«جوجل».. وجهود رصد الميثان
أعلنت «جوجل»، التابعة لشركة ألفابت، عن شراكة مع صندوق الدفاع عن البيئة (EDF) للمساعدة في تتبع وتحديد انبعاثات غاز الميثان التي لاحظها القمر الصناعي «ميثان سات» MethaneSAT. يستخدم هذا التعاون الذكاء الاصطناعي وخبرة رسم الخرائط من إحدى شركات التكنولوجيا الأكثر نفوذاً في العالم، ويطبقها على بيانات من قمر صناعي عالي الطاقة مخصص لمراقبة بعضٍ من أكثر انبعاثات غازات الدفيئة تدميراً والتي يمكن تجنبها في العالم.
والهدف هو تحديد الفرص المتاحة لتقليل الانبعاثات بشكل أفضل، والقيام بإجراءات مناخية أكثر عدوانية من جانب الحكومات ومشغلي الوقود الأحفوري، والتي التزم الكثير منها بتخفيضات كبيرة بحلول عام 2030. وقال ستيف هامبورج، كبير العلماء في EDF: «تتمثل مهمتنا في مساعدة البلدان والشركات والمجتمعات على تتبع الانبعاثات وخفضها بشكل أسرع مع توثيق التقدم الذي تحرزه». وأضاف: «يتعلق الأمر أيضا بالمساءلة، مما يمنح صانعي السياسات والمستثمرين والجمهور قدرة غير مسبوقة على رؤية تلك النتائج ومقارنتها».
وقد أعلنت الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي والصين عن جهود في العام الماضي لتعزيز مراقبة غاز الميثان والإبلاغ عنه في محاولة للحد من الانبعاثات. كما تعهدت أكثر من 150 دولة بخفض الانبعاثات العالمية من غازات الدفيئة القوية بنسبة 30% بحلول نهاية هذا العقد مقارنة بمستويات عام 2020 كجزء من التعهد العالمي بشأن غاز الميثان، كما تعهد 50 من أكبر منتجي النفط والغاز في العالم في مؤتمر المناخ (كوب 28) بخفض انبعاثات غاز الميثان بشكل كبير بحلول عام 2030.
سيستخدم العلماء في وحدة EDF الحوسبة السحابية والتخزين من شركة جوجل لتشغيل خوارزمية على عمليات رصد الأقمار الصناعية من القمر الصناعي «ميثان سات» لتحديد إصدارات الغاز وتتبع الانبعاثات إلى مصدرها. يعد عزو انبعاثات غاز الميثان إلى أجزاء فردية من البنية التحتية والشركات أمراً صعباً لأن بعض المشغلين والحكومات لا يكشفون عن ملكية المعدات أو أنواعها.
وللمساعدة في ذلك، سيقوم نفس فريق «جوجل» الذي يقف وراء خدمات رسم الخرائط الأخرى مثل خرائط جوجل، و«ستريت فيو» و«ويز» باستخدام الذكاء الاصطناعي لتحديد البنية التحتية للنفط والغاز مثل منصات الآبار أو صهاريج التخزين - وكلها يمكن أن تُحدث تسريباً - في بيانات الأقمار الصناعية.
وقال «يائيل ماجواير»، رئيس فريق الاستدامة الجغرافية في جوجل، خلال المؤتمر الصحفي: «بمجرد أن نحصل على هذه الخريطة، يمكننا أن نغطي بيانات الميثان». وهذا سيوفر «فهماً أفضل بكثير لأنواع الآلات التي تساهم بشكل كبير في تسرب غاز الميثان». يعد الميثان، الذي لا يرى بالعين البشرية، هو المكون الأساسي للغاز الأحفوري، وله قدرة تدفئة تزيد بأكثر من 80 مرة على قوة ثاني أكسيد الكربون خلال السنوات العشرين الأولى من وجوده في الغلاف الجوي.
ويُنظر إلى وقف انبعاثات الغاز من الوقود الأحفوري على نطاق واسع باعتباره أحد أرخص وأسرع الطرق للحد من ظاهرة الاحتباس الحراري على المدى القصير، مما يوفر الوقت لإجراء التخفيضات الكبيرة في ثاني أكسيد الكربون اللازمة لتجنب أضرار مناخية خطيرة. غالباً ما تمثل انبعاثات غاز الميثان الصادرة عن مشغلي النفط والفحم والغاز مفاضلة بين الأرباح والمناخ. على الرغم من أنه من الممكن التخلص من الغالبية العظمى من الانبعاثات، إلا أن القيام بذلك قد يؤدي إلى زيادة التكاليف على المدى القصير وإبطاء الإنتاج. على سبيل المثال، تقوم مناجم الفحم تحت الأرض بإطلاق غاز الميثان بشكل نشط بعد إطلاق الغاز من طبقات الصخور لتجنب الانفجارات.
لكن القليل منهم يستخدم تقنية الالتقاط المتاحة. يقوم مشغلو الغاز بشكل روتيني بتصريف غاز الميثان عندما يحتاجون إلى تفريغ أنبوب لجعله آمناً للإصلاحات، على الرغم من أن معدات إعادة الضغط يمكن أن تقلل من هذه الانبعاثات. لا يتم الإبلاغ بشكل كافٍ عن انبعاثات غاز الميثان من الوقود الأحفوري.
ووجد علماء EDF أن الانبعاثات الناتجة عن عمليات النفط والغاز الأميركية كانت أعلى بنسبة 60% من مخزونات وكالة حماية البيئة المقترحة في دراسة عام 2018، وتشير الأدلة التجريبية الجديدة باستخدام عمليات رصد الأقمار الصناعية إلى أن غاز الميثان الناتج عن عمليات النفط والغاز العالمية أعلى بنسبة 30% من الأرقام المبلغ عنها للأمم المتحدة بموجب اتفاق باريس. على الرغم من التزامات كل من الشركات والحكومات بخفض الانبعاثات، فإنه ليس من الواضح أن المزيد من البيانات ستؤدي بالضرورة إلى خفض الانبعاثات في غياب تنظيم أقوى.
كانت عمليات رصد غاز الميثان عبر الأقمار الصناعية متاحة منذ سنوات، والعديد من النقاط الساخنة في العالم، مثل مناجم الفحم في مقاطعة شانشي الصينية وعمليات النفط والغاز في حوض بيرميان في الولايات المتحدة، معروفة جيداً وتستمر في إطلاق كميات هائلة من الغاز.
ووفقاً لتحليل بيانات الأقمار الصناعية من شركة «كايروس ساس»، الصادر في ديسمبر2023، لم يكن هناك انخفاض عام في انبعاثات غاز الميثان من أحواض الوقود الأحفوري في العديد من أكبر منتجي النفط والفحم والغاز في العالم الموقعين على التعهد العالمي لغاز الميثان، باستثناء حوض بوين في أستراليا، واستخدمت الدراسة عمليات رصد الأقمار الصناعية وفحصت معدلات الانبعاثات منذ عام 2020.لا يتقبل المشغلون دائماً بيانات الأقمار الصناعية الجديدة التي تكشف عن انبعاثاتهم.
وقد تراجعت بعض الشركات، بما في ذلك شركة بتروليوس مكسيكانوس، عملاق الطاقة المملوك للدولة والمعروفة باسم بيميكس، عن العلوم المقبولة على نطاق واسع وتقارير مراجعة النظراء التي وثقت التسريبات، بحجة أن الباحثين أخطأوا في فهم النيتروجين أو بخار الماء على أنه غاز الميثان في بيانات الأقمار الصناعية.
المرصد الدولي لانبعاثات الميثان، وهو جهد تدعمه الأمم المتحدة للحد من انبعاثات الميثان، قد قام بإخطار أصحاب المصلحة بشأن 127 انبعاثاً في الفترة من مارس إلى نوفمبر من العام الماضي، لكنه لم يتمكن إلا من التحقق من توقف الانبعاثات إلا في حالة واحدة فقط. لاحظت المجموعة انقطاعات أخرى لكنها لم تتلق معلومات كافية للتحقق من الإجراءات المحددة التي اتخذها المشغلون. قال ماجواير من شركة الفابت: «نعتقد أنه باستخدام هذه الأدوات يمكننا تمكين الشركات والقطاع العام بالتكنولوجيا والمعلومات لاتخاذ إجراءات جماعية».
آرون كلارك*
*صحفي لدى بلومبيرج يكتب عن تأثير مصادر الطاقة عن التغير المناخي.
جيسيكا نيكس**
**صحفية لدى بلومبيرج.
ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست لايسنج آند سينديكيشن»