تولي دولة الإمارات ملف السلامة الغذائية اهتماماً كبيراً، لما له من تأثير مباشر في حياة الأفراد وصحتهم، بالنظر إلى كون السلامة الغذائية عنصراً أساسيّاً من عناصر منظومة الأمن الغذائي بمفهومه الأشمل. وهي تأتي على رأس أولويات الحكومة، انطلاقاً من حرص قيادة دولة الإمارات على صحة الإنسان وإسعاده، وهو ما يؤكده صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، حفظه الله، بقوله إن «الأمن الغذائي أولوية قصوى بالنسبة للدولة». وقد انعكس هذا الاهتمام الكبير من جانب الدولة في إرساء منظومة متطورة من الأنظمة الرقابية والتوعوية الرامية إلى تحقيق أفضل المعايير.
يأتي هذا الحديث، بمناسبة «اليوم العالمي لسلامة الأغذية»، الذي يُحتفل به هذا العام تحت شعار «سلامة الأغذية: تأهب لغير المتوقع»، ويهدف بحسب الأمم المتحدة، إلى جذب الانتباه، والتحفيز على اتباع إجراءات وأساليب علمية تحقق الوقايةَ من مخاطر الأغذية الملوثة أو الخالية من العناصر الغذائية ذات القيمة الغذائية والصحية للإنسان. وبحسب بعض الإحصائيات، فإن أكثر من 600 مليون شخص يتعرضون سنوياً لمخاطر تناول الأغذية الملوثة، التي قد تؤدي ببعضهم إلى الوفاة، فالأطعمة غير الآمنة قد تحتوي على البكتيريا، أو الفيروسات، أو الطفيليات، أو المواد الكيميائية الضارة التي تُسبِب أكثرَ من 200 نوع من الأمراض، من الإسهال إلى السرطانات. وقد خصصت مجموعة تواصل «اليوم العالمي لسلامة الأغذية» حزمة من الدعوات الرامية لتحقيق السلامة الغذائية تشمل: «ضمان سلامة الأغذية»، و«توخي السلامة في الزراعة»، و«المحافظة على سلامة الأغذية»، و«معرفة الأغذية السليمة»، ويتعين على الحكومات والمنتجين وشركات التسويق ضمان العمل بها. لقد حرصت دولة الإمارات على تطبيق أفضل الممارسات والمعايير الدولية لضمان سلامة الغذاء، بهدف حماية السكان، وتعزيز سمعة الدولة كوجهة آمنة وموثوق بها للمستهلكين، فهي تتبع نهجاً استباقياً، أسهم في تحقيق العديد من المستهدفات القائمة على أرقى وأحدث المعايير المعتمدة دولياً.
وفي هذا الإطار، يعمل عدد من الهيئات الرقابية والتوعوية المنتشرة في إمارات الدولة، بشكل مستمر، على تطوير التشريعات واللوائح الخاصة بسلامة الغذاء وتفعيلها، وطرح المبادرات التي تُشجّع المؤسسات والشركاتِ على تطبيق واتباع المعايير الدولية في مجال الجودة والسلامة الغذائية. ومن أحدث هذه الإجراءات والمبادرات العملية، إعلان هيئة أبوظبي للزراعة والسلامة الغذائية مؤخراً، ضوابط جديدة بشأن أخذ عينات الغذاء والعلف لأغراض الرقابة والتفتيش في إمارة أبوظبي، في مختلف مراحل السلسلة الغذائية وجميع مراحل تداول الغذاء والعلف في الإمارة. ويُعد مثل هذا القرار، مثالاً على تطور جهود حوْكمة إجراءات السلامة الغذائية وتحديث نظمها الرقابية، وترسيخ ثقافة سلامة وجودة الغذاء خلال جميع مراحل السلسلة الغذائية.
إن تطوير منظومة السلامة الغذائية، وتعزيز الوعي المجتمعي بسلامة الغذاء هو جزء من استراتيجية عامة، عملت دولة الإمارات على ترسيخها في مجال الأمن الغذائي، وهو أمر لم يقتصر على توفير الغذاء فقط، وإنما شمل اتباع نُظم غذائية وزراعية مستدامة تضمَن حماية الموارد، وتوظيف أحدث التقنيات العالمية في الإنتاج، وتحفز المواطنين بعد تأهيلهم وتدريبهم على ريادة الأعمال في مجال الزراعة الحديثة، من دون إغفال أهمية ربطهم بالجهات الممولة، ليتمكّنوا من إطلاق مشروعاتهم الزراعية التي تقدِّم لهم ولمجتمعهم الفائدة. وقد أنجزت دولة الإمارات عدداً كبيراً من الخطوات المهمة الرامية إلى رفع مستوى الوعي العام بالدور الحيوي لسلامة الأغذية في حماية الصحة العامة. ولا تدخر الأجهزة الرقابية وسعاً في العمل على تشجيع التعاون بين الشركاء المعنيين، فضلاً عن تعزيز الوعي بأهمية التدابير الاستباقية ودورها في منع الحوادث المتعلقة بسلامة الأغذية وآلية الاستجابة لها.
*صادرة عن مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية.