يهتمُّ علم الأمراض -وهو أحد فروع الطب- بدراسة أسباب الأمراض، وتشخيصها، وفَهْم آلياتها، وتطورها. ويصعب شرح هذا التخصص الطبي الدقيق ببضع جمل مقتضبة؛ لِما يتصف به من تشعُّبات علمية، وعمق في التشخيص، وأثر في العلاج؛ ولكنْ يمكن أن نُلقي عليه نظرة سريعة، ونستعرض جزءًا من دوره الحيوي في العصر الحديث.
يُعنى علم الأمراض بالتشخيص المخبري للأمراض؛ إذ إنه قائم على فَهْم مسببات المرض، وكيفية تطوره، والتغيرات التي يُحدثها في الجسم. ويعتمد طبيب علم الأمراض في التشخيص على معاينة العضو أو النسيج المريض بالعين المجردة؛ لتقييم التحولات الطارئة عليه، أو ما تستثيره فيه من رد فعل وتغييرات تركيبية ووظيفية من التهاب أو تضخم أو ورم أو ضمور، وبناءً على ذلك تُؤخَذ عينات للفحص المجهري.
وتطوَّر هذا التخصص مع التقدم في علم الجينات؛ فأصبحت دراسة الطفرات الجينية جزءاً من التشخيص والتصنيف للأورام والأمراض الوراثية؛ ثم بلغ التخصص مكانته الكبيرة في الوقت الراهن مع اكتشاف المجهر، والتطور الحاصل في تجهيز الأنسجة للفحص المجهري باستخدام صبغات مختلفة؛ ما سهَّل معاينة الأنسجة، ودراستها. 
ولعلم الأمراض فروع كثيرة منها علم التشريح الذي ازدهر في عهد الأطباء الإغريق، وبرع فيه العالم المسلم ابن زهر (1072-1162م)، ولم يسهم في فَهْم أسباب الوفاة فقط؛ بل أصبح وسيلة لمعرفة أسباب المرض في الجسم، والتغيرات التي تصيب أي عضو فيه؛ فتغيرت بناءً عليه تصانيف الأمراض، وأدت إلى فَهْم أفضل لمسببات أمراض كثيرة، والوصول إلى أفضل العلاجات الممكنة وتيسيرها.
ورغم أن هذا العلم حديث نسبيًّا؛ فإن الجرَّاحين في عصور تطور الطب الإسلامي اعتمدوا على مبادئه في تشخيص الأمراض، مثل الالتهابات، والأورام، وتحديد نوع العلاج المطلوب من جراحة وغيرها؛ فجراحو الغدة الدرقية مثلاً استطاعوا التفريق بين الأورام الخبيثة والحميدة التي تصيب الغدة، عن طريق تقييم التغيُّر في ملمسها وعلاقتها بالأنسجة المجاورة لها. 
ومع التوسع العلمي الذي شهدته العقود الماضية، ظهرت تخصصات جديدة في علم الأمراض أكثر دقة وتحديداً، مثل علم أمراض الدم أو أورام الأطفال أو الجهاز الهضمي أو وغيرها.
ولهذا العلم دور حيوي في البحوث التي تسهم في تطور العلوم؛ إذ يُمثّل وعي طبيب علم الأمراض، وقدرته على قراءة النسيج المصاب مجهريّاً والمحفوظ على شريحة زجاجية، نقطة ثابتة في زمن قصَّة المرض؛ في حين أن استنباط صورة متكاملة لما كان عليه النسيج سابقاً، وكيف تغيَّر وصولاً إلى مرحلة المرض، يفتح أمام الأطباء أبواباً أخرى للمعرفة؛ ولهذا أصبح كثير من المتخصصين بعلم الأمراض جزءاً من فِرق علمية بحثية متنوعة الخبرات. 
ويتطلَّع أطباء علم الأمراض إلى تطورات جديدة مرتقبة في هذا العلم، بالتزامن مع الانتشار الواسع للذكاء الصناعي، والتقنيات التحليلية المتقدمة، وخوارزميات التعلم الآلي والنمذجة التنبئية من أجل الوصول إلى تشخيص أسرع وأدق، وتقديم العلاج الصحيح قبل استفحال المرض.
* أستاذ مشارك بقسم علم الأمراض بكلية الطب والعلوم الصحية بجامعة الإمارات، استشاري بعلم الأمراض بمستشفى توام