تواصل دولة الإمارات إطلاق المبادرات الهادفة إلى تعزيز العمل المناخي، لتؤكد بذلك الأولوية المطلقة التي تحظى بها قضايا الاستدامة والحفاظ على البيئة بالتزامن مع استعداد الدولة لاستضافة مؤتمر الأطراف في اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ «كوب 28» في نهاية الشهر الجاري، وذلك من أجل تعزيز الجهود الخاصة بتحقيق الحياد المناخي، ونشر الوعي اللازم بشأن التأثيرات السلبية لظاهرة التغير المناخي، وتداعياتها. ومن هذا المنطلق، تم مؤخراً إطلاق «ميثاق الانتقال إلى الحياد المناخي» من قبل رئاسة «كوب 28»، ضمن مبادرة تهدف إلى تشجيع شركات القطاع الخاص على اتخاذ إجراءات فعالة لمواجهة تداعيات تغير المناخ، والالتزام بتعزيز الشفافية والنزاهة في تطبيق تعهداتها فيما يخص تحقيق الحياد المناخي. ومن المهم التأكيد في هذا الإطار على أنه سيتعين على جميع المؤسسات التي تنضم إلى الميثاق أن تلتزم بوضع أهدافٍ لتحقيق الحياد المناخي، وأهداف مرحلية أخرى تتسم بالمصداقية والشفافية، وتحافظ على إمكانية تفادي تجاوز ارتفاع درجة حرارة الأرض مستوى 1.5 درجة مئوية، وهذه أولويات شديدة الحيوية.

ويُمثل «ميثاق الانتقال إلى الحياد المناخي» خطوة ملموسة ضمن جهود الإشراف والمتابعة الخاصة باتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ، ويأتي إطلاقه ضمن عدد من المبادرات الأخرى المماثلة التي تم تدشينها مؤخراً، مثل «ميثاق حكومات الحياد المناخي 2050»، ومبادرة «تحالف القرم من أجل المناخ - زراعة 700 ألف شجرة قرم»، وغيرها من المبادرات والمشاريع البنَّاءة الرامية إلى تحقيق مستهدفات مؤتمر «كوب 28»، خاصة أن رئاسة المؤتمر قد دعت إلى اتِّباع نهج تعاوني لخفض الانبعاثات بنسبة 43% خلال السنوات السبع المقبلة، يتضمن إسهامات القطاعات الحكومية والخاصة والخيرية كافة، للوصول إلى هذا الهدف بصورة فعالة.

وقال معالي الدكتور سلطان أحمد الجابر، وزير الصناعة والتكنولوجيا المتقدمة رئيس مؤتمر «كوب 28»، إن «ميثاق الانتقال إلى الحياد المناخي» يدعم قدرة الشركات على اتخاذ إجراءات فعالة للوصول إلى الحياد المناخي، ويرصد تقدمها في هذا المسار عبر التزامها بآليات الإشراف والمتابعة، مشيراً إلى أن الشركات بإمكانها الاستفادة من نقاط قوتها لتعزيز الأهداف المناخية الجماعية، وتقديم المساعدات المطلوبة في إيجاد حلول عبر كل ركائز خطة عمل المؤتمر، التي تشمل تسريع إنجاز انتقال منظم ومسؤول وعادل ومنطقي في قطاع الطاقة، وتطوير آليات التمويل المناخي، وحماية البشر والطبيعة وتحسين جودة الحياة وسُبل العيش وضمان احتواء الجميع بشكل تام.

ومما لا شك فيه أن مشاركة القطاع الخاص في مجال تعزيز العمل المناخي، وعدم اقتصار ذلك على المؤسسات الحكومية، هو أمر بالغ الأهمية والحيوية، حيث يشارك هذا القطاع بنحو 80% من الناتج المحلي الإجمالي على مستوى العالم، ويستهلك الجزء الأكبر من الطاقة، ويتسبب بحدوث النسبة الأكبر من الانبعاثات عالمياً. ويمكن من خلال تطوير علاقات التعاون بين رئاسة «كوب 28» والقطاع الخاص بشكل مُطَّرد فتح قنوات حوار وتشاور، تسهم في تطوير آليات عمل المؤتمر.

وفي الواقع، فإن «ميثاق الانتقال إلى الحياد المناخي» يندرج تحت مظلة «المبادرة الاستراتيجية للحياد المناخي 2050» التي تمثل محركاً وطنيّاً يرمي إلى خفض الانبعاثات وتحقيق الحياد المناخي بحلول عام 2050، بما ينسجم مع أهداف «اتفاق باريس للمناخ» لتحفيز الدول على إعداد واعتماد استراتيجيات طويلة المدى لخفض انبعاث الغازات الدفيئة، والحد من ارتفاع درجات حرارة الأرض، وذلك على النحو الذي يحد بشكل فاعل من التأثيرات السلبية للتغيرات المناخية.

*صادرة عن مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية.