«مبادرة إرث زايد الإنساني» واستلهام قيم الخير والعطاء
تعزيزاً للقيم الإنسانية التي جسدها المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، وامتداداً لإرثه الإنساني وقيم العطاء والبذل التي كرسها بدعم العمل الإنساني في جميع أنحاء العالم، أمر صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان رئيس الدولة، حفظه الله، بإطلاق «مبادرة إرث زايد الإنساني» بقيمة 20 مليار درهم تُخصَّص للأعمال الإنسانية في المجتمعات الأكثر حاجة حول العالم، وذلك تزامناً مع «يوم زايد للعمل الإنساني» الذي يحل في التاسع عشر من شهر رمضان المبارك، وفي الذكرى العشرين لرحيل القائد المؤسس الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه.
وتهدف هذه المبادرة الإنسانية العالمية إلى توفير جودة حياة أفضل للمجتمعات الأكثر حاجةً إلى بناء مستقبل مزدهر وتحقيق التنمية المستدامة، وتؤكد التزام دولة الإمارات بالمساهمة في بناء المجتمعات النامية، عبر مشاريع خيرية وتنموية في شتى أنحاء العالم من شأنها أن توجد حلولاً دائمة لبعض المجتمعات في مواطنها، بما يُسهم في تحسين حياة الملايين ممن هم في أمسّ الحاجة إلى الدعم والمساندة، وهي رؤية متطورة للعمل الإنساني والتنموي لا تخرج به من نطاق الاقتصار على المساعدات المؤقتة، كالطرود الغذائية ومستلزمات الحياة اليومية.
ويأتي إطلاق «مبادرة إرث زايد الإنساني» في ظل الظروف الراهنة التي يشهدها العالم، حيث أصبح العمل الإنساني أمراً ضروريّاً أكثر من أي وقت مضى لمواجهة التحديات التي تفرضها الأزمات العالمية الاقتصادية والصحية، فهو ركيزة أساسية في مواجهة هذه التحديات وتحقيق الاستقرار والتنمية. وتجسد المبادرة الرؤية الإنسانية الشاملة التي تتبناها دولة الإمارات، وتسعى من خلالها إلى تعزيز مكانتها كقوة إنسانية عالمية تُسهم بفاعلية في تحقيق السلام والاستقرار والازدهار الشامل للبشرية جمعاء.
وفي الواقع، فإن «مبادرة إرث زايد الإنساني» التي أطلقها صاحب السمو رئيس الدولة، حفظه الله، هي واحدة من عناوين دولة الإمارات الإنسانية، وتأتي في وقت تمتد فيه أياديها البيضاء إلى كل مكان، ولا سيما إلى قطاع غزة، حيث يتعرض الشعب الفلسطيني هناك لظروف إنسانية بالغة القسوة.
فمنذ بداية الأحداث المؤلمة سارعت الإمارات إلى فعل ما يمليه الواجب والمبادئ والأخلاق والإرث الوطني، بتقديم المساعدات عبر وسائط متعددة، من خلال «الفارس الشهم 3»، وبعمليات مشتركة ضمن مبادرة «طيور الخير» مع مصر، أو بالإنزال الجوي المشترك مع الأردن، إضافة إلى تدشين الممر البحري إلى غزة عن طريق البحر من قبل «مؤسسة المطبخ المركزي العالمي» (وورلد سنترال كيتشين) ومنظمة «أوبن آرمز»، بالشراكة الوثيقة مع دولة الإمارات، وبدعم من قبرص.
ويُمكِّن هذا الممرُّ البحري منظمةَ أوبن آرمز وقبرص والإمارات والمطبخ المركزي العالمي من توسيع نطاق الجهود الإنسانية في غزة. ومما لا شك فيه أن الموقف الإنساني للإمارات في قطاع غزة، هو أحد ملامح الاستجابة الإنسانية طويلة الأمد، وهو استكمال لنهج راسخ في هذا المجال رآه العالم من قبل وما زال مستمراً، في السودان وسوريا وأوكرانيا.
وهناك صور مشرقة في الذاكرة عن جهود الإغاثة التي بذلتها دولة الإمارات العام الماضي في سوريا وتركيا والمغرب جراء الزلازل الهائلة، وكذلك الشأن في ليبيا إثر كارثة الإعصار «دانيال» في مدينة درنة.
لقد أصبحت دولة الإمارات مثالاً ومضرباً للمثل في مجال الجهود الإنسانية الإغاثية التي تنطلق من منظور إنساني بحت لا يُفرِّق في تقديم المساعدات للمحتاجين وفقاً لاعتبارات الدين أو القومية أو غيرها. وهذه الأرض الطيبة، التي بارك الله في قيادتها وشعبها، فاض خيرها على الجميع، وباتت منارة تشعّ بالتسامح والوسطية والاعتدال وفعل الخير في أسمى أهدافه ومعانيه.
*صادرة عن مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية.