إعلان تحطم المروحية التي كانت تقل الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي والوفد المرافق له شمال شرق إيران الأسبوع الماضي، في أجواء محافظة أذربيجان الشرقية وهي عائدة إلى طهران، أثارت قلقاً كبيراً ليس في الداخل الإيراني، بل أيضاً على الساحة الدولية.

وأصداء الحادث حشدت دعماً وتضامناً من دول المنطقة مع إيران، وضمن هذا الإطار، زار سمو الشيخ عبدالله بن زايد آل نهيان، وزير الخارجية، طهران، لينقل تعازي صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، حفظه الله، ومواساته في وفاة الرئيس الإيراني الراحل ومرافقيه، وأكد سموه، خلال لقائه معالي علي باقري كني، وزير خارجية الجمهورية الإسلامية الإيرانية المكلف تضامن دولة الإمارات مع إيران في هذه الظروف الصعبة، وثمّن سموه الجهود التي بذلها وزير الخارجية الإيراني الراحل حسين أمير عبداللهيان دعماً لمسار تعزيز العلاقات الثنائية بين البلدين.

كما قام زير الخارجية المصري سامح شكري بتقديم واجب العزاء في رحيل الرئيس الإيراني ومرافقيه، حيث وصل شكري إلى طهران في أول زيارة لوزير خارجية مصري إلى إيران منذ عام 1979، كما أن رسائل التعازي والتضامن من الدول العربية أكدت التعاون مع إيران في هذه اللحظة الصعبة التي مرت بها. كانت القوى الكبرى بانتظار النتائج الأولية للتحقيق، فتنفس الجميع الصعداء حينما تم الإعلان عن مسؤولية الأحوال الجوية عن تحطم المروحية.

وما يبعث على الاطمئنان هو الانتقال المؤسسي للسلطة في إيران، فبعد رحيل الرئيس إبراهيم رئيسي، بدأ الشارع الإيراني يتهيأ لانتخاب رئيس جديد للبلاد في غضون 50 يوماً، بعد أن تم تكليف النائب الأول لرئيس الجمهورية محمد مخبر من قبل المرشد الأعلى خامنئي بتولي مهام الرئاسة. هذه الخطوة تؤكد أن مسائل انتقال السلطة في إيران أصبحت محسومة وفقاً لمواد دستورية محددة ومؤسسات ينشئها الدستور وشخصيات يتم انتخابها وتصبح مخولة للبت في اتخاذ قرارات تتعلق بالسلطة وبانتخاب المستويات العليا، ومن ثم تحديد مناصب مهمة في البلاد كرئيس الجمهورية ونوابه والوزراء إلى آخر السلسلة نزولاً. والملاحظة الجديرة بالتأمل أن طهران لجأت إلى واشنطن «عدوتها»، ودعتها لدعم فرق الإنقاذ الإيرانية؛ نظراً لما تملكه القوات الأميركية من إمكانات تسهّل على إيران الوصول إلى موقع الطائرة، لكن الولايات المتحدة الأميركية لم تتمكن من تلبية النداء لأسباب لوجستية، بحسب تصريحات متحدث الخارجية الأميركية ماثيو ميلر، ما يعني أن التعاون خيار حتمي بين دول العالم، وأن أي صراع يظل مؤقتاً. إ

ن وقع وأثر حادثة تحطم طائرة الرئيس رئيسي كان كبيراً على إيران دولة وشعباً، خصوصاً أن رئيسي كان من ضمن الخيارات المحتملة لشغل منصب المرشد الأعلى. أما وزير الخارجية الإيراني الراحل أمير حسين عبد اللهيان، فهو أكثر من وزير خارجية؛ لأنه لعب دوراً في الآونة الأخيرة للتواصل والتقارب مع دول المنطقة، وكانت لديه دراية واسعة بعلاقات إيران بدول الخليج والمنطقة العربية عموماً.

بعد وفاة إبراهيم رئيسي، وما تلا ذلك من تحديد لموعد انتخابات رئاسية جديدة، يؤكد أن إيران لديها مؤسسات راسخة، ولهذا فإن منصب الرئاسة فيها لا يشكل رأس السلطة وقمة النظام حتى وإن كان يمثل السلطة التنفيذية في النظام السياسي الذي يرتكز على السلطات التنفيذية والتشريعية والقضائية؛ لأن الكلمة الفصل في السياسات العامة للدولة في يد المرشد الأعلى فقط.