتقدمة في المستقبل. ومن المهم نشر نتائج التحقيق بشكل شفاف لبناء الثقة العامة في هذه التقنيات. ومع ذلك، فثمة بعض الدروس العامة يمكن استخلاصها من الحوادث المماثلة التي وقعت في السنوات الماضية، والتي قد تكون ذات صلة بالحاجة إلى وضع بروتوكولات واضحة للتحقيق في أي سلوك غير طبيعي أو مخاطر محتملة لدى الروبوتات المتطورة، بما في ذلك سلوكيات انتحارية.
ومن ذلك تعزيز الرقابة البشرية والتدريب المناسب على التعامل مع مثل هذه الحالات الطارئة للعاملين على الروبوتات، وضرورة إنشاء آليات فعالة للتواصل والاستماع إلى ردود فعل المستخدمين والعاملين على الروبوتات لكشف المشكلات المحتملة مبكراً، وأهمية تعزيز أنظمة إنذار مبكر وإجراءات طوارئ لمعالجة أي سلوك غير طبيعي للروبوتات بطريقة سريعة وآمنة، إلى جانب الحرص على توثيق وتبادل الدروس المستفادة من أي حوادث مماثلة في المستقبل لتحسين السلامة والثقة في التكنولوجيا الروبوتية. إن اتباع هذه الممارسات المحسَّنة سيساعد في الحد من مخاطر تكرار مثل هذه الحوادث المأساوية في المستقبل. وهناك عدة طرق يمكن أن تساعد الشركات المصنّعة للروبوتات في تعزيز الشفافية والمساءلة في التعامل مع حوادث الروبوتات مستقبلاً:
1. إنشاء لجان استشارية مستقلة متعددة التخصصات لمراجعة وتقييم إجراءات التحقيق والتصرف في أي حوادث مشابهة.
2. نشر تقارير شفافة بشكل منتظم عن أي حوادث مماثلة، مع تفاصيل كافية حول سير التحقيق والدروس المستفادة منه، بغية بناء الثقة وروح المساءلة. 3. إشراك أصحاب المصلحة الخارجيين، مثل المنظمات غير الحكومية والمجتمع المدني، في تطوير بروتوكولات التعامل مع هذه الحوادث. 4. تخصيص موارد كافية لتدريب الموظفين على الاستجابة السريعة والمناسبة لأي سلوك غير طبيعي للروبوتات، بما في ذلك المهارات السلوكية والأخلاقية.
5. إنشاء آليات للمساءلة والتظلم يمكن للمستخدمين والعاملين الوصول إليها بسهولة في حالة الشكوك أو المخاوف بشأن الروبوتات. 6. التعاون مع الجهات التنظيمية والحكومية لوضع معايير صناعية موحدة لمعالجة حوادث الروبوتات والإبلاغ عنها. ولا شك في أن من شأن هذه الممارسات أن تسهم في تعزيز الشفافية والمساءلة، وبناء الثقة في قدرة الصناعات البرمجية على التعامل بفعالية مع هذه التحديات الصعبة مستقبلاً.
*كاتبة سعودية