يمثل اليوم العالمي للملكية الفكرية، الذي يحل في 26 أبريل كل عام، فرصة للحديث عن أهمية هذه القضية في دولة الإمارات، التي برزت منارةً للابتكار والإبداع في منطقة الشرق الأوسط؛ ويرجع ذلك إلى تدابيرها الشاملة والاستباقية في مجال دعم حقوق الملكية الفكرية وحمايتها، وتؤكد جهود الدولة في هذا الإطار التزامها التام برعاية الاقتصاد القائم على المعرفة، الذي يحفّز استخدام العلم والتكنولوجيات الحديثة لتحقيق النمو الاقتصادي وتسريعه.
وتكمن إحدى الركائز الأساسية في سعي دولة الإمارات إلى حماية الملكية الفكرية في إطارها القانوني الشامل؛ فقد سنَّت قوانين صارمة لتحقيق هذه الحماية، بما في ذلك براءات الاختراع، والعلامات التجارية، وحقوق التأليف والنشر، والتصميمات الصناعية؛ كما يوفر النظام القانوني في الإمارات آليات واضحة لتسجيل هذه الحقوق وإنفاذها؛ ما يوفر للمبتكرين المحليين والأجانب إطاراً موثوقاً به لحماية إبداعاتهم واختراعاتهم.
وتماشياً مع أفضل الممارسات العالمية بشأن حقوق الملكية الفكرية صادقت دولة الإمارات على العديد من الاتفاقيات الدولية؛ ومن أبرزها «الاتفاقية حول الجوانب التجارية لحقوق الملكية الفكرية» (تريبس)، التي تديرها منظمة التجارة العالمية. ومن خلال الانضمام إلى هذه الاتفاقية والمعاهدات الدولية الأخرى ذات الصلة تثبت الإمارات التزامها دعم المعايير العالمية لحماية الملكية الفكرية، وتعزيز بيئة مواتية للابتكار والإبداع.
وعلاوة على ذلك، فقد أنشأت الإمارات مؤسسات متخصصة مكلَّفةً بالإشراف على حقوق الملكية الفكرية. وتؤدي وزارة الاقتصاد، عبر إدارة الملكية الفكرية التابعة لها، دوراً مركزيّاً في صياغة السياسات، وزيادة الوعي بأهمية هذه الحقوق؛ وعلاوة على ذلك تعمل جمعية الإمارات للملكية الفكرية على مواجهة التحديات المتعلقة بالملكية الفكرية، وتعزيز النمو القائم على الابتكار.
وفضلاً عن التدابير القانونية والتنظيمية تدرك دولة الإمارات أهمية تعزيز النظم البيئية للابتكار لدعم تطوير الملكية الفكرية وتسويقها؛ إذ استثمرت بكثافة في إنشاء مجمعات تكنولوجية تزود رواد الأعمال والشركات الناشئة والشركات القائمة ببنية تحتية حديثة، ومرافق بحثية؛ ولا تعمل مجموعات الابتكار هذه على تحفيز الإبداع فحسب، بل تعمل أيضاً حاضنات للصناعات التي تعتمد على الملكية الفكرية بكثافة، مثل التكنولوجيا، والتكنولوجيا الحيوية، والتصنيع المتقدم.
كما نفَّذت حكومة الإمارات مبادرات تحفيزية مختلفة لتشجيع أنشطة البحث والتطوير، تشمل المنح وخطط التمويل التي تهدف إلى دعم الشركات والأفراد المشاركين في المشروعات المبتكرة. وتهدف الإمارات، عن طريق تحفيز الاستثمار في البحث والتطوير، إلى تعزيز قدرتها التنافسية على الساحة العالمية، ودفع عجلة النمو الاقتصادي المستدام.
ومن الجوانب المهمَّة الأخرى لجهود دولة الإمارات لدعم الملكية الفكرية تركيزها على التعليم والتوعية؛ إذ أطلقت، بالتعاون مع المؤسسات الأكاديمية وشركاء الصناعة، حملات تعليمية وبرامج تدريبية لتعزيز فهم الجمهور لحقوق الملكية الفكرية وأهميتها. وتستهدف هذه الجهود الطلاب والمهنيين ورجال الأعمال وعامة الناس؛ بهدف غرس ثقافة احترام الملكية الفكرية والسلوك الأخلاقي في الابتكار والممارسات التجارية.
واستكمالاً لما تقدَّم تشارك الإمارات بنشاط في التعاون الدولي لمكافحة انتهاك حقوق الملكية الفكرية. ومن خلال الشراكات مع المنظمات الدولية، ووكالات إنفاذ القانون، تعمل الدولة على تبادل أفضل الممارسات، وتعزيز التعاون عبر الحدود في مكافحة التقليد والقرصنة. ولا تحمي هذه الجهود التعاونية حقوق المبدعين والمبتكرين فحسب، بل تسهم في تعزيز بيئة أعمال آمنة وشفافة.
ومما لا شك فيه أن التزام دولة الإمارات حماية حقوق الملكية الفكرية يعكس رؤيتها بأن تصبح اقتصاداً قائماً على المعرفة ورائدة عالميّاً في مجال الابتكار. وعن طريق مجموعة من الأطر القانونية القوية، وبرامج الحوافز، ترسخ الإمارات الأساس المتين للتنمية الاقتصادية المستدامة المدفوعة برأس المال الفكري. ومن خلال حماية حقوق الملكية الفكرية لا تحمي الإمارات ثمار الابتكار فحسب؛ بل تعمل على تعزيز ثقافة الإبداع وريادة الأعمال والتقدم التكنولوجي التي ستشكل ركائز ازدهارها المستقبلي.
*صادرة عن مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية