في عالم يتسارع فيه التغيير، وتتلاحق التحديات الجديدة، يظهر الابتكار في التشريع أداةً أساسية لقيادة التغيير وتحديث القوانين الدولية؛ وفي هذا السياق تبرز دولة الإمارات العربية المتحدة بصفتها قائدة لاستخدام الابتكار في التشريع؛ تعزيزاً لدورها في المجتمع الدولي، وتحقيقاً لأهداف التنمية المستدامة. 
وتثبت دولة الإمارات -بمسارها المتميز في تطوير التشريعات- أن الابتكار ليس مقتصراً على المجال التكنولوجي فحسب، بل يمتد إلى المجالين القانوني والسياسي أيضاً، إذ اعتمدت على مبدَأَي الريادة والتفاني في تحديث القوانين، وتكييفها مع تطلعات المجتمع ومتطلبات العصر، واتبعت منهج الابتكار في التشريع، وجعلته وسيلة للتغيير الإيجابي في القوانين الدولية، كما تبنت استراتيجية فعالة لتحقيق أهدافها، وتعزيز مكانتها على الصعيد العالمي. 

من التقليد إلى التحديث 

تاريخيّاً كانت القوانين تعتمد أساساً على العادات والتقاليد، ولكنْ مع تطور المجتمعات وزيادة تعقيدات العلاقات الدولية أصبح من الضروري تحديث القوانين، بما يتناسب مع المتغيرات الحديثة، وهنا تبرز دولة الإمارات بصفتها نموذجاً للتحول من المنهج التقليدي إلى منهج التحديث والابتكار في التشريع. 
وتشمل التغييرات القانونية التي أجرتها دولة الإمارات العربية المتحدة تعديلات في أكثر من 40 قانوناً، من بينها قانون الجرائم والعقوبات، وقانون مكافحة الجرائم الإلكترونية، وقانون مكافحة المواد المخدرة والمؤثرات العقلية، بهدف تعزيز البيئة الاقتصادية والبنية الاستثمارية والتجارية في دولة الإمارات، إلى جانب دعم أمن المجتمع واستقراره، وحفظ حقوق الأفراد والمؤسسات فيه على حد سواء. 

القيادة بالمثال 
تُعد دولة الإمارات رائدة في اعتماد الابتكار في التشريع أداةً لتعزيز التنمية والعدالة الاجتماعية، فقد اتخذت الدولة خطوات جريئة في تحديث قوانينها، لتعكس التطورات الحديثة وتلبي احتياجات المجتمع المتنوع. وعلى سبيل المثال، أصدرت دولة الإمارات قوانين عدة تتعلق بحقوق الإنسان وحماية البيئة، وأثبتت جدواها في تعزيز الاستقرار والازدهار. 
ومن هنا يتبين لنا أن دولة الإمارات العربية المتحدة إحدى الدول الرائدة على مستوى العالم في مجال الابتكار، ليس في المجالين التكنولوجي والاقتصادي فحسب، بل في مجال التشريع أيضاً، فهي تسعى جاهدة إلى إيجاد حلول قانونية جديدة تسهم في تعزيز التنمية، والتحول الاقتصادي والاجتماعي في البلاد. 

الشراكة والتعاون 

تبرز شراكة دولة الإمارات مع المؤسسات الدولية والمنظمات الحقوقية بصفتها وسيلة فعّالة لتعزيز التغيير في القوانين الدولية. وعن طريق المشاركة الفعّالة في المنتديات الدولية والتعاون مع الشركاء الدوليين، تسعى الدولة إلى تعزيز مبادئ العدالة وحقوق الإنسان على المستوى العالمي، وتؤكد التزامها بالمسؤولية والتعاون الدوليين لتحقيق أهداف التنمية المستدامة؛ وبذلك يتأكد لنا أن الدولة اتخذت خطوات جريئة في مجال حقوق الإنسان، وتُعد إحدى الدول القليلة التي شرعت زواج غير المسلمين فيها. 
ولا بدَّ في نهاية هذه المقالة من إبراز دور الإمارات العربية المتحدة على صعيد قيادة التغيير في القوانين الدولية، وجعلها مثالاً يُحتذى به في استخدام الابتكار في التشريع، ولا سيَّما أن دولة الإمارات تسعى بالتحديث المستمر والشراكات الدولية إلى تحقيق أهداف التنمية المستدامة، وتعزيز قيم العدالة والمساواة على الصعيد العالمي.

*مستشار قانوني في إدارة الشؤون القانونية - قسم التشريعات والشؤون الحكومية