ما زلنا نتحدث عن «منتدى الاتحاد» الثامن عشر الذي عقد في أبوظبي وكان في دورته المذكورة تحت عنوان «كوب 28.. رسالة الإمارات لإنقاذ الكوكب»، وقد تناولنا نحن المشاركين في جلساته مواضيع شتى لتشخيص الأزمة المناخية ولمحاولة إيجاد حلول تنقذ الكوكب والبشر والنباتات والحيوانات من ويلات الاحتباس الحراري، أو باختصار من «المجزرة المناخية» التي هي من فعل البشر ونتيجة أنانية الدول الصناعية الأكثر تلويثاً للطبيعة.
ولا عجب في أن نرى الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو جوتيريش خلال الملتقيات الدولية حول المناخ يدعو إلى ضرورة الضغط على الدول لتعزيز جهود مكافحة الاحتباس الحراري، وخصوصاً الولايات المتحدة والصين باعتبارهما البلدين الأكثر تلويثاً في العالم، مشيراً إلى أن البشرية باتت أمام خيار العمل معاً أو «الانتحار الجماعي».
ومنذ مدة، اختتمت قمة أفريقية للمناخ بتبني «إعلان نيروبي» المشترك الذي «سيشكل أساساً لموقع أفريقيا في عملية مكافحة تغير المناخ العالمية»، وفق النسخة النهائية للوثيقة. وفي هذه القمة دافع المشاركون عن ضرورة تسريع التحول إلى الطاقة النظيفة في أفريقيا، حيث يعد السكان من الأكثر تأثراً بتغير المناخ. وفي بيانها الختامي، طالبت الدولُ الأفريقيةُ المجتمعَ الدولي بالمساهمة في «زيادة قدرة إنتاج الطاقات المتجددة في أفريقيا من 56 غيغاوات في عام 2022 إلى ما لا يقل عن 300 غيغاوات بحلول عام 2030 (...) لمكافحة الافتقار إلى الطاقة وتعزيز الإمدادات العالمية من الطاقة النظيفة والمربحة».
واقترحت هذه الدول إنشاء «هيكل تمويلي جديد يتكيف مع احتياجات أفريقيا، بما في ذلك إعادة الهيكلة وتخفيف عبء الديون» التي تلقي بعبء ثقيل على اقتصاداتها.
وخلال الجلسة الختامية لقمة «ميثاق مالي عالمي جديد» التي كانت قد عُقدت في باريس منذ أشهر، جرت مطالبات بترجمة الطروحات المنبثقة عن مؤتمر الأطراف للمناخ الأخير (كوب 27) المنعقد في نوفمبر الماضي في مصر، إلى أرض الواقع، قبل موعد المؤتمر المقبل المرتقب تنظيمه في الإمارات نهاية نوفمبر المقبل.
لكن للأسف لم يقع شيء مما كان منتظراً، كل ما هنالك أن الدول الصناعية وضعت الصيغة النهائية لتعهد متأخر بقيمة 100 مليار دولار لتمويل مكافحة تغير المناخ في الدول النامية. ورغم أن هذا التعهد أقل بكثير من الاحتياجات الفعلية للدول الفقيرة، فإنه أضحى رمزاً لإخفاق الدول الغنية في تقديم الالتزامات المالية لمكافحة تغير المناخ كما بات بمثابة اعتراف ضمني بفشل العمل العالمي المشترك.
إن الجانب المالي، لا سيما مساعدة الدول الغنية للدول الفقيرة التي أصبحت عرضةً لتداعيات التغير المناخي المدمرة رغم أنها ذات مسؤولية محدودة جداً في ما يخص انبعاثات غازات الدفيئة، من أكثر الجوانب الصعبة في مؤتمرات المناخ. وتُقدَّر أضرار الدول النامية جراء التغير المناخي بعشرات المليارات، ويُتوقّع أن تستمر في الارتفاع، فالفيضانات التي غمرت ثلث باكستان قبل حوالي سنة ونصف سنة تسبّبت وحدها بخسائر تجاوزت 30 مليار دولار أميركي.
*أكاديمي مغربي