كانت خدمتي في منصب نائب الرئيس في أكثر إدارة تأييداً للحياة في التاريخ الأميركي شرفاً ما بعده شرف. ومن بين كل الإنجازات التي حققناها، ربما كان أكثر ما يبعث على الفخر، في نظري، هو تصويت قضاة المحكمة العليا الذين قمنا بتثبيتهم لمصلحة إلقاء حكم المحكمة العليا في قضية «رو ضد ويد»، الذي يبيح الإجهاض في مزبلة التاريخ، منهين بذلك مهزلة قانونية أدّت إلى وفاة أكثر من 63 مليون أميركي لم يولدوا بعد.
ومنذ إلغاء هذا القرار، ألهمتني جهود الزعماء المؤيدين للحياة في مختلف الولايات عبر البلاد، بما في ذلك ولاية إنديانا، لتعزيز وسائل حماية قوية للأطفال الذين لم يولدوا والنساء المستضعفات، غير أنه إذا كانت قرابة نصف ولاياتنا قد تبنّت قوانين قوية مؤيدة للحياة، فإن بعض «الديمقراطيين» يواصلون دعم عمليات الإجهاض الممولة من دافعي الضرائب حتى لحظة الولادة في بقية البلاد.
ولهذا، أعتقدُ أن الوقت قد حان لاعتماد معيار وطني بحد أدنى يقيّد الإجهاض بعد 15 أسبوعاً من أجل إنهاء عمليات الإجهاض المتأخرة على صعيد البلاد. والواقع أن أغلبية الأميركيين يفضّلون شكلاً من أشكال التقييد على الإجهاض، ولا شك أن من شأن تمرير تشريع يحظر الإجهاض المتأخر أن يعكس هذا الرأي إلى حد كبير. وقد حاول «الديمقراطيون» في واشنطن تقنين الإجهاض حتى لحظة الولادة، ولكنهم فشلوا، غير أنهم سيحاولون مرة أخرى، بتطرف مماثل، إذا لم توضع قيود على الإجهاض على المستوى الفيدرالي.
وخلافاً لادعاءات «الديمقراطيين»، فإن حظر الإجهاض بعد 15 أسبوعاً أمر معقول تماماً.
فلئن كان «الديمقراطيون» غالباً ما ينظرون إلى أوروبا باعتبارها نموذجاً يحتذى في أميركا، فإن الغالبية العظمى من الدول الأوروبية تفرض قيوداً وطنية على الإجهاض الاختياري بعد 15 أسبوعاً. فألمانيا وبلجيكا، على سبيل المثال، لديهما حد أقصى يصل إلى 14 أسبوعاً، بل إن غالبية الدول الأوروبية تتبنى قيوداً أشد وأكثر صرامة، إذ تحظر كل من النرويج وسويسرا والدنمارك واليونان والنمسا وإيطاليا وأيرلندا الإجهاض بعد 12 أسبوعاً.
واللافت أنه فيما يتعلق بسياسة الإجهاض، تبدو أميركا اليوم أقرب إلى الصين الشيوعية وكوريا الشمالية منها إلى الدول الأوروبية. ولكن من خلال حظرها الإجهاض المتأخر بعد 15 أسبوعاً، يمكن لأميركا الابتعاد من الهامش الراديكالي، والعودة إلى التيار الغالب في الفكر والفقه الغربيين. ولهذا، فقد كان من المحبط جداً بالنسبة لي رؤية الرئيس السابق ترامب يتراجع عن قضية تأييد الحياة مؤخراً. فعلى غرار العديد من المدافعين الآخرين عن الحياة، شعرتُ بخيبة أمل عميقة عندما صرّح ترامب بأنه يعتبر الإجهاض قضية تخصّ الولايات فقط، وبأنه لن يوقّع على مشروع قانون يحظر الإجهاض المتأخر بعد 15 أسبوعاً من الحمل، حتى لو وصل إلى مكتبه.
والواقع أنني أدرك جيداً مدى التزامه بالحركة المؤيدة للحياة، خلال فترة ولايتنا. فمن منا يستطيع أن ينسى الكيفية التي أدان بها المرشحُ دونالد ترامب الإجهاضَ المتأخر أثناء مناظرة مع هيلاري كلينتون في 2016، مبرزاً كيف أنها بموقفها ذاك تسمح، و«الديمقراطيون» الآخرون للأطباء «بانتزاع الجنين من رحم الأم قبيل ولادة الطفل».
وفي 2018، وقبل تصويت لمجلس الشيوخ على حظر وطني للإجهاض بعد 20 أسبوعاً كان قد أقرّه مجلس النواب في وقت سابق، صرّح الرئيس ترامب علناً أنه «يدعم بقوة» الجهود الرامية إلى إنهاء الإجهاض المتأخر على صعيد البلاد، مع بعض الاستثناءات في حالات الاغتصاب، أو سفاح المحارم، أو وجود خطر على حياة الأم.
الآن، ترامب لم يتراجع عن هذا الموقف فحسب، ولكنه يقود «جمهوريين» آخرين، وينحرف بهم عن جادة الصواب. ومن الأمثلة الحديثة على ذلك «جمهوري» من ولاية أريزونا ترشح لمجلس الشيوخ وحذا حذو ترامب، إذ تعهد بمعارضة حظر فيدرالي على الإجهاض المتأخر. والحال أنه حينما لا يكون قادتنا ملتزمين بالحياة التزاماً قوياً، فإن الآخرين سيترددون أيضاً. فالشجاعة تشجع على التقليد، شأنها شأن الضعف.
وإذا كان بعضهم يشعر بقلق من التداعيات السياسية لتبني معيار وطني بحد أدنى بعد 15 أسبوعاً، فإن التاريخ أثبت أنه عندما ينتصر «الجمهوريون» للحياة دون اعتذار، ويُبرزون التباين بين مواقفنا المنطقية وتطرف اليسار المؤيد للإجهاض، فإن الناخبين يكافئوننا بانتصارات في صناديق الاقتراع. وبالفعل، فقد أعاد الناخبون بأغلبية ساحقة انتخاب حاكم ولاية أوهايو «مايك ديواين» وحاكم ولاية تكساس «غريغ آبوت» وحاكم ولاية جوريا «بريان كمب» بعد أن وقّعوا على مشاريع قوانين تحظر الإجهاض، بعد 6 أسابيع.
غير أن ما ينبغي أن يشغلنا أكثر بكثير من الحسابات السياسية المتعلقة بالإجهاض هو عدم أخلاقية إنهاء حياة إنسان لم يولد بعد. ذلك أنه في الأسبوع الخامس عشر من نمو الجنين، يكون وجه الجنين قد تشكّل بشكل جيد، وتصبح عيناه حساستين للضوء، ويصبح قادراً على مص إبهامه، وقبض يده وبسطها، ويبدأ في الحركة والتمدد ويكون مخلوقاً على الصورة التي أرادها له الله.
وخلاصة القول، إن هذا ليس الوقت المناسب للتنازل عن أي شيء في المعركة من أجل الحق في الحياة. وإذا كان الرئيس السابق قد أعلن عن تراجعه عن الحياة على الصعيد الوطني، فإنني أتضرع إلى الله أن يكتشف من جديد حب الحياة الذي ميّز سنواتنا الأربع في الحكم، وينضم مجدداً إلى الكفاح من أجل إنهاء الإجهاض المتأخر في أميركا بشكل نهائي، لأن شخصية أمّتنا، وحياة الأجيال التي لم تولد بعد تحتاج ذلك.
ينشر بترتيب خاص مع خدمة «نيويورك تايمز»