يدخل دونالد ترامب، وجو بايدن في مناظرات تلفزيونية مرشحين معروفين على نطاق واسع، ويشتركان أيضاً في بعض النقاط الأخرى مثل ضعف الشعبية، لكن التزاماتهما الأكثر أهمية، بالنسبة لشاغل المنصب الرئاسي، وسجله فيما يتعلق بمعالجة التضخم، وبالنسبة للمنافس، تبدو معروفة جداً بحيث لا تستحق مزيداً من المناقشة حتى نرى ما يحدث على المسرح. ربما تنهار حملة بايدن بأكملها عندما يجيب على سؤال حول التضخم.

وربما يعلن ترامب المسؤولية الكاملة عن أعمال الشغب التي وقعت عام 2021 في مبنى الكابيتول. لكن قبل أن يواجه الرجلان هذا المصير أو غيره، يجدر بنا إلقاء الضوء على نقاط ضعفهما الثانوية الحاسمة، وهي الأماكن التي قد يتقوض فيها دعم كل مرشح بين الناخبين «الكارهين المزدوجين» (الكارهين لكلا المرشحين) الذين يعتبرون أن المسؤوليات الأساسية لكل مرشح تلغي التزامات الآخر. وبالنسبة لبايدن، فإن نقطة ضعفه تكمن في السياسة الخارجية، والحالة المتدهورة للنظام العالمي منذ أن أدى اليمين الدستورية.

كان هناك جدل لا نهاية له حول ما إذا كان حنين الناخبين لاقتصاد عصر ترامب مبرراً، أو ما إذا كان يسمح لترامب بالإفلات من مأزق الأزمة الاقتصادية التي أثارها فيروس كورونا لعام 2020. لكن الحنين إلى المشهد الجيوسياسي في عهد ترامب يبدو معقولاً تماماً: قبل هزيمته، لم تكن هناك حرب أوكرانية، ولم يكن هناك صراع وحشي في الأراضي الفلسطينية، واصطفاف أضعف للقوى المناهضة لأميركا بدلاً من التعزيز المتزايد من قبل منافسينا في روسيا والصين وإيران، وحتى كوريا الشمالية. ومن الواضح أن إدارة بايدن ستنكر مسؤوليتها عن هذه الأوضاع المتدهورة، وتجادل بأن بايدن تمكن من إدارة مجموعة من المواقف الصعبة للغاية بشكل أفضل مما كان سيفعله ترامب المتعاطف مع روسيا. وباعتباري مدافعاً عن الانسحاب من أفغانستان، على الرغم من تنفيذه الكارثي، ومدافعاً جزئياً عن محاولتنا الموازنة بين المخاطر والشرور في أوكرانيا، فإنني أشعر ببعض التعاطف مع المبررات الذاتية للبيت الأبيض. لكني أعتقد أيضاً أن الاستثمار الليبرالي في فكرة بايدن باعتباره المدافع الأكبر عن النظام الدولي الليبرالي ضد الانعزالية ورد الفعل، جعل من الصعب على «الديمقراطيين» أن يأخذوا في الاعتبار مدى الاستقرار الذي يبدو أن النظام الذي تقوده الولايات المتحدة يتمتع به في ظل سياسة ترامب الصارمة.

ويعني هذا التناقض أنه إذا كانت هناك حالة إيجابية لسياسة بايدن الخارجية، فلا يمكن تقديمها فقط من خلال تحذيرات روتينية حول كيفية قيام ترامب بتفكيك الناتو والسماح لأعدائنا بالتصرف بقسوة، ليس عندما يبدو هؤلاء الأعداء أكثر عدوانية في عهد بايدن مما كانوا عليه من قبل. ومن ناحية أخرى، لا تتعلق نقطة الضعف الثانوية الحاسمة التي يعانيها ترامب بسجله، بل بوعوده: على وجه التحديد، التزامه بفرض تعريفة جمركية شاملة بنسبة 10% على السلع المستوردة باعتبارها السياسة الاقتصادية المكلفة في فترة ولايته الثانية المحتملة. وعندما ترشح للرئاسة لأول مرة في عام 2016، كانت السياسة الحمائية لترامب جزءاً من الابتعاد بشكل عام عن السياسة التحررية لحزب الشاي وأجندة التقشف الخاصة بميت رومني وبول رايان، في مشهد حيث كان لأميركا فيه المساحة المالية للعمل، وكان من الممكن الوعد بتقديم كل المزايا الممكنة لموازنة تكلفة الحروب التجارية. ولكن في البيئة الحالية، يبدو وعد ترامب بعدم خفض الرعاية الصحية والضمان الاجتماعي وكأنه خبر قديم، وهو توقع من أنصاره.

ولا يوجد مجال كبير لتقديم هبات أخرى واعدة بمصداقية، سواء أكانت تخفيضات ضريبية جديدة أم إنفاقاً جديداً، في الوقت الذي لا يزال فيه التضخم مرتفعاً نسبياً.

وهذا من شأنه أن يسلط الضوء بشكل صارخ على التكاليف المباشرة المترتبة على فرض تعريفة بنسبة 10%، والتي قد تقع بشكل كبير على كاهل الطبقة المتوسطة المنهكة من التضخم. ويمكن التعويض عن بعض هذه التكاليف، وخاصة إذا كان المؤيدون الأكثر جدية لسياسة التعريفة الجمركية هم الذين صمموها. لكن هذه حجة معقدة، والحجج السياسية المعقدة ليست من نقاط قوة ترامب. لذا فالتعهد بالتعريفة الجمركية يمثل هدفاً سياسياً أشبه إلى حد كبير بالوعد الذي بذله جون ماكين بإلغاء الإعفاء الضريبي للتأمين الصحي الذي يقدمه أصحاب العمل في عام 2008، والذي نجح باراك أوباما في تصويره باعتباره زيادة ضريبية على الطبقة المتوسطة.

وبشكل خاص، عندما تجمع بين التعريفة الجمركية البالغة 10%، ووعد ترامب بالإبقاء على التخفيضات الضريبية الكبيرة على الشركات في ولايته الأولى أو حتى تعميقها: إن ارتفاع أسعار الطبقة المتوسطة وانخفاض معدلات الضرائب على الشركات يشكلان ركيزة مثالية لما كان منذ فترة طويلة الحملة «الديمقراطية» الأكثر فعالية ضد «الجمهوريين»، وهو النوع الذي يصور الحزب الجمهوري على أنه يسرق الطبقة الوسطى لمصلحة الأثرياء. فهل يستطيع بايدن النظر في هذه القضية بشكل مقنع، وبطريقة لا تذكّر الناخبين بسياساته التضخمية فحسب؟ أنا متشكك.

لكن بعد ذلك قد تشك أيضاً في قدرة ترامب على تقديم حجة ضد كفاح بايدن لاحتواء أعداء أميركا الذين لا يذكرون الناخبين بدوافعه السياسية. ومع كلا السؤالين، وكلا الشكوك، نعود إلى نقاط الضعف الأساسية لكل مرشح، والتي ستجري حتماً جميع المناظرات في ظلها بداية من أمس الخميس وما بعده. 

روس دوثات*

*محلل سياسي أميركي

*ينشر بترتيب خاص مع خدمة «نيويورك تايمز»