عادت مراوح الطائرة المسيّرة إلى الدوران، وأصبحت غير واضحة مع زيادة سرعتها، وملأت الهواء بأزيز ميكانيكي. وفي غضون ثوان، كانت الآلة الكبيرة الشبيهة بالحشرة ترتفع عالياً فوق منطقة قاحلة إلى حد كبير من التربة الطينية الحمراء - وهي واحدة من العديد من بقع التربة التي تمتد مثل الندوب عبر التلال المتموجة في الجزء الجنوبي من جزيرة «جوام» غرب المحيط الهادئ، وهي أرض أميركية تقع في مجموعة جزر ماريانا. وبينما كان المشغِّل يناور بالآلة في السماء باستخدام وحدة تحكم محمولة، خرجت العشرات من الكرات الصغيرة ذات الألوان الترابية من جزء متصل بأسفل الطائرة من دون طيار، وتساقطت على المناظر الطبيعية بالأسفل.

وكانت كل كتلة مليئة بالبذور. حاول الباحثون وجيوش من المتطوعين استعادة المناظر الطبيعية الخصبة تاريخياً في جزيرة المحيط الهادئ. لكن من دون قدر كبير من النباتات الأصلية، تتآكل التربة المكشوفة بسبب الأمطار الغزيرة، مما يحول الأنهار والجداول إلى اللون الأحمر بسبب الرواسب التي يمكن أن تلوث مصادر مياه الشرب وتخنق الشعاب المرجانية في اتجاه مجرى النهر.

قد يستغرق الأمر عدة ساعات من المشي لمسافات طويلة للوصول إلى بعض المناطق المتآكلة. وفي الوقت نفسه، ومع تغير المناخ، تتعرض الجزيرة لعواصف أكثر شدة، بما في ذلك إعصار «ماوار» الكبير في مايو، وهو أحد أسوأ الأعاصير التي تضرب الجزيرة منذ عقود. يقول «أوستن شيلتون»، الذي يشرف على مشروع يسمى استعادة مستجمعات (مساقط) المياه في جوام (GROW): «لقد قمنا بزراعة آلاف وآلاف الأشجار.

ولكن لا يزال هذا غيض من فيض». وهو يأمل أن تساعد الطائرات من دون طيار في تعزيز تقدم فريقه. من غرب الولايات المتحدة إلى أستراليا، بدأ مديرو الأراضي في بَذر مسيرات لنشر البذور على المناطق التي دمرتها حرائق الغابات والفيضانات، أو التي تُركت قاحلة بسبب قطع الأشجار والأنشطة البشرية الأخرى.

ووفقا لمعهد الموارد العالمية، خسر الكوكب 4.1 مليون هكتار من الغابات الاستوائية الأولية في عام 2022، أو ما يعادل 11 ملعب كرة قدم من الغابات في الدقيقة. في حين أن البذر الجوي ربما لن يحل محل طرق إعادة التشجير الأخرى، إلا أن بعض الخبراء يقولون إن هذه التكنولوجيا يمكن أن تحسن الوصول إلى التضاريس الجبلية، وتنشر بسرعة العديد من البذور أكثر من الزراعة اليدوية.

تقول إحدى الشركات، على سبيل المثال، إن مسيراتها يمكنها زرع ما يصل إلى 60 هكتاراً يومياً. في ظل تضاريسها المتنوعة، يمكن أن تكون جزيرة جوام مكاناً مثالياً هذه الطريقة الواعدة. وقال شيلتون، مدير مركز استدامة الجزر والمنح البحرية بجامعة جوام: «سنعتني بجوام. وبمجرد أن تصبح التكنولوجيا جاهزة، سنكون قادرين على مشاركتها مع جميع جيراننا في الجزر الذين لديها مشكلات مماثلة لمشكلتنا».

عندما انضم «تيدي لي كونسيبسيون» إلى فريق مشروع استعادة مستجمعات المياه في جوام (GROW) في عام 2019، كان يعلم أن المهمة لن تكون بسيطة. فقد تعرضت مساحات كبيرة من الأراضي التي كانت خضراء في جنوب جزيرة جوام للدمار بسبب الحرائق المتعمدة، وممارسات التنمية السيئة والمركبات على الطرق الوعرة، فضلاً عن غزو الحيوانات بحثاً عن الطعام عبر المناظر الطبيعية. يقول كونسيبسيون وآخرون إن الحرائق، التي غالباً ما يشعلها صيادو الغزلان لإزالة النباتات وتسهيل اكتشاف الفرائس، تسببت في أكبر قدر من الضرر.

وأضاف: «حرائق الغابات ليست طبيعية في نظامنا البيئي والنباتات في جوام ليست معتادة على ذلك، لذا فهي معركة شاقة. فمن الصعب استعادة النباتات التي نفقدها أثناء الحريق».

وقد عانى العديد من سكان القرى الجنوبية في جوام آثار تجريد الأراضي. وبدون الغطاء النباتي الذي يساعد على تثبيت التربة في مكانها عند هطول الأمطار، تجرف الرواسب باتجاه مجرى النهر ويمكن أن تعطل العمليات في إحدى محطات معالجة المياه الرئيسية في جنوب الجزيرة.

وقد أدى التعكر إلى انقطاع المياه، مما ترك الناس من دون مياه مؤقتاً، وزيادة تكاليف الحفاظ على جودة المياه. تقول «إيفانجلين لوجان»، كبيرة المحللين التنظيميين في هيئة جوام لمحطات المياه ورئيسة لجنة جوام للتكيف مع تغير المناخ، إن معالجة تآكل الغطاء الأخضر في المناطق المرتفعة يمكن أن تساعد في «ضمان حصولنا على نوعية مياه جيدة وليس فقط كمية المياه. لا نريد دائماً أن تكون لدينا تربة في أنهارنا».

في حين أن الهدف هو استعادة جميع مستجمعات المياه في الجزيرة، فقد ركز الباحثون حتى الآن على موقع مساحته 25 فداناً تقريباً داخل مستجمع مياه نهر أوجوم، والذي يغطي ما يقدر بـ 5000 فدان من الأراضي.

على مدى السنوات القليلة الماضية، قام المتطوعون وموظفو الجامعة بزراعة أكثر من 14500 شجرة ونبات محلية وغير محلية في الموقع - معظمها يدوياً، لكن طريقة إعادة التشجير هذه غالباً ما تكون شاقة. في الوقت الحالي، يستخدم فريق «GROW» في المقام الأول طائرة من دون طيار لإجراء تجارب البذر، على أمل توسيع البرنامج ليشمل أسطولاً كاملاً من أجهزة زرع البذور.

يعمل أعضاء الفريق على تحديد أفضل النباتات وتكوين كرات البذور لإعادة التشجير. وهم يعرفون الآن، على سبيل المثال، أن أشجار السنط، رغم أن جزيرة جوام ليست هي موطنها، تعتبر مثالية لإعادة زراعتها في الأراضي الوعرة، لأن البكتيريا المثبتة للنيتروجين الموجودة في جذورها تمكن الأشجار من النمو في التربة المتدهورة. ومع ذلك، يقول أعضاء الفريق إنهم يشهدون تقدماً. وفي أجزاء من الموقع، نمت أشجار السنط القديمة التي زرعها الفريق لتصبح بساتين كثيفة - ما أدى إلى تحويل المناظر الطبيعية القاحلة سابقاً.

أليسون تشيو*

صحفية متخصصة في الحلول المناخية.

ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست لايسنج آند سينديكيشن»»